نقلت صحيفة The Washington Post الأمريكية، عن امرأة مسلمة مرشحة لتولي مقعد في مجلس إدارة مدرسة بفرجينيا الشمالية، زعمَها أنَّها كانت ضحيةً لوحشية الشرطة والتمييز ضدَّها، بعد أن تعرَّضت للرشِّ برذاذ الفلفل، وجُرَّت من سيارتها في إشارة مرور، وأُجبرت على خلع حجابها لاحقاً.
مسلمة امريكية تتعرض للتمييز من الشرطة بسبب الحجاب
وتسعى أبرار عميش للحصول على مقعدٍ في مجلس إدارة مدرسة بمقاطعة فيرفاكس، يمثل جميع أعضاء المجلس، وقدَّمت طلباً للمحكمة في مايو/أيار 2019، يقضي بعدم رفض أو قبول اتهام الشرطة لها بعدم إظهار رخصة قيادتها، وفقاً لسجلات المحكمة. وقدَّمت طلباً مماثلاً بشأن تهمة تجاوز إشارة المرور الحمراء قبل الانحراف يميناً بسيارتها.
وحسب الصحيفة الأمريكية، قالت أبرار عميش، إنَّها كانت تتنقل بين الفعاليات الانتخابية في يوم 5 مارس/آذار 2019، عندما أوقفها ضابط شرطة بعد أن انحرفت يميناً بسيارتها، في تقاطع طريق فيرفاكس، بينما كانت الإشارة لا تزال حمراء.
وفي حوارها مع صحيفة The Washington Post الأمريكية، اعترفت أبرار بمسؤوليتها عن خرق إشارة المرور، لكنَّها قالت إنَّ الشرطة استخدمت قوةً مفرطةً ضدَّها.
وقالت: "من غير المنطقي بالنسبة لي أن يقوم شرطي بسحب عبوة رشّ رذاذ الفلفل واستخدامها، وأن يتطوَّر الموقف إلى كلِّ ما حدث في تلك الليلة، بسبب خرق طفيف لقانون المرور".
فيما زعمت الشرطة أن السيدة المسلمة لم تُظهر هويتها
لكن الشرطة، وحسب متحدثة باسم شرطة مقاطعة فيرفاكس، قالت إنَّ أبرار رفضت الاستجابة لمطالب عدة بإبراز بطاقة هويتها. وقرَّر الشرطي الذي أوقف أبرار رشَّ رذاذ الفلفل عليها؛ لأنَّها "قاومت الاعتقال"، وفقاً لإيملي فوس، المتحدثة باسم الشرطة.
ولذلك فإن الحادثة تخضع الآن لتحقيقٍ إداري، وتقول إيملي فوس، المتحدثة باسم الشرطة عنه، إنَّه إجراءٌ روتيني يُتَّبع في الحوادث التي يستخدم أفراد الشرطة القوة فيها. ورفضت إيميلي الإدلاء بمزيدٍ من التعليقات عن التحقيق، ورفضت إتاحة مقطع الفيديو المصور من كاميرا إشارة المرور، لحين إثبات "عدم تعارضه مع سلامة التحقيق الإداري".
وقالت أبرار إنَّها لم تقدم شكوى رسمية لشرطة مقاطعة فيرفاكس؛ لأنَّ الإدارة تواصلت معها في اليوم التالي للاعتقال، وأشارت الإدارة إلى أنَّها تريد فتح تحقيقٍ في الحادث للاشتباه في وجود تحيزٍ محتمل ضدها. وقالت شرطة فيرفاكس إنَّها بدأت المراجعة كجزءٍ من التحقيق الإداري على خلفية الاتهامات المثارة بالتحيز ضد أبرار.
يُشار إلى الشرطي المتهم بالتحيز في أوراق الشرطة اسمه جاي دبليو باتريك، ورفض الإدلاء بتعليقٍ من خلال أخوية شرطة فيرفاكس. ورفض التعليق أيضاً براد كاروثرز، رئيس أخوية شرطة فيرفاكس، مشيراً إلى استمرار التحقيقات بشأن الحادث، وقالت الشرطة إنَّ الضابط لا يزال في الخدمة.
لكن السيدة المسلمة قالت إن ضابط المرور وجَّه لها عبوة رذاذ الفلفل
حيث اقترب الضابط من سيارة أبرار "الهاتشباك" الزرقاء على طريق غالوز بعد الساعة الثامنة مساءً، في يوم 5 مارس/آذار. وذكرت أبرار، التي تعمل زميلةً في شركة محاماة لحقوق الإنسان وتعمل أيضاً مدرسةً بديلة، أنَّ الضابط قال لها إنَّها لم تتوقف في إشارة المرور قبل أن تنحرف يميناً بسيارتها.
نازعت المرشحة لمجلس إدارة المدرسة اتهام الضابط لها، وطالبت بمعرفة الخيارات المتاحة لديها، بينما طلب الضابط منها إبراز رخصة قيادتها. وقالت أبرار إنَّ الضابط سحب عبوة رذاذ الفلفل ووجَّهها نحو وجهها، طالباً منها الترجل من سيارتها.
وفي تقرير الشرطة، قال الضابط إنَّه طلب رخصة أبرار، وشرح لها عدة مرات لماذا أوقفها، وقال لها بعد ذلك إما أن تقدم رخصة قيادتها أو تترجل من سيارتها، فردَّت عليه قائلةً: "أنا لا أريد الخروج من السيارة".
وأضاف الضابط أنَّه فتح باب السائق، وقال لأبرار عدة مرات إما أن تترجل من السيارة أو أنَّه سيُخرجها بالقوة، وتابع: "وضعت أبرار قدمها اليسرى في مقابل إطار الباب لمقاومة إخراجها من السيارة، وحاولت الإفلات من قبضتي عبر استخدام يدها اليمنى للإمساك بيدها اليسرى وسحبها".
ويذكر التقرير على لسان الضابط: "ظلت تقول سأعطيك رخصتي، لكنَّها كانت تقاوم وترفض الانصياع للأوامر".
ونازعت أبرار رواية الضابط، قائلةً إنَّها لم تحاول مطلقاً سحب يدها من قبضته.
وقالت إنَّها أخبرت الضابط بأنَّها ستمنحه رخصتها، لكنَّه رشها برذاذ الفلفل بعدها مباشرةً.
واستطاعت السيدة المسلمة تسجيل تجاوزات الضابط بكاميرا الهاتف
حيث سجلت أبرار جزءاً من مواجهتها مع الضابط باستخدام هاتفها الخلوي، وسمحت لصحفي صحيفة The Washington Post بمشاهدته. وفي مقطع الفيديو، تقول أبرار مراراً للضابط إنَّها ستعطيه رخصتها، بينما يطلب الضابط منها الترجل من سيارتها.
وفي مقطع الفيديو المسجل، تؤكد السيدة البالغة من العمر 24 عاماً، أنَّها لم تفعل أي شيء، ثم تُسمع وهي تبكي بعد أن يرشَّ رذاذ الفلفل عليها.
وورد بتقرير الشرطة أنَّ الضابط أوضح أنَّه أظهر عبوة رذاذ الفلفل، ثم استخدمها بعد أن واصلت أبرار سحبَ نفسها من قبضته، وقال إنه رشَّ رذاذ الفلفل لثانية أو اثنتين فقط مستهدفاً "المنطقة التي يلامس فيها الحجاب جبهتها لتجنب رشه مباشرةً في عينيها".
وقالت أبرار إنَّها لم ترفض مطلقاً بشكلٍ واضح تقديم رخصة قيادتها.
وتابعت: "ما اعتبروه رفضاً لتقديم رخصة قيادتي كان في الحقيقة تأجيلاً لإبرازها عبر طرح الأسئلة".
وقالت أبرار إنَّها جُرّت من سيارتها، واصطدم رأسها خلال المواجهة. وخارج السيارة كانت تصيح: "هناك شرطي يتصرف بوحشية! انقذوني!".
وتابعت بأنَّ ثلاثة ضباط شرطة آخرين وصلوا إلى موقع الحادث، وقالت: "جادلوني جميعاً وأمسكوني ودفعوني في مواجهة السيارة".
وقال محمد السيد، محامي أبرار، في بيانٍ، إنَّ المواجهة كانت "مؤسفة، وتصعيداً يتجاوز ما كان يُفترض حدوثه".
وسردت اعترافاتها، كاشفة أن الضابط أجبرها على خلع حجابها
وفي مركز احتجاز مقاطعة فيرفاكس، قالت أبرار إنَّها أُجبرت على خلع حجابها بينما كان تُلتقط صورتها، رغم اعتراضها على هذا الطلب. وذكرت أبرار أنَّ أحد الضباط أحضر بطانيةً صغيرة وحاول وضعها كستارٍ أثناء التقاط الصورة. وتُظهرها سجلات المحكمة التي اطلعت عليها صحيفة The Washington Post وهي مُصوّرة بدون حجابها.
وتقول أبرار، التي أُطلق سراحها في نفس ليلة اعتقالها: "كنتُ أنتحب في تلك اللحظة، إنَّها كرامتي، إنه أمرٌ جللٌ".
وقالت المتحدثة باسم مكتب مسؤول إنفاذ القانون في مقاطعة فيرفاكس، الذي يُشرف على مركز الاحتجاز، إنَّ الضباط اتبعوا الإجراءات القانونية عند تصوير أبرار.
تنصُّ سياسة إدارة الشرطة أنَّه ينبغي أن يُصور الشخص الذي يرتدي غطاءً دينياً على رأسه بهذا الغطاء، ومن دونه، لوضع الصورتين في سجلات الشرطة. وينبغي أن يكون الأشخاص الحاضرون أثناء التصوير من نفس جنس الشخص المعتقل، وينبغي "إبقاء المتهم بعيداً عن أعين الآخرين قدر الإمكان".
وكان الشخص الوحيد الموجود مع أبرار أثناء تصويرها امرأة، وفقاً لمكتب مسؤول إنفاذ القانون.
لكن نازعت أبرار هذه الرواية، قائلةً إنَّها صُوّرت في حضور العديد من الأشخاص، بينهم رجال.
وأُعيد لها حاجبها دون الدبابيس المستخدمة لتثبيته.
الواقعة كانت مثار اهتمام من مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية
حيث كتب مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، أكبر منظمة تدافع عن الحقوق المدنية للمسلمين في الولايات المتحدة، خطاباً للكولونيل إدوين روزلر، رئيس شرطة مقاطعة فيرفاكس، وستايسي كينكايد، مسؤولة إنفاذ القانون في المقاطعة، يتهم فيه شرطة فيرفاكس باستخدام قوةٍ غير مبررة، وإنكار حق أبرار في ارتداء الحجاب أثناء احتجازها.
وقال الخطاب: "انتهكت هذه الأفعال الحقوق الدستورية لأبرار. طالبت أبرار بوضوح الضباط بالسماح لها بالالتزام بتعاليم دينها وارتداء حجابها، ورغم طلبها أجبرها الضباط على خلع حجابها".
واعترف مكتب مسؤول إنفاذ القانون في المقاطعة بتلقي شكوى من مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، وقال إنَّه فتح تحقيقاً في الحادث، وفقاً لرسالةٍ تلقاها المجلس عبر البريد الإلكتروني.
وذكرت تقارير صادرة عن مركزٍ طبّي بعدها بيومين وقدَّمتها أبرار، يبدو أنَّها أُصيبت بارتجاجٍ في المخ، وكدمات وخدوش في رسغها اليسرى ورجلها اليمنى.
الحادث تسبَّب في لجوء السيدة المسلمة لمعالج نفسي لتجاوز ما حدث
وبعد أسبوعٍ من الحادث، تحدَّثت أبرار مع معالجٍ نفسي، وقال إنها مصابةٌ بأعراض اضطراب الإجهاد الحاد الناتج عن مواجهتها مع الشرطة. وتظهر التقارير الطبية أنَّ أبرار لا تزال تسترجع ذكريات من الحادث.
وطُلب من أبرار دفع غرامةٍ قدرها 200 دولار، وفقاً للسجلات.
تخرَّجت أبرار في المدارس العامة لمقاطعة فيرفاكس وجامعة يال، وأيدت المرشحة مبادرات الصحة النفسية، والمساواة خلال حملتها للترشح لمقعد مجلس إدارة المدرسة، وحظيت بتصديق لجنة الديمقراطيين في مقاطعة فيرفاكس.
وقالت أبرار إنَّها تخطط لإجراء محادثاتٍ مع شرطة فيرفاكس بشأن تطبيق تدريبٍ للحساسية، يحاول جعل الضباط أكثر حساسية في تعاملاتهم مع الآخرين، لحماية الطلاب المعرضين لمثل هذه الممارسات.
وتابعت: "لم يكن ليحدث أيٌّ من هذا إذا كنتُ شخصاً آخر، صُدمت من حدوث هذا الأمر في مقاطعة فيرفاكس، وجعلتني الحادثة أستفيق لأرى جزءاً من الواقع هنا".