كواليس هدنة غزة المفاجئة.. مصر فاوضت إسرائيل باسم حماس لإدخال الدعم القطري

عربي بوست
تم النشر: 2019/05/06 الساعة 20:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/05/07 الساعة 10:29 بتوقيت غرينتش

رغم الوعيد الإسرائيلي وتهديدات ترامب لـ "حماس" وأهل غزة، فوجئ العالم بالإعلان عن وقف إطلاق نار في قطاع غزة بأول أيام شهر رمضان، فما هي كواليس وقف إطلاق النار في غزة؟ ولماذا استجابت إسرائيل لطلبات حماس بهذه السرعة؟

بعد عدة أيام من القصف الإسرائيلي الذي استهدف قطاع غزة؛، نجحت الجهود القطرية والمصرية والأممية في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ صباح أول أيام شهر رمضان المبارك، بعد أن قُتل أكثر من 20 فلسطينياً وأصيب العشرات.

لكن لماذا بدأ الصِّدام؟ وما أسبابه؟ ولماذا وافقت إسرائيل هذه المرة على شروط "حماس"؟ وما الدور المصري والقطري في هذه الأزمة؟ أسئلة نجيب عنها من مصادرها في التقرير التالي.

كواليس وقف إطلاق النار في غزة

ملف الوساطة الإسرائيلية – الفلسطينية ملف استخباراتي مصري بالدرجة الأولى، وكانت تتولاه المخابرات العامة المصرية منذ عهد مبارك.

ومنذ أبريل/نيسان 2019 هناك اجتماعات شبه دائمة بين قيادات الجهاز المصري برئاسة اللواء عباس كامل، وكلٍّ من إسرائيل و "حماس" على حدة، بهدف الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق الصواريخ من جانب المقاومة الفلسطينية، مقابل أن تتوقف إسرائيل عن الخنق الاقتصادي الدائم التي تفرضه على قطاع غزة.

كواليس وقف إطلاق النار في غزة
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو – رويترز

 يقول أحد ضباط الاستخبارات المصرية لـ "عربي بوست" (فضَّل عدم ذكر اسمه):  "سعت مصر إلى إقناع إسرائيل بالسماح لقطاع غزة باستقبال أموال الدعم القطري، لتحسين البنية التحتية المتهالكة في غزة، فضلاً عن تخفيف قبضتها على المعابر الحدودية، على أن يتم إرجاء الحديث عن موضوع تبادل الأسرى إلى مرحلة لاحقة".

ويزعم ضابط الاستخبارات المصرية أن الأمور سارت بشكل جيد نسبياً، لكن إسرائيل أحرجتهم بتعنتها في استقبال القسط الشهري من الدعم القطري (30 مليون دولار)، لافتاً إلى أنه من دون موافقتها لم يكن يمكن السماح بمرور الأموال إلى غزة.

الفلسطينيون يختارون توقيتاً حسّاساً لإحراج نتنياهو

يرى الضابط المصري أن الجانب الفلسطيني استُفز من عرقلة المساعدات فقرر الضغط على الإسرائيليين، مستغلاً إقبال إسرائيل على ما يُعرف بـ "أعياد الاستقلال"، فضلاً عن اقتراب موعد إقامة مهرجان الأغنية الأوروبية "يورو فيرجن" خلال الشهر الجاري (مايو/أيار 2019)، في تل أبيب.

توترت الأوضاع فجأة، وأطلقت حركة "الجهاد الإسلامي" حزمة صواريخ أصابت الساحل الإسرائيلي، رداً على تصعيد تل أبيب تجاه القطاع.

أموس بن تزيون، الجنرال الإسرائيلي المتقاعد، يرى أن "حماس لم تشارك هذه المرة، في القصف".

لكنه يقول: "عملياً، الكل يعلم أن (الجهاد) حليف قوي لحماس". وإسرائيل تثأر باغتيال شخصية مهمة لتمويل المقاومة.

عمدت إسرائيل إلى إحكام الحصار على أبناء غزة، فقررت خنقها مالياً، وقامت باغتيال حامد الخضري، زاعمة أنه المسؤول عن إدخال المال إلى غزة.

ويزعم الخبير الإسرائيلي أن اغتيال الخضري، الأحد 5 مايو/أيار 2019، كان هدفه عرقلة الإمداد المالي الإيراني للقطاع.

الإدارة الأمريكية تطلب من مصر التدخل رُغم وعيد ترامب

لكن في الوقت الذي تدخل فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كعادته لدعم الموقف الإسرائيلي والوقوف بكل قوة خلف حليفه نتنياهو، كانت الإدارة الأمريكية ترى أن التهدئة هي الأفضل الآن للجميع.

إحدى موظفات الخارجية الأمريكية تحدثت لـ "عربي بوست"، قائلة: "الصِّدام الآن يحمل في طياته خسارة للجميع، الفلسطينيون أجادوا اختيار توقيتهم هذه المرة، لذا كانت نصيحتنا للقاهرة هي السعي إلى التسوية قبل نهاية الشهر، وإتاحة الفرصة لغاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي (الذي يروّج لصفقة القرن)، للعمل في هدوء والوصول إلى اتفاقٍ مُرضٍ للجميع".

وبالفعل تحركت القاهرة صوب التهدئة، وهو ما حدث بالفعل، حيث استجابت إسرائيل لعدة مطالب فلسطينية، أسفرت عن الهدنة التي أعلنها أبو مجاهد البريم، المتحدث باسم لجان المقاومة الشعبية، صباح الإثنين، أول أيام رمضان.

ماذا تحقق من مطالب الفلسطينيين؟

محمود الناصر، عضو حركة حماس، تحدث لـ "عربي بوست" عن التهدئة، قائلاً: "مطالبنا  المشروعة تتمحور حول الحرية والعيش الكريم لأهالينا في غزة".

وأضاف الناصر: "نتحدث عن أمور أوليةٍ مثل عدم قطع الدعم المالي القطري، وتوريد الوقود إلى محطة توليد الكهرباء، وإنشاء خزانات للوقود، وتشغيل محطة تحلية مركزية، فضلاً عن عدم خنق المعابر، وهي كلها أمور بسيطة ومشروعة".

كواليس وقف إطلاق النار في غزة
المقاتلات الإسرائيلية استهدفت مناطق متفرقة من قطاع غزة، فيما أطلقت الفصائل الفلسطينية عشرات الصواريخ باتجاه المستوطنات – رويترز

 ويختتم حديثه قائلاً: "التهدئة لا تعني استسلامنا ولا تنازلنا عن حقوقنا، بالعكس ستظل أصابعنا على الزناد، للدفاع عن شعبنا، ولنكون له درعاً وسيفاً كما سبق أن أعلن السنوار".

ويبدو أن الجانب الفلسطيني نجح هذه المرة في انتزاع بعضٍ من أبسط حقوقه من الجانب الإسرائيلي، عبر حُسن اختيار الوقت الذي يوجّه فيه ضربته الأولى.

ورغم الصلف المعلن الذي يُبديه ترامب ونتيناهو، فإنه على الأرض تحركت عدة عواصم، بدءاً من واشنطن وانتهاءً بالدوحة والقاهرة ومروراً بتل أبيب والرياض، للوصول إلى تسوية، لتهدئة الوضع في القطاع المنكوب ولو إلى حين.

تنويه:
هذه نسخة محدثة عن نسخة سابقة، أضيفت إليها معلومات جديدة وإزالة أخرى تجاوزتها الأحداث، فوجب التنويه.

تحميل المزيد