تكم مرة حلمت أنك تخبر صديقك بالإجابات الصحيحة في أحد الاختبارات الدراسية، ولكن دون أن تنطق بكلمة؟ أو أنكِ تقرأين كلمات الحب في عيني الشاب الذي تحبينه بمجرد النظر إلى عينيه؟
يؤمن معظمنا بـ "التخاطر بين البشر" أو انتقال الأفكار.. لكن هل هذه الظاهرة حقيقية بالفعل؟ أم أنها مجرد خيال نشاهده عبر مسلسلات نتفلكس؟
الفيزياء ترفضه وميكانيكا الكم تقبله
يثير هذا النوع من التواصل، الشبيه بشبكة Wi-Fi، الذي لا يتعلق بالكلام أو الكتابة أو أي من الحواس الخمس، الكثير من الجدل، حسب موقع Mujerhoy الإسباني.
من وجهة نظر فيزيائية، ليس هناك وجود للتخاطر؛ لأنه لا يوجد جزء في الدماغ يمكن أن يعمل كمرسل أو مستقبل للرسائل عن بعد، وكذلك لأن القوة الكهرومغناطيسية للدماغ لا يمكنها إرسال المعلومات.
ومع ذلك، من وجهة نظر الفيزياء الكمومية، هناك أمل ولا يُستبعد احتمال أن يكون التخاطر ممكناً عملياً.
جدل حول التخاطر على مر التاريخ
هذا الموضوع ليس جديداً؛ فقد كان موضع نقاش بالفعل بين الأطباء وعلماء النفس منذ قرون.
ووفقاً لمقال نشر في مجلة الجمعية الإسبانية للطب النفسي العصبي في عام 2016، أثار هذا النوع من أسرار العقل البشري علماء النفس المشهورين على مدار التاريخ، مثل هنري ديلاكروا ووليام جيمس، وأثار فضول داروين نفسه.
وفقاً للمقال: "في إسبانيا، آمن المؤلفون المشهورون مثل سانتياغو رامون وكاجال بالأمور الروحانية، وكذلك فعل علماء التحليل النفسي بصورة ملحوظة، وهذا يتضح فيما أشار إليه يونغ وفرويد في العديد من نصوصهما: فبينما تكهن علم النفس التحليلي باحتمال وجود قوى توارد خواطر كامنة في الكائن البشري، سُئل هذا العلم كثيراً عن طبيعة اللاوعي المتوارث منذ القديم الأزل".
وتابع المقال: "بالطبع، كان علماء الروحانيات وخبراء علم النفس هدفاً قاسياً للعديد من العلماء العقلانيين، مثل فيلهلم وندت وغوستاف ليبون، على سبيل المثال لا الحصر".
باختصار، هناك جدل بين العلماء الذين يحاولون تقديم شرح مادي لأي حدث وعلماء النفس الذين يتحدثون عن الظواهر الخارقة.
التخاطر حقيقي
يقول البروفيسور تامتان، عالم النفس بجامعة شيفيلد بإنجلترا، بعد الدراسة، إن التخاطرَ حقيقيٌّ وهو يعمل مثل شبكة Wi-Fi.
في الواقع، يؤكد البروفيسور أن الإشارات الدقيقة التي يرسلها الدماغ ويتلقاها يمكن أن تفسر المشاعر الداخلية، والحدس، والدين، وتلك المشاعر غير المريحة التي نشعر بها أحياناً في الأماكن المزدحمة.
في رأيه: "يمكننا أن نعرف تماماً مشاعر الآخرين وما الذي يفكرون فيه".
الشرط: وجهاً لوجه
وفقاً لفرضية تامتان، لا يحدث هذا النوع من التواصل فوق الحسّي إلا في وجود الشخص الآخر. فلن يحدث مثلاً من خلال واتساب أو أي وسيلة تواصل أخرى، وهو يعتقد أن أساس هذا الوايفاي العقلي موجود في قشرة الفص الجبهي، حيث يحدث نشاط الخلايا العصبية المرتبطة بحاستي الشم والبصر.
لذا، فإن هذا التواصل سيكون بمثابة لحظة مرتبطة بالتغيرات في كيمياء الجسم، والتي تسببها العواطف مثل الخوف أو الإثارة.
وفقاً للبروفيسور، يمكن أن تؤدي هذه التغيّرات السريعة إلى اتصال بصري وأن ما نشعر به حينها يدل على ما قد يفكر فيه الشخص الآخر في تلك اللحظة.
تشير نظريته إلى أن الاتصال البصري هو مفتاح القدرة على معرفة ما يفكر فيه الآخرون أو يشعرون به.
ومهما تكن الحقيقة، فالواضح هو أن هناك ظواهر لا يمكننا تفسيرها وأن العلم يصر على معاملتها كأمور تافهة عندما لا يوجد ما يدعمها بشكل ملموس أو علميّ.
حتى يتم حل هذا اللغز، لا يزال بوسعنا أن نصدق أنك إذا حدّقت في عيني من تحب، فستكتشف نواياه أو ربما حتى رقم هاتفه؟