تسمُّم أعماق البحار.. ملايين من قِطع النفايات البلاستيكية تغزو المحيطات والجزر النائية

عربي بوست
تم النشر: 2019/05/17 الساعة 16:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/05/17 الساعة 16:42 بتوقيت غرينتش

كُشِف دليلٌ صادم على التلوُّث المنتشر في محيطات العالم باكتشاف أكثر من 400 مليون قطعة من النفايات متناثرة على سواحل جزر كوكوز (كيلينغ) النائية. بلغ الوزن التقديري لأكوام القمامة المُكتشَفة على مجموعة الجزر الواقعة بالمحيط الهندي 238 طناً، من بينها نحو مليون حذاء و373 ألف فرشاة أسنان، بحسب تقرير لمجلة Financial Times البريطانية.

وقالت جينيفر لافيرز، وهي مديرة المشروع وعالمة أبحاثٍ من جامعة تازمانيا الأسترالية: "جاء البلاستيك الموجود على هذه الشواطئ من مختلف أرجاء العالم. الآن صار التلوُّث الناتج عن البلاستيك واسع الانتشار في محيطاتنا، والجزر النائية هي مكانٌ مثالي لإلقاء نظرةٍ موضوعية على كمّ المخلفات البلاستيكية التي تطوف الأرض الآن".

تقع جزر كوكوز، وهي سلسلةٌ من الجزر تبعد 2000 كيلومتر شمال غربي ساحل أستراليا، على مسار تيارٍ محيطي يُدعَى الجريان الإندونيسي يسري من المحيط الهادئ إلى المحيط الهندي. حلَّل الباحثون عينةً نموذجية من 25 شاطئاً، تتنوَّع بين الشواطئ الرملية والشواطئ المفروشة بالحصى، وقاموا بالحفر حتى عمق 10 سنتيمترات.

قالت جينيفر للمجلة البريطانية: "لم يكن ظاهراً على السطح سوى 10% من النفايات. عندما تزور شاطئاً تعرَّض للتلوُّث يكون عليك أن تُذكِّر نفسك بأن 90% من النفايات تكون على الأرجح مدفونةً تحت الرمال". وقد نُشِرَت نتائج البحث في مجلة Scientific Reports العلمية البريطانية.

سلع استهلاكية في قلب البحر

نفايات بلاستيكية في البحار

وكانت جينيفر قد وثَّقت سابقاً التلوُّث البلاستيكي في جزيرة هيندرسون النائية وغير المأهولة بالسكان في المحيط الهادئ. وبينما كانت معظم النفايات على تلك الجزيرة مرتبطة بالصيد، تكوَّن البلاستيك الموجود بجزر كوكوز في أغلبه من سلعٍ استهلاكية للاستخدام الواحد، مثل أغطية الزجاجات، وشفَّاطات المشروبات، والأحذية.

وقدَّرت آنيت فينغر، من جامعة فيكتوريا الأسترالية، وهي عضوة أخرى بالفريق، أنَّ المحيطات تحوي 5.25 تريليون قطعة نفايات بلاستيكية. وقالت: "مقياس حجم المشكلة هذا يعني أنَّ اختيار تنظيف المحيطات ليس ممكناً حالياً. الحلُّ الوحيد القابل للتطبيق هو تقليل صناعة واستهلاك البلاستيك مع تحسين إدارة المخلَّفات، لمنع هذه المواد من الوصول إلى المحيطات من الأساس".

يأتي تقرير جزر كوكوز بعد أيامٍ من فرض منظمة الأمم المتحدة قيوداً على تجارة النفايات البلاستيكية العالمية، ومن المتوقَّع أن يقلِّل ذلك بشكلٍ جذري من تصديرها إلى الدول النامية. وقد كشفت رحلةٌ استكشافية أُجريت مؤخراً في أعمق مكانٍ على الأرض، وهو موقع تشالينجر ديب بخندق ماريانا البحري، آثار نفايات بلاستيكية على عمق نحو 11 ألف متر تحت سطح البحر، بحسب المجلة البريطانية.

من يقف وراء هذه "الجريمة"؟

قد اتَّهم النشطاء البيئيون تجارة النفايات البلاستيكية العالمية بكونها شريكاً أساسياً في انتشار مخلَّفات المحيطات، لأنَّ الدول الصناعية كانت طوال أعوامٍ تشحن معظم نفايات البلاستيك "القابلة لإعادة التدوير" إلى دولٍ نامية، وتلك عادةً ما تفتقر بدورها إلى السعة الكافية لاستيعاب كل الواردات.

اصفرار الملابس البيضاء والكتب القديمة
White plastic chair in front of grunge, weathered, wooden wall. Copy space.

توقَّفت الصين، العام الماضي، عن تلقِّي معظم أنواع البلاستيك المورَّدة؛ وهو ما أدى إلى زيادةٍ حادة في حجم النفايات الواردة إلى ماليزيا، وفيتنام، وتايلاند. وتشير التقارير الصادرة من هذه الدول إلى أن ما لم تُستطاع معالجته يُرمَى، وغالباً ما ينتهي به الأمر في البحار والمحيطات.

سوف يمنع قانون الأمم المتحدة الجديد الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي بشكلٍ فعال، من تصدير أي نفاياتٍ بلاستيكية مختلطة، بالإضافة إلى أي أغراضٍ بلاستيكية ملوثة أو غير قابلة لإعادة التدوير، وهذه خطوة ستضرب معدلات تجارة النفايات البلاستيكية العالمية عندما تدخل حيز التنفيذ، في يناير/كانون الثاني عام 2021.

وبإضافة البلاستيك إلى قائمة المواد الخاضعة للرقابة بموجب اتفاقية بازل، وهي معاهدة دولية صُمِّمَت للحدّ من حركة النفايات الخطرة، فلن يسمح القانون الجديد للدول بالاتجار في نفايات البلاستيك المختلط إلا بعد إتمامها خطواتٍ بيروقراطية للحصول على موافقة الدولة المتلقية. وحاولت الولايات المتحدة، والأرجنتين، والبرازيل ممارسة ضغوطٍ سياسية لمنع إقرار ذاك التغيير.

وقال جيم باكيت، رئيس منظمة شبكة قانون بازل، وهي مجموعة داعمة للقانون: "سيكون هذا بالفعل أمراً يُغيِّر سير الأمور كلياً، ويقلل تجارة البلاستيك غير المستدام جذرياً". يقدِّر باكيت أنَّ قوانين الأمم المتحدة الجديدة تغطي 90% من تجارة النفايات البلاستيكية العالمية بشكلها السابق.

علامات:
تحميل المزيد