كشف موقع All That Is Interesting الأمريكي عن دراسةٍ جديدةٍ نُشِرَت في دورية Climate of the Past أن الرومان القدماء أثَّرَوا بصورةٍ ملحوظةٍ على مناخ أوروبا في العصور الغابرة.
دراسة تقول إن الرومان القدماء أثروا في المناخ الأوروبي
وكشف الموقع أن توليد السخام وإطلاق الكربون عبر حرق كمياتٍ هائلةٍ من المواد العضوية، وتطهير الأراضي للزراعة، تسببت في خلق كميات كبيرة من التلوث الجوي، ما عمل ذلك على خفض درجة حرارة أوروبا بنحو 0.3 درجةٍ فهرنهايتيةٍ (0.17 درجةٍ مئوية).
وفيما يُعَدُّ هذا اكتشافاً مذهلاً، لكن الواقع يقول غير ذلك، وبكلماتٍ أخرى، فإن الرومان غير مدينين بشيءٍ للإنسانية في عام 2019. ففي الواقع، فإن انخفاض الحرارة الناتج عن التلوث الجوي الذي تسببوا فيه كان غير مؤثرٍ على الإطلاق؛ إذ دخل المناخ في مرحلةٍ من ارتفاع الحرارة خلال فترة ازدهار الإمبراطورية الرومانية بين عامي 250 قبل الميلاد، و400 للميلاد.
وبغض النظر، فإن الدراسة تُعَدُّ بياناً متعقلاً لتأثير الإنسانية على محيطها في أوروبا وجنوب شرق آسيا قبل 7000 عام.
أوضحت أنينا غيلغن، من المعهد الفيدرالي للتكنولوجيا في زيوريخ بألمانيا، قائلةً: "لقد بحثنا للمرة الأولى عمَّا إذا كان للانبعاثات الغازية التي يتسبَّب فيها الإنسان أثرها على المناخ منذ زمنٍ كبير".
كانت غيلغن وفرقها قد أخذوا معلوماتٍ موجودةً حول مساحة الأراضي التي كان الرومان القدماء يستخدمونها للزراعة، وعدد البيوت والمحال الأخرى التي ملأت أراضيهم، لتوقُّع مقدار التلوث الجوي الذي أحدثته الإمبراطورية من الأراضي التي طهروها.
بعد ذلك أخذوا تلك البيانات إلى نموذجٍ للمناخ الأوروبي خلال تلك الفترة.
حيث تسبب التلوث الجوي الذي نتج عن نشاط الرومان الاقتصادي في خفض درجة الحرارة
وقد أظهرت النتائج بشكلٍ عام أنه خلال إزالة الغابات وإطلاق الغازات الدفيئة فقد ارتفعت حرارة القارة بنحو 0.27 درجة فهرنهايت (0.15 درجة مئوية). لكن التلوث الجوي يفترض أن يسبب انخفاضاً في درجة الحرارة.
في نهاية المطاف، تسببت أنشطة الإمبراطورية في انخفاض درجة الحرارة بنحو 0.3 درجة فهرنهايت (0.15 درجة مئوية)، ما جعل درجة حرارة أوروبا في المعدل تصبح 32.3 درجة فهرنهايت (0.16 درجة مئوية).
وقالت غيلغن: "ربما كان تلوث الهواء مشكلةً تواجه سكان المدن على الأرجح".
من جهةٍ أخرى تقول جوي سنغاريار، خبيرة التغيُّر المناخي بجامعة ريدنغ، والتي لم تشارك في العمل على الدراسة: "الجديد هنا هو تفكيرهم في ما يمكن أن تكون عليه الانبعاثات الغازية التي يمكن أن يكون الرومان قد تسبَّبوا بها، وهي ما تبدو كبيرةً نسبياً".
لكن أهم ما يؤخذ من تلك الدراسة هما أمران: الأول أنه فيما أثرت الممارسات الإنسانية على مناخ الأرض لقرونٍ، يظل التغيير الذي تركه الرومان القدماء على درجة الحرارة سطحياً مقارنةً بما أحدثه الإنسان المعاصر من تغيرٍ مناخي.
والثاني أن دراسة غيلغن تُبيِّن كم كنَّا كفصيلةٍ قادرين على تغيير مناخ الأرض حتى قبل آلاف السنوات. وفي عالم ما بعد الثورة الصناعية حيث تبدو مصالح الشركات مقدَّمةً على مخاوف العلماء، فإننا نتجاوز ما أحدثه أسلافنا بهذا الصدد، وبمنتهى العنفوان.