إيران ستصدر نفطها رغم العقوبات، وإجراءات واشنطن لن تُسقط النظام كما يتمنى ترامب.. فما الذي تعول عليه أمريكا؟

انتهت الإعفاءات من العقوبات الأمريكية الممنوحة للبلدان التي تستورد النفط من إيران، الخميس 2 مايو/أيار 2019، لكن الخبراء يقولون إنه من غير المحتمل أن يؤدي ذلك لانهيار الحكومة الإيرانية، مع أن اقتصادها سيتضرر.

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/05/04 الساعة 09:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/05/04 الساعة 09:58 بتوقيت غرينتش
أحد حقول النفط الإيرانية/ رويترز

انتهت الإعفاءات من العقوبات الأمريكية الممنوحة للبلدان التي تستورد النفط من إيران، الخميس 2 مايو/أيار 2019، لكن الخبراء يقولون إنه من غير المحتمل أن يؤدي ذلك لانهيار الحكومة الإيرانية، مع أن اقتصادها سيتضرر.

وفّرت الإعفاءات من العقوبات الممنوحة لتركيا والصين واليابان والهند وكوريا الجنوبية شريان حياة للحكومة الإيرانية، لكن مع انتهاء صلاحية الإعفاءات، يجب أن تتوقف تلك الواردات، وإلا ستواجه تلك البلدان الانتقام الاقتصادي من الولايات المتحدة.

أمريكا تتمنى تغيير النظام في إيران، ولذلك تقوم بالضغط على طهران من خلال عقوباتها

جاء الضغط لإنهاء الإعفاءات من كبار المسؤولين في البيت الأبيض، وخاصة وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون، وكلاهما يشجعان تغيير النظام في إيران.

وقال الخبير الإيراني تريتا بارسي، مؤسس المجلس القومي الأمريكي الإيراني، لموقع Middle East Eye: "اللعبة التي تلعب الآن هي تأثير صدمة".

لكنها تعلم أن ذلك لن يسقط النظام، لكنها تعول على إخراج الناس للشوارع

وأضاف: "الفكرة هي أن ينهار النظام، صدم النظام الإيراني وإخراج الناس إلى الشوارع".

ومع ذلك فمن غير المرجح أن يؤدي انتهاء الإعفاءات من العقوبات إلى الإطاحة بالحكومة الإيرانية، حسبما يرى خبراء.

وقال بارسي: "الألم الاقتصادي سيكون هائلاً، لكنه لن يسقط النظام".

إيران وجيرانها سيلتفّون على العقوبات الأمريكية كما كان قبل توقيع الاتفاق النووي

لدى إيران وجيرانها عدد من الطرق للالتفاف حول العقوبات، بما في ذلك التهريب، وهو ما كان عليه الوضع قبل توقيع الاتفاق النووي.

وقال نزار هاشم زاده، أستاذ الاقتصاد بجامعة رادفورد في فرجينيا لموقع Middle East Eye: "خلال فترة الحظر على بلدنا، ابتكر الأفراد المغامرون والجماعات المنظمة جميع أنواع الوسائل لتجنب اكتشافهم، وانتهكوا قوانين الحظر بسهولة، لم تنجح القواعد".

لم تعلق الولايات المتحدة بعدُ على انتهاء الإعفاءات من العقوبات، منذ الإعلان عنه في 22 أبريل/نيسان الماضي.

وقتها قال بومبيو: "إذا لم تمتثل لهذا ستكون هناك عقوبات، هذا ما اتفقنا عليه هذا الصباح".

وأضاف بومبيو: "لدينا متطلبات، ولإجراء هذه المعاملات يحتاج المرء دائماً إلى المشاركة في الأسواق المالية، وننوي تنفيذ العقوبات. لا نضع عقوبات لا نعتزم تشجيع الدول على التعاون معها".

بالرغم من ذلك لا تمتلك واشنطن إجراءات للتحكم في التجارة الحدودية مع الدول المجاورة لإيران

ومع ذلك يؤكد الخبراء أن الولايات المتحدة لا تملك الآليات أو القوى العاملة أو الموارد لتنفيذ إجراءات مشددة على التجارة الحدودية مع الدول المجاورة لإيران، وهي العراق وتركيا.

وقال بارسي: "محاصرة إيران بالكامل أمر شبه مستحيل"، مضيفاً أن حدود إيران مع العراق كبيرة وينفذ منها كل شيء.

وقالت تركيا، التي تشترك مع العراق في حدود واسعة ومع إيران، وتعتمد بشدة على النفط منها، إنها لا تملك القدرة على وقف الواردات على الفور.

وقال وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، في مؤتمر صحفي الخميس الماضي: "لا يبدو ممكناً بالنسبة لنا تنويع مصادر النفط الذي نستورده في وقت قصير".

"علينا أن نجدد تكنولوجيا مصافي التكرير لدينا، عندما نشتري النفط من دول ثالثة. هذا يعني أن المصافي ستظل مغلقة لبعض الوقت، هذا بالطبع له تكلفة".

كانت تركيا تستورد ما يقرب من مليون طن من النفط شهرياً من إيران حتى مايو/أيار 2018، وما زالت تستورد 73,000 برميل يومياً، وفقاً للبيانات التي جمعتها شركة SVB الدولية للطاقة ومقرها واشنطن.

الهند والصين تقاومان العقوبات الأمريكية على إيران

أبدت كل من الهند والصين اعتراضهما على قرار الولايات المتحدة بإنهاء الإعفاءات.

وذكرت صحيفة Hindustan Times الأربعاء الماضي، أن وزيرة الشؤون الخارجية الهندية سوشما سواراج، طلبت من بومبيو إعادة النظر في موقف الولايات المتحدة، نقلاً عن أشخاص على دراية بالمحادثة، لم تحدد الصحيفة هويتهم.

وفي الوقت نفسه، انتقدت الصين القرار علانية، ووصفته بأنه "فرض سلطات قضائية خارج الحدود" من الولايات المتحدة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية جينج شوانغ في 22 إبريل/نيسان: "تعاوننا مع إيران مفتوح وشفاف وقانوني وشرعي، وبالتالي يجب احترامه".

واستخدم الأوروبيون بالمثل "مركبة ذات غرض خاص" لتجنب العقوبات الإيرانية.

في وقت مبكر هذا العام، كان التصور الأصلي من الاتحاد الأوروبي للآلية المالية كوسيلة للمساعدة في مطابقة صادرات النفط والغاز الإيرانية، مقابل شراء سلع الاتحاد الأوروبي.

لكنَّ دبلوماسيين قالوا لوكالة رويترز في يناير/كانون الثاني الماضي، إنها ستستخدم فقط في التجارة الصغيرة، مثل المنتجات الإنسانية والطعام.

رغم ذلك فإن إنهاء برنامج الإعفاءات سيُسبب ضرراً اقتصادياً على طهران

وبغضِّ النظر عن ذلك، فإن إنهاء برنامج الإعفاءات يهدف إلى إحداث مزيد من الضرر للاقتصاد الإيراني.

ارتفع معدل التضخم في إيران إلى ما يقرب من 40% -حوالي 130 ألف ريال إيراني يعادل دولاراً أمريكياً واحداً- منذ أن أعادت الولايات المتحدة فرض العقوبات بعد انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي الذي تم توقيعه في عام 2015، وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي.

وقال صندوق النقد الدولي إن من المتوقع أن تفقد البلاد 6% من ناتجها المحلي الإجمالي على مدار هذا العام.

وبسبب ذلك قد تكون النتائج عكسية بالنسبة لواشنطن، وربما يؤدي إلى ظهور إيران أكثر عدوانية

لكن رغم ضرر العقوبات، قال الخبراء إن الولايات المتحدة ليست لديها استراتيجية شاملة، وربما تؤدي سياساتها إلى إيرانٍ أكثر عدوانية عسكرياً.

وقال بوب ماكنالي، وهو مستشار طاقة سابق للرئيس جورج دبليو بوش، في مقال بصحيفة Financial Times: "يمكن لطهران، المحشورة بشكل متزايد في زاوية، أن تسبب قلاقل في نقاط بيع النفط الإقليمية مثل مضيق هرمز، مما قد يؤدي إلى تصعيد غير مقصود، حتى لو كان من غير المحتمل مهاجمة الولايات المتحدة أو خصومها الإقليميين مباشرة".

ردّد بارسي نفس الشعور تجاه سلوك إيران.

وقال لموقع Middle East Eye: "إذا وصلوا إلى نقطة يتعرَّضون فيها للضغوط، فسوف يهاجمون"، "وهذا له مخاطره الخاصة".

تحميل المزيد