قالت إيران إنها ستغلق مضيق هرمز إذا مُنعت من استخدام ذلك الممر المائي الاستراتيجي الذي يعبر منه نحو خُمس كميات النفط المستهلكة عالمياً.
جاء التهديد الذي وجهه قائد القوات البحرية بالحرس الثوري الإيراني في أعقاب إعلان الولايات المتحدة، الاثنين الماضي، أنها ستنهي الإعفاءات التي منحتها العام الماضي لثمانية مشترين للنفط الإيراني، مطالبةً المستوردين بوقف مشترياتهم بحلول أول مايو/أيار وإلا واجهوا عقوبات.
وإثر ذلك ارتفعت أسعار النفط العالمية إلى أعلى مستوياتها في ستة أشهر.
ومضيق هرمز ممر ملاحي حيوي يربط منتجي النفط في الشرق الأوسط بأسواق آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية وما وراءها، ويقع منذ عقود في قلب التوتر الإقليمي.
وسبق أن هددت إيران بإغلاق مضيق هرمز دون أن تنفذ تلك التهديدات.
وفيما يلي بعض الخلفيات عن المضيق:
ما هو مضيق هرمز؟
يفصل ذلك الممر المائي بين إيران وسلطنة عُمان، ويربط الخليج العربي بخليج عُمان وبحر العرب.
ويبلغ عرض المضيق 33 كيلومتراً عند أضيق جزء منه، لكن الممر الملاحي لا يتجاوز عرضه ثلاثة كيلومترات في كلا الاتجاهين.
ما سبب أهميته؟
قدَّرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن 18.5 مليون برميل من النفط المنقول بحراً يومياً مرَّت عبر المضيق في 2016. وشكَّل ذلك نحو 30% من الخام وغيره من السوائل النفطية التي جرى شحنها بحراً في 2016.
وقالت شركة فورتيكسا للتحليلات النفطية إن ما يقدر بنحو 17.2 مليون برميل يومياً من الخام والمكثفات جرى نقلها عبر المضيق في 2017، ونحو 17.4 مليون برميل يومياً في النصف الأول من 2018.
ومع بلوغ الاستهلاك العالمي للنفط نحو 100 مليون برميل يومياً، فإن ذلك يعني أن قرابة خُمس تلك الكمية يمر عبر مضيق هرمز.
ويمر عبر المضيق كذلك معظم صادرات الخام من السعودية وإيران والإمارات العربية المتحدة والكويت والعراق، وجميعها دول أعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).
يمر من المضيق أيضاً كل إنتاج قطر تقريباً من الغاز الطبيعي المُسال. وقطر تعد أكبر مُصدِّر للغاز المسال في العالم.
وسعى كل من العراق وإيران خلال حربهما بين عامي 1980 و1988 إلى عرقلة صادرات نفط البلد الآخر فيما عُرف في ذلك الوقت بحرب الناقلات.
ويتكفل حالياً الأسطول الأمريكي الخامس المتمركز في البحرين بحماية السفن التجارية في المنطقة.
قال محلل في بنك "آر بي سي" في 22 أبريل/نيسان: "على الرغم من أن وجود الأسطول الأمريكي الخامس من المفترض أن يضمن بقاء ذلك الممر المائي الحيوي مفتوحاً، فمن المرجح أن تجري إيران في المستقبل القريب مناورات عسكرية مستفزة وأن تستأنف نشاطها النووي كذلك".
وقد افقت إيران على الحد من برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات بموجب اتفاق أبرمته عام 2015 مع الولايات المتحدة و5 قوى عالمية أخرى. وانسحبت واشنطن من الاتفاق في 2018. وتخشى القوى الغربية أن تكون إيران راغبة في صنع أسلحة نووية، وهو ما تنفيه طهران.
وأوضح محللو "آر بي سي": "ربما توحي كل هذه العوامل الجيوسياسية بأن صيفاً قاسياً ينتظر الرئيس ترامب بينما يسعى لإبقاء أسعار النفط قيد السيطرة".
هل من طرق بديلة لنفط الخليج؟
تسعى الإمارات العربية المتحدة والسعودية لإيجاد طرق أخرى لتفادي المرور بمضيق هرمز، بما في ذلك مد مزيد من خطوط أنابيب النفط.
وفيما يلي بيانات لوكالة الطاقة الدولية تظهر خطوط الأنابيب القائمة والمشروعات المقترحة.
– خطوط الأنابيب العاملة التي لا تمر بمضيق هرمز (2016):
خط بترولاين (خط أنابيب شرق – غرب): هو خط سعودي عامل تبلغ طاقته الاستيعابية 4.8 مليون برميل يومياً، ويُستخدم منها بالفعل 1.9 مليون برميل يومياً بينما تبلغ طاقته غير المستغلة 2.9 مليون برميل يومياً.
خط أنابيب أبوظبي للنفط الخام: خط إماراتي عامل سعته 1.5 مليون برميل يومياً، يُستخدم منها نصف مليون برميل بينما تبلغ الطاقة غير المستغلة مليون برميل.
خط أبقيق – ينبع لسوائل الغاز الطبيعي: خط سعودي عامل تبلغ طاقته الاستيعابية 300 ألف برميل يومياً، ومستغلة بالكامل.
خط الأنابيب العراقي في السعودية: خط سعودي تحول لضخ الغاز الطبيعي.
تبلغ الطاقة الإجمالية لجميع هذه الخطوط 6.6 مليون برميل يومياً، يُستغل منها 2.7 مليون برميل، بينما تصل السعة غير المستغلة إلى 3.9 مليون برميل.
وقائع سابقة شهدها مضيق هرمز
في يوليو/تموز 1988، أسقطت البارجة الحربية الأمريكية "فينسينس" طائرة إيرانية ما أسفر عن مقتل 290 شخصاً هم جميع من كانوا على متنها، فيما قالت واشنطن إنه حادث اعتقد فيه الطاقم أن الطائرة التجارية طائرة مقاتلة. وقالت الولايات المتحدة إن "فينسينس" كانت في المنطقة لحماية السفن المحايدة من هجمات البحرية الإيرانية.
وفي مطلع 2008، قالت الولايات المتحدة إن الزوارق الإيرانية هددت سفنها الحربية بعدما اقتربت من ثلاث سفن تابعة للبحرية الأمريكية في المضيق.
وفي يونيو/حزيران 2008، قال قائد الحرس الثوري الإيراني وقتها محمد علي جعفري إن إيران ستفرض قيوداً على المرور في المضيق إذا تعرضت للهجوم.
وفي يوليو/تموز 2010، تعرضت ناقلة النفط اليابانية "إم ستار" لهجوم في المضيق. وأعلنت جماعة متشددة تُعرف باسم كتائب عبدالله عزام، والتي لها صلة بالقاعدة، مسؤوليتها عن الهجوم.
وفي يناير/كانون الثاني 2012، هددت إيران بإغلاق مضيق هرمز رداً على عقوبات أمريكية وأوروبية استهدفت إيراداتها النفطية في محاولة لوقف برنامج طهران النووي.
وفي مايو/أيار 2015، أطلقت سفن إيرانية طلقات صوب ناقلة ترفع علم سنغافورة قالت طهران إنها دمرت منصة نفطية إيرانية، ما دفع الناقلة إلى الفرار. كما صادرت سفينة حاويات في المضيق.
وفي يوليو/تموز 2018، ألمح الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى أن بلاده قد تعطل مرور النفط عبر مضيق هرمز رداً على دعوات أمريكية لخفض صادرات إيران من الخام إلى الصفر. وقال قائد بالحرس الثوري أيضاً إن إيران ستوقف كل الصادرات عبر المضيق إذا تم إيقاف الصادرات الإيرانية.