الثورة في مفترق طرق.. تعرف على أبرز الاحتمالات التي تنتظر الحراك السوداني

عربي بوست
تم النشر: 2019/04/30 الساعة 16:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/05/01 الساعة 03:56 بتوقيت غرينتش
من احتجاجات السودانيين خارج مقر وزارة الدفاع بالعاصمة الخرطوم/ رويترز

بدا اليوم الثلاثاء 30 أبريل/نيسان 2019، أن الثورة السودانية وصلت لمحطة تحديد المصير الحقيقية بعد أن وصلت المفاوضات بين قادة المجلس العسكري وممثلي الحراك إلى طريق مسدود وتبدلت لهجة البيانات من الجانبين، فماذا يعني ذلك؟ وأي السيناريوهات تنتظر الشعب السوداني؟ وأيها أقرب للتحقق على أرض الواقع ومتى؟

جماعة الاحتجاج الرئيسية في السودان "تجمع المهنيين السودانيين" دعت الإثنين 29 أبريل/نيسان إلى العصيان المدني والإضراب العام، بعدما فشلت الاجتماعات مع قادة الانقلاب العسكري في تحقيق أي تقدم بشأن تشكيل مجلس انتقالي مدني عسكري مشترك.

وقال التجمع في بيان له: "الإضراب السياسي والعصيان المدني الشامل أسلحة الشعوب الأدبية، والتي تقهر الظلم وتستهزئ بالطغاة، وهذا ما سيحمي ثورتنا. وسنتصدى لكافة أشكال التآمر حتى ولو وقفنا بخط النار سنين عدداً".

على الجانب الآخر حذر محمد حمدان دقلو الشهير بحمديتي نائب المجلس العسكري اليوم الثلاثاء من استمرار الاعتصام وتعهد بفرض القانون والأمن وحماية المواطن وممتلكاته، قائلاً "إن للصبر حدود".

وجاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده حمدان إلى جانب قادة آخرين في المجلس العسكري، وتحدث فيه عن جانب مما جرى في المفاوضات التي تعثرت مع قوى "الحرية والتغيير".

واستخدم حمدان نبرة تهديدية حيال السودانيين المتواجدين في الشارع، وعلى الرغم من أنه قال بأن المجلس ملتزم بالتفاوض لكنه حذر قائلاً: "لا فوضى لا فوضى بعد اليوم لا فوضى بعد اليوم."

ما هي نقاط الخلاف؟

النقاط الخلافية بين الطرفين تتمثل في مدة الفترة الانتقالية، حيث يريدها العسكريون عامين فقط بينما يريدها قادة التغيير 4 سنوات. وتتمثل وجهة نظر قادة الثورة في أن سنتين لن تكونا كافيتين لإنجاز عملية التحول الديمقراطي التي يريدها الشعب السوداني مما قد يؤدي لحدوث ارتداد من القادة العسكريين وبالتالي يتم إجهاض مطالب الثورة.

النقطة الخلافية الثانية تتمثل في تشكيل المجلس السيادي الانتقالي من حيث العدد والتوزيع بين العسكر والمدنيين، فقادة المجلس العسكري اقترحوا أن يتكون المجلس السيادي من 10 أعضاء 7 منهم عسكريون و3 فقط مدنيون، بينما يريد قادة التغيير أن يكون عدد أعضاء المجلس 15 منهم 8 مدنيين و7 عسكريين.

النقطة الخلافية الثالثة تتعلق بمن سيدير الأجهزة الأمنية خلال الفترة الانتقالية وكيفية توزيع الحقائب الوزارية بين الأحزاب الموجودة حالياً وتلك المزمع تشكيلها من جانب القوى المدنية.

ما هي الأوراق بيد كل طرف؟

الآن بعد أن وصلت الأمور إلى نقطة التصادم، ستكون الأمور في الفترة المقبلة أقرب للمصارعة الحرة حيث سيسعى كل طرف لإسقاط الطرف الآخر بالنقاط أو بالضربة القاضية.

المجلس العسكري سيلعب على ورقة "حفظ الأمن وحقوق المواطنين والتحذير من المندسين والمخربين وربما بث الشائعات، وكلها تكتيكات شاهدناها جميعاً في كل الدول العربية التي شهدت ثورات شعبية منذ 2011 وحتى الآن".

حمديتي ألمح لذلك في المؤتمر الصحفي حين قال إن "هناك دعوات من بعض المتفلتين لاقتحام القصر الجمهوري ومقر قيادة الجيش وإغلاق الجسور والشوارع بالعاصمة الخرطوم"، وأضاف أن هناك حالات من التفلتات الأمنية وكلها يقوم بها مواطنون، وقوى الحرية والتغيير هي من تؤلب المتظاهرين ضد المجلس العسكري".

على الجانب الآخر لا تملك قوى الحرية والتغيير سلاحاً غير التمسك بالاعتصام أمام مقر القيادة العامة للجيش والتواجد في الشارع لأنها ورقة الضغط الوحيدة بأيديهم لتحقيق المطالب، لكن مخاطر التواجد في الشارع لفترات طويلة كثيرة ونتائجها غير مضمونة.

ما هو دور القوى الإقليمية والدولية؟

متظاهر في السودان يرفع لافتة ترفض التدخل السعودي والإمارات والمصري في شؤون السودان/ مواقع تواصل

لا يمكن إغفال دور القوى الإقليمية فيما يجري على أرض السودان، ورغم أن البيانات الرسمية الصادرة عن تلك القوى تردد عبارات محفوظة مثل "تحت مع ما يريده الشعب السوداني"، تظل نوايا الأنظمة في الجارة مصر ومعها السعودية والإمارات مثلاً محل تشكك كبير معلن من جانب قوى الحرية والتغيير.

فلا أحد يشك في عدم رغبة أنظمة الحكم في تلك الدول في حدوث تحول ديمقراطي حقيقي في السودان، بل يسعون لتكرار التجربة المصرية حيث نجح قادة الجيش في الارتداد على مطالب ثورة يناير 2011 وأصبحت مصر في قبضة حكم عسكري برئاسة عبدالفتاح السيسي.

ولا يختلف الأمر كثيراً على المستوى الدولي فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب حليف داعم للأنظمة الاستبدادية في المنطقة وليس هذا بسر بل سياسته المعلنة ودافعه هو محاربة الإرهاب كما يزعم.

أي السيناريوهات أقرب؟

رغم أن الصورة تبدو غير وردية والطريق مليء بالمطبات الصعبة، يظل تماسك الشارع السوداني والارتقاء فوق الاختلافات العرقية والخلافات الأيديولوجية بين قوى الحرية والتغيير حتى الآن ضمانة لا يستهان بها في مواجهة سعي العسكر للاحتفاظ بالسلطة.

النقطة الهامة جداً وهي ارتقاء الثورة الشعبية في السودان فوق الاختلافات العرقية والدينية والطبقية لفتت نظر محرر بي بي سي الرئيسي في الشؤون الإفريقية فيرغال كين، الذي اعتبر تلك النقطة تحدياً عملياً لفكرة التأطير الغربي للسياسة في إفريقيا على أنها ليست شعبية بقدر ما هي قبلية.

وكما قال خالد داوود الصحفي المصري والسياسي الليبرالي السابق لصحيفة واشنطن بوست في معرض تعليقه على الاحتجاجات في السودان، من أن "قوة الشارع أثبتت أنها لا تزال حية (في السودان والجزائر) ورغبة الشعوب في وجود رئيس لا يبقى مدى الحياة في منصبه،" تظل قوة لا يستهان بها.

صحيح أن الموقف الإقليمي ليس في صالح القوى الثورية في السودان، لكن تظل الخيارات محدودة أمام أعداء التحول الديمقراطي، فاللجوء لفض الاعتصام بالقوة وسقوط ضحايا في ظل حالة التماسك الشعبي ستكون آثاره كارثية على المجلس العسكري الذي لا يزال بعض أعضائه وتحديداً النائب حمديتي محل تحقيق من جانب المحكمة الجنائية الدولية بسبب الجرائم التي ارتكبت في دارفور وبالتالي سيمثل ذلك رادعاً أمام استخدام القوة.

تحميل المزيد