تدرس تركيا طلباً من الولايات المتحدة لتأجيل شراء منظومة الدفاع الصاروخي الروسي S-400 حتى العام 2020، وهو تحرك يمكن أن يخفف من حدة التوترات بين حليفي منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بحسب ما ذكرته وكالة Bloomberg الأمريكية.
وذكرت الوكالة أمس الإثنين 13 مايو/أيار 2019، نقلاً عن شخصين قالت إنهما مطلعان، أن إدارة ترامب طلبت من أنقرة في الأسبوع الماضي تأجيل موعد استقبال المنظومة الصاروخية المتطورة S-400، وهو الموعد الذي كان مقرراً في يوليو/تموز، حسبما ذكر الشخصان اللذان طلبا عدم ذكر اسميهما لمناقشة مفاوضات حساسة.
فرصة لتخفيف التوتر
وسوف يمنح أي تأجيل تركيا والولايات المتحدة -اللتين تملكان أكبر جيشين في حلف الناتو- مزيداً من الوقت للخروج من مأزق، تسبب في توتر العلاقات، وحمَل تهديداً بأن يؤدي إلى فرض مزيد من العقوبات على الاقتصاد التركي.
وتقول الولايات المتحدة إن المنظومة الصاروخية الروسية كانت مصممة لإسقاط الطائرات الأمريكية وطائرات الحلفاء، بما فيها الطائرة إف-35، التي ساعد في بنائها المشترون الأتراك.
ويأتي الطلب الأمريكي بينما يخوض المسؤولون الأتراك والأمريكيون محادثات لتحديد تاريخ زيارة محتملة للرئيس دونالد ترامب إلى تركيا.
ولم تقدم السفارة الأمريكية في أنقرة تعليقاً فورياً على قضية الصواريخ الروسية أو محادثات المنطقة الآمنة. ولم يرد المسؤولون في مكتب الرئيس التركي على طلب للتعليق.
وفي حديثه إلى قناة CNN-Turk التلفزيونية، قال وزير الخزانة المالية التركي بيرات البيرق، يوم الأحد الفائت إن الرئيس الأمريكي قد يزور بلاده في يوليو/تموز المقبل.
ووصف باتريك شاناهان، القائم بأعمال وزير الدفاع الأمريكي، الشراء المقرر من جانب تركيا لمنظومة إس-400 بـ"المتعارض" مع بيع طائرات إف-35 إليها.
صفقة طائرات
وقالت تركيا إنها تنوي شراء 100 طائرة مقاتلة من الجيل القادم من الطائرة الشبح التي بنتها شركة Lockheed Martin Corp، فيما قال وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو الشهر الماضي، إنه أخبر المسؤولين الأتراك أن بلادهم لا يمكنها البقاء في برنامج الطائرة إف-35، إذا مضت قدماً في إتمام خطط شراء منظومة الدفاع الصاروخي الروسي إس-400.
وقال مسؤولون أتراك مراراً إنه ليس هناك تراجع عن عملية شراء المنظومة S-400، بعد فشل جهودهم لشراء الصواريخ الأمريكية باتريوت.
غير أن وزارة الدفاع الأمريكية غيرت وجهة أشرعتها في ديسمبر/كانون الأول الماضي وأبلغت الكونغرس بمقترح لبيع منظومة الصواريخ الأمريكية باتريوت إلى تركيا. لكن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قال في الشهر الماضي إن شراء منظومة S-400 لا يزال في محل "صفقة تامة"، وقال، في صفعة موجهة إلى منظمة حلف شمال الأطلسي، إن الحلف ليس "قادراً" على حماية المجال الجوي لتركيا.
تهديدات العقوبات
وتُخيم عقوبات أمريكية جديدة على ممانعة تركيا إلغاء شراء المنظومة الروسية، إذ يُعتقد أنها سوف تفاقم من هبوط سعر الليرة التركية، التي تعتبر العملة صاحبة أسوأ أداء في الأسواق الناشئة بعد البيزو الأرجنتيني، وفقاً لوكالة Bloomberg.
وقلصت العملة التركية خسائرها مساء أمس الإثنين بعد التقرير الذي يفيد بتفكير الحكومة التركية في الطلب الأمريكي، وكان التداول أضعف 0.6% أمام الدولار، إذ وصل سعرها إلى 6.0928 في الساعة 8:28 صباح اليوم الثلاثاء في إسطنبول.
وظل أردوغان ثابتاً في تصريحاته المعلنة، وأشار في عطلة نهاية الأسبوع إلى أن بلاده لن تخرج عن مسارها بفعل العقوبات والتهديدات "ما دمنا نثق في أنفسنا".
وأضاف: "هؤلاء الذين يعلمون أن تركيا لا يمكن إيقافها يهاجمون آمالنا وروحنا المعنوية وعزائمنا للوصول إلى أهدافنا. هذا هو السبب الأكبر وراء عمليات سعر الصرف التي تؤثر على معدلات الفائدة والتضخم".
لجنة مشتركة
واقترحت تركيا أكثر من مرة تأسيس لجنة مشتركة مع الولايات المتحدة والناتو للتحقيق حول ما إذا كانت منظومة S-400 تشكل خطراً على المعدات العسكرية للحلف، بما في ذلك المقاتلات الأمريكية إف-35.
وإذا أعادت الولايات المتحدة -التي استبعدت المقترح- التفكير في الأمر، فقد توافق تركيا حينئذ على تأجيل شراء المنظومة الروسية S-400، وذلك حسبما قال مسؤول تركي آخر على اطلاع بالمسألة للوكالة الأمريكية.
وحاول الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ أيضاً، خلال زيارته إلى أنقرة في 6 مايو/أيار، أن يقنع تركيا بالتخلي عن خطتها لشراء الصواريخ الروسية من خلال دعم مفاوضات حول بديل أمريكي الصنع، وهو منظومة الدفاع الصاروخي باتريوت.
وفي غضون ذلك، تجلت إرهاصة على إمكانية تخفيف التوترات بين البلدين في منطقة ملتهبة أخرى، مع تفكير الولايات المتحدة وتركيا في إرسال دوريات مشتركة تتشكل من الوحدات العسكرية للبلدين من أجل مراقبة منطقة آمنة مقترحة شمال شرق سوريا، حسبما قال أحد المصادر للوكالة.
ولم يكتمل ما أعلنه ترامب في ديسمبر/كانون الأول الماضي بأنه سوف يسحب جميع القوات الأمريكية من سوريا، رغم تقلص أعداد هذه القوات بسرعة، وسط مخاوف من أن تركيا قد تستخدم مغادرة القوات الأمريكية لشن هجوم على حلفاء الولايات المتحدة الأكراد.