الأزمة السياسية في بابوا غينيا الجديدة تبدو غريبة في تفاصيلها، فالمعارضة قلقة من استقالة رئيس الوزراء الذي يبدو أنه يسعى للتحكم في السلطة حتى بعد استقالته.
إذ تستعد البلاد التي تقع بين أستراليا وإندونيسيا لعملية تصفية حسابات سياسية بعد أسبوع صاخب، شهد إعلان رئيس الوزراء بيتر أونيل استقالته في أعقاب انشقاقات لأعضاء بارزين من حزبه، حسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
غرائب الأزمة السياسية في بابوا غينيا الجديدة.. اختار خليفته قبل الاستقالة
قال أونيل، الذي يشغل منصب رئيس الوزراء منذ عام 2011، في مؤتمر صحفي عقد يوم الأحد الماضي بمدينة بورت مورسبي، إنه سوف يستقيل من منصبه ويسلم القيادة للسير يوليوس تشان، أحد رؤساء الوزراء السابقين، الذي وصفه أونيل بأنه من "الآباء المؤسسين" للبلاد.
ومع ذلك، ففي تطور نمطي للأحداث يتفق والطبيعة الغامضة للسياسة في بابوا غينيا الجديدة، قال السير يوليوس أمس الإثنين 27 مايو/أيار 2019، إنَّ ثمة "سوء فهم كبير"، وإنه ليس القائم بأعمال رئيس الوزراء، وإنه لم يعين في أي منصب وزاري، وإنَّ "رئيس الوزراء الحالي لا يملك سلطة ترشيح رئيس وزراء جديد".
وقال السير يوليوس: "هذا أمر مضحك"، وأضاف أنَّ منصب رئيس الوزراء ليس هو المنصب الذي يسعى إليه. وقال السير يوليوس: "ومع ذلك، فأنا أحب بابوا غينيا الجديدة، وثمة حاجة ملحة الآن لتوحيد راية البلاد".
والاستقالة جاءت بعد اتهامه بالحصول على الجنسية الأسترالية
جاءت استقالة أونيل وسط اتهامات بأنه يحمل الجنسية الأسترالية، وهو ما يمنعه من أن يكون رئيساً للوزراء، وهو الأمر الذي ينفيه أونيل.
وقالت المعارضة إنَّ السير يوليوس لن يفوز في تصويت حول من ينبغي له قيادة البلاد، وإنَّ من سينتهي به المطاف رئيساً للوزراء سيكون واحداً من المعارضة، التي تشمل وزراء سابقين بارزين مثل جيمس مارابي وويليام دوما، ورئيس الوزراء السابق ميكيري موراوتا.
وقال النائب المعارض، آلان بيرد، لـReuters في رسالة نصية: "لن نختاره، هذا خيار سيئ حقاً. نريد قطيعة كاملة مع أونيل، وتشان ليس إلا وكيلاً لأونيل".
وليس هناك دليل على أن الاستقالة رسمية، ولكن المعارضة لن تتركه
ومن المقرر أن يجتمع البرلمان مرة ثانية، اليوم الثلاثاء 28 مايو/أيار 2019، وليس من المعروف إذا ما كان أونيل سوف يستقيل رسمياً أم لا، ولكنَّ المعارضة تعهدت بإزاحته من خلال تصويت بحجب الثقة إذا لم يفعل.
وقال جوناثان برايك، مدير برنامج جزر المحيط الهادئ التابع لمعهد لوي إنَّ أونيل كان يأمل في تنصيب وسيط قوي موثوق والحصول على دعمه.
لكنه قال: "هذا الوضع شديد السيولة، ذلك أنَّ أونيل باستقالته قد مهَّد الطريق لأعضاء من حزبه لشغل هذا المنصب، والأمر محض تخمين بخصوص من سيفوز، وليس الأمر واضحاً بأي حال من الأحوال".
وقال برايك إنه على الرغم من وجود ضغط قوي ضد أونيل، فلا ينبغي إسقاطه من أي سباق مستقبلي على منصب رئيس الوزراء. وقال برايك: "لا تستبعد بيتر أونيل أبداً، فقط لأنه في وضع سيئ الآن، ذلك أنّه أظهر أنه فعال للغاية فيما يخص التعامل مع ديناميات القوة في سياسات بابوا غينيا الجديدة".
أما أعضاء البرلمان فقد اعتصموا في فندقين
وانقسم أعضاء البرلمان إلى مجموعتين، كل واحدة قامت بالتخييم في فندقين من فنادق مدينة بورت مورسبي على مدار الأسابيع القليلة الماضية.
إذ اعتكف أعضاء من حكومة أونيل في فندق Crown، حيث حاولوا التوصل إلى طريقة للحفاظ على السلطة، بينما اتخذ أعضاء من كتلة المعارضة، مدعومين بالمنشقين من جانب الحكومة، من فندق Lagona قاعدة لهم.
وتحظى المعارضة بغالبية أعضاء البرلمان، وكانت تعتزم عقد تصويت بحجب الثقة في أونيل عند استئناف العمل بالبرلمان اليوم الثلاثاء.
ولكن المعارضة تراها حيلة لإعاقة التصويت
ووصف برايان كريمر، عضو البرلمان المعارض وأحد المنتقدين المفوهين للحكومة، استقالة أونيل يوم الأحد بأنها "حيلة" لإعاقة التصويت، إذ كانت المعارضة على وشك طرح هذا الاقتراح أوائل شهر مايو/أيار، عندما أرجأ أونيل انعقاد البرلمان لثلاثة أسابيع.
وإذا تأكدت استقالة أونيل في البرلمان، اليوم الثلاثاء، فسوف يكون هناك تصويت على رئيس وزراء جديد.
وتقول جبهة المعارضة إنها تحظى بدعم 63 من أصل 111 عضواً برلمانياً، وهو عدد كاف للسماح لهم بانتقاء زعيم من اختيارهم.
وقال كريمر: "لو افترضنا سريان الاستقالة، فسوف يكون لدينا 63 عضواً، وكذا فأي شخص نختاره ليكون مرشحنا، وهو قرار لم يتخذ بعد، هو من سوف يكون رئيس الوزراء القادم، وبالتأكيد لن يكون يوليوس تشان".
فهم يريدون فتح تحقيق في ممارسته التجارية بينما أستراليا تمتدحه
ومع ذلك، فإذا لم يزر أونيل الحاكم العام، فإنَّ معسكر فندق Laguna قد يستمر في طرح اقتراح حجب الثقة كما هو مخطط له في الأصل.
ولو فعلوا ذلك، فسوف يؤجَّل اجتماع البرلمان حينها لـ7 أيام قبل استئناف النواب التصويت على الاقتراح.
ولو نفذ التصويت فسوف يزاح أونيل من منصب رئيس الوزراء، وسوف يعقد تصويت لاختيار بديله.
وقال كريمر إنَّ من بين أهم أولويات المعارضة إذا وصلت للسلطة فتح تحقيق في الممارسات التجارية لأونيل، التي تعرضت لانتقادات حادة، بما في ذلك تعامله مع صفقة غاز بمليارات الدولارات قال المعارضون إنها لم تصب في مصلحة بابوا غينيا الجديدة.
ومما يمكن أن يزيد ريبة المعارضة هو أنه عقب إعلان أونيل عزمه على الاستقالة يوم الأحد، أثنى عليه رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، وقال إنه "خادم شغوف لبلاده".