الحياة على الأرض ربما جاءت من الفضاء الخارجي قبل تشكُّل الكوكب بالكامل

هناك احتمال أن تكون الحياة نشأت في نظامنا الشمسي حتى قبل اكتمال تَكون الأرض. إذ رجَّح علماء أنه توفرت للكويكبات جميع العناصر اللازمة لتنشأ عليها الحياة

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/05/07 الساعة 11:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/05/07 الساعة 11:10 بتوقيت غرينتش
الحياة على الأرض ربما جاءت من الفضاء الخارجي

هناك احتمال أن تكون الحياة نشأت في نظامنا الشمسي حتى قبل اكتمال تَكون الأرض. إذ رجَّحت ليندي إلكنز-تانتن، عالمة كواكب بجامعة ولاية أريزونا الأمريكية، أنَّه منذ فجر تَكون النظام الشمسي، توفرت للكويكبات (اللبنات الصخرية الأساسية للكواكب) جميع العناصر اللازمة لتنشأ عليها الحياة بالصورة التي نعرفها.

وقالت إلكنز-تانتن، مديرة كلية استكشاف الأرض والفضاء بالجامعة، إنَّ الأوضاع داخل بعض الكويكبات ربما ظلت ثابتة لعشرات الملايين من السنوات، ويُحتَمَل لمدة تكفي لأن تنشأ الحياة بداخلها، بحسب موقع Live Science الأمريكي.

يُشار إلى أنَّ ليندي هي أيضاً الباحثة الأساسية في بعثة الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا) القادمة إلى الكويكب المعدني الفريد "سايكي" (Psyche).       

أحد الكويكبات هو أصل الحياة

وأضافت أنَّ بعض الكويكبات نجت خلال فترة تشكل الكواكب وصمدت كذلك لما بعدها؛ ما يعزز احتمالية أنَّ واحداً من هذه الأجسام البدائية هو ما أمد كوكب الأرض بالحياة.    

وقالت إلكنز-تانتن، خلال مؤتمر Breakthrough Discuss في جامعة كاليفورنيا بمدينة بركلي في 11 أبريل/نيسان الجاري: "لن تتعرض جميع الكويكبات لأنواع التصادمات الكارثية التي ستتسبب في تحولها إلى بلازما، أو بخلاف ذلك تدمير أي شيء يَنتُج بالكامل".

وأضافت: "ستسقط بعض الأجسام -مثل نيزك تشيليابنسك، على سبيل المثال- مرة أخرى على سطح كوكب معتدل؛ لذا في النهاية هذا الاحتمال وارد أيضاً"، مشيرة إلى الجسم الذي يبلغ عرضه 20 متراً والذي انفجر فوق مدينة تشيليابنسك الروسية في فبراير/شباط 2013.       

هناك 3 عناصر أساسية لتشكل الحياة

وتابعت إلكنز-تانتن أنَّ هذه الفكرة الأساسية تطورت من دورة كانت تُدرِّسها في جامعة ولاية أريزونا في خريف 2016. ففي بداية الفصل الدراسي سألت الطلاب أنَّ يفكروا ما إذا كانت الحياة قد نشأت على سطح أجسام صغيرة.

وعلى مدار الأشهر القليلة التالية، عَكفَ الطلاب وإلكنز-تانتن والباحث ستيفن ويست، الذي شاركها في العمل الجديد المطروح، على دراسة هذه الاحتمالية، إضافة إلى عدد من التساؤلات الأخرى التي انبثقت عن ذلك السؤال الرئيسي.

الكويكبات كان يمكنها إنتاج حياة فعلية
الكويكبات كان يمكنها إنتاج حياة فعلية

ولكي تتشكل الحياة في الصورة التي نعرفها عليها، فهي بحاجة لثلاثة عناصر أساسية هي: مياه سائلة، وجزيئات عضوية، ومصدر للطاقة.

وهنا، أوضحت إلكنز-تانتن أنَّ الكويكبات، التي تشكلت منذ 1.5 مليون سنة من ميلاد النظام الشمسي، تميزت على الأرجح بوجود هذه العناصر الثلاثة.         

نيازك احتوت على مواد عضوية

على سبيل المثال، وُجِد ما يزيد على 35 نوعاً مختلفاً من الأحماض الأمينية في نيزك مرتشسون، صخرة فضائية قديمة سقطت على كوكب الأرض، وتحديداً في جنوب أستراليا عام 1969.     

وقالت إلكنز-تانتن إنَّ نيزك مرتشسون يحوي نسبة كبيرة من المواد العضوية لدرجة أنَّ "رائحته تشبه بئراً نفطية. أي مكان قد يكون أفضل لنشأة الحياة من قطعة لطيفة ودافئة ورطبة من نيزك مرتشسون؟ وبالتالي، هذه هي الفكرة التي سنبدأ منها".    

وأوضحت أنَّ مصدر الطاقة على الكويكبات الأولية، مثل الجسم الأم لمرتشسون، انبعث من التحلل الإشعاعي للنظير المُشع الألومنيوم-26. وكانت الحرارة المتدفقة داخل بعض الكويكبات شديدة بما يكفي لإذابة الجسيمات بالكامل، وهو ما لا يتناسب بالتأكيد مع نشأة الحياة.        

الحياة ربما نشأت تحت أسطح الكويكبات

لكن بعض الأجسام الأخرى كانت لتنصهر جزئياً فقط، من الداخل إلى الخارج؛ ومن ثم ستتحول في النهاية إلى قلب معدني له غلاف من المحيط الصهاري وقشرة خارجية خشنة وصخرية.

وقالت إلكنز-تانتن إنَّ مثل هذه الكويكبات كانت لتصبح درجات الحرارة في أجزائها الداخلية شديدة الارتفاع، لكن السطح الخارجي سيتجمد. إلى جانب ذلك، كانت موجات الحرارة المنبعثة من الأعماق لتحفز إطلاق سوائل، مثل المياه السائلة، ومن ثم الدفع بهذه المواد نحو السطح.            

وقد تكون هذه العمليات أسفرت عن تشكيل بيئات صالحة للحياة أسفل الطبقات الصخرية للكويكبات، ويرجح أنَّ هذه البيئات استمرت لفترات طويلة نسبياً.     

وعلى سبيل المثال، العمل النموذجي الذي قام به إلكنز-تانتن وويست، الذي يعمل الآن في شركة Metis Technology Solutions ومقرها كاليفورنيا، يشير إلى أنَّ الكويكبات الصغيرة -التي يصل اتساعها إلى 50 كم- كان بإمكانها دعم وجود المياه السائلة في باطن الأرض لنحو 15 مليون سنة.

إضافة إلى ذلك، أجرت إلكنز-تانتن دراسة سابقة، بالتعاون مع بين وايس وماريا زوبر من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، توصلت إلى أنَّ الكويكبات الأكبر حجماً لديها قدرة محتملة على البقاء رطبة لفترة أطول من ذلك، قد تصل إلى 50 مليون سنة تقريباً.   

لكن العلماء غير متأكدين من كل شيء

وأكدت إلكنز-تانتن أنه لم يتضح ما إذا كانت هذه الظروف المواتية تمتد لفترة زمنية طويلة بما يكفي لتسمح باستمرار الحياة، وأضافت: "(هذا لأننا لا نعرف إلى أي مدى ينبغي أن تستمر هذه الفترة). سأؤكد بكل شجاعة أننا ليست لدينا أية فكرة عن ذلك".               

فعلى سبيل المثال، العلامات الواضحة الأولى عن وجود حياة على كوكب الأرض يعود تاريخها إلى 3.8 مليار سنة مضت، إلا أنَّ بعض العلماء قدموا أدلة على أنَّ الميكروبات تواجدت على هذا الكوكب بالفعل منذ 4.1 مليار سنة.

وخلال الدورة ذاتها من مؤتمر Breakthrough Discuss، زعم ستيفن بينر، خبير الكيمياء الحيوية في مؤسسة التطور الجزيئي التطبيقي في ولاية فلوريدا الأمريكية، أنَّ الحياة نشأت فعلياً منذ 4.36 مليار سنة مضت. (ففي ذلك الوقت تحديداً كانت كيمياء الغلاف الجوي للأرض مناسبة لتطور الكائنات الحية الأولى، أي الميكروبات ذات الحمض النووي الريبوزي).           

هي فكرة تستحق الدراسة

ولنكن واضحين، لا يحاول ويست وإلكنز-تانتن برهنة أنَّ الحياة على الأرض نشأت في الأصل على لبنات كوكبية، بل إنَّ هذه الفكرة تستحق الدراسة.

إلى جانب أنَّ هذا العمل الجديد لا يزال في مراحله الأولى، إذ شكَّل مؤتمر Breakthrough Discuss المرة الأولى التي تعرض فيها إلكنز-تانتن هذه الفكرة على زملائها عالمي الكواكب.        

وأعربت عن أملها في أن يشجع هذا العمل على إجراء مزيد من النقاشات والأبحاث حول نشأة الحياة وانتشارها المحتمل عبر النظام الشمسي.

وقالت إلكنز-تانتن: "الغرض من هذا العمل هو أن يكون مجرد نوع من المعضلة الفكرية التي نعكف جميعاً على دراستها.

هل من الممكن أن تكون الحياة نشأت فعلياً على كويكبات؟ هل يُحتمَل أن تكون هناك أدلة على وجود حياة على نيازك لا نعرفها ويجب علينا البحث عنها؟ وإذا كان ذلك صحيحاً، كيف يُعقَّل أنها منتشرة عبر النظام الشمسي؟ إضافة إلى الكثير والكثير من النتائج الأخرى لهذه الاحتمالية والتي ليس لها تفسير".

يُذكَّر أنَّ فكرة أنَّ الحياة انتقلت من جسد لآخر عبر النظام الشمسي ليست جديدة بالطبع، فعلى سبيل المثال، اقترح بينر وآخرون أنَّ الحياة على الأرض ربما تكون نشأت بالأساس على المريخ ثم انتقلت هنا على سطح صخرة انفصلت عن الكوكب الأحمر بفعل ضربة مُذنّب أو نيزك.  

وهناك بعض الباحثين أيضاً افترضوا أنَّ الحياة جاءت إلى الأرض من نظام شمسي آخر، ربما على سطح مُذنّب متجول.

تحميل المزيد