تكشف البحار والمحيطات كل يوم أسراراً لم نظن أنها ممكنة رغم كل التقدم العلمي والتكنولوجي الذي حققه الإنسان. تخيل أنك تغوص تحت الماء، وتصادف فجأة بنهر، أو حتى بشلال!
غريب، أليس كذلك؟ ومع ذلك، يمكن لهذه الظواهر أن تحدث.
الأنهار المغمورة بالمياه ليست الأشياء الغريبة الوحيدة التي يمكنك العثور عليها تحت سطح الماء؛ هناك أيضاً بحيرات تحت الأنهار الجليدية و شلالات تحت المحيط وغيرها.
مسبح أسفل خليج المكسيك يقتل أي شيء بداخله
تحت سطح خليج المكسيك Hot Tub of Despair، يوجد مسبح مياهه مالحة على عمق 1000 متر.
يعتقد العلماء أنه تشكل قبل ملايين السنين عندما تبخر خليج المكسيك تاركاً وراءه أكواماً من الملح.
وسرعان ما غمر الملح بالمياه بعد ذلك، وأصبح في النهاية بركة تحت الماء
المسبح القاتل يشهد تركيزاً مرتفعاً للملح أعلى 4 مرات من ملوحة المياه حوله. كما يفتقر إلى الأكسجين، ولكنه غني بكبريتيد الهيدروجين والميثان، وهما يشكلان كارثة للحياة البحرية.
الأسماك وسرطانات البحر التي تجرؤ على السباحة في هذا المسبح لا تبقى على قيد الحياة كما أن المحتوى العالي من الملح في المسبح يترك الأجساد محفوظة لسنوات.
نهر تحت البحر الأسود لتستمر الحياة في الأعماق
يتدفق تحت البحر الأسود نهر لم يكشف عن اسمه بعد. ويتميز بوجود مناطق منحدرة ومساقط مائية تشبه الموجودة على اليابسة.
لو كان موجوداً على سطح الأرض لأصبح سادس أكبر نهر في العالم من حيث كمية الماء الجارية فيه، بعد الأمازون والغانج والكونغو واليانغتسي وأورينوكو.
يبلغ عمق النهر 35 متراً وعرضه كيلومتر واحد، ويتدفق مباشرة في قاع البحر الأسود.
هذا ممكن بفضل ملوحته العالية، التي تمنع ماءها من الاختلاط بمياه البحر الأسود.
لوحظ ذلك من قبل علماء من جامعة ليدز، الذين قاموا بتتبعه بغواصة روبوتية لمسافة 60 كم، بسبب عدم قدرة الأقمار الصناعية والرادارات الوصول إلى قاع البحر ومراقبته.
النهر الذي اكتشفه د . بارسونز وزملاؤه، منبعه مياه عالية الملوحة تتسرب من البحر الأبيض المتوسط وتنفذ عبر مضيق البوسفور إلى البحر الأسود حيث الماء أقل ملوحة.
يجعل هذا الفرق المياه المتدفقة من البحر الأبيض قادرة على الجريان كأي نهر على قاع البحر.
يقول علماء البحار والمحيطات إن الاكتشاف سهّل عليهم وضع تفسيرات لكيفية تمكن الأحياء من مواصلة البقاء في المناطق العميقة، بعيداً عن المياه الغنية بالعناصر الغذائية التي لا تتوافر إلا في المناطق القريبة من اليابسة.
والسبب وفق ما نشرت صحيفة Telegraph، أن النهر له دور في نقل الرواسب والعناصر الغذائية والأوكسجين والنيتروجين اللازمة لاستمرار الحياة في الأعماق السحيقة.
شلال تحت سطح مضيق الدنمارك البحري
وجد العلماء أن أكبر الشلالات تقع في الحقيقة تحت الماء، وتحديداً تحت مضيق الدنمارك، الذي يفصل بين أيسلندا وغرينلاند.
تتكون هذه الشلالات عندما تقابل المياه الباردة الكثيفة من بحر الشمال، المياه الدافئة الخفيفة من بحر إيرمنغر.
عندما تلتقي المياه، تنزلق مياه بحر غرينلاند الأكثر برودة وكثافة بهبوط حاد إلى قاع المحيط، مما يخلق تدفقاً سحيقاً للمياه يقدر بأكثر من 123 مليون قدم مكعب في الثانية.
بحيرة ويلانز في القطب الجنوبي.. طعام عمره 34 مليون سنة
تقع بحيرة ويلانز تحت الجرف الجليدي روس في غرب القارة القطبية الجنوبية.
يعتقد العلماء أن عمقها يتراوح بين 10 و 25 متراً، على الرغم من أنهم وجدوا أن عمقها يصل إلى مترين فقط (6.6 قدم) عندما تم الحفر فيه لأول مرة في يناير/كانون الثاني 2013.
لكن هذا لا يعني أنها ليست أعمق في مناطق أخرى.
كشفت عينات المياه المستخرجة من البحيرة عن وجود الميكروبات التي بقيت على قيد الحياة دون الحاجة إلى أشعة الشمس.
تتغذى هذه الميكروبات على حبوب اللقاح المتحجرة التي دُفنت تحت الجليد منذ أكثر من 34 مليون عام.
اكتشف العلماء والباحثون في مشروع (سالسا) (اختصار لعبارة "الوصول إلى المنطقة البحرية تحت الجليد في القطب الجنوبي") أيضاً بحيرة تدعى ميرسر على عمق 1066 متراً أسفل جليد القطب الجنوبي، يبلغ عمقها 15 متراً.
وتوقع الفريق العثور على أشكال حياة ميكروبية في تلك العينات، وقد عثروا بالفعل، لكنهم فوجئوا بما كان يكمن في الوحل.
احتوت العينات على بقايا قشريات صغيرة وجسم مخلوق يدعى "تارديغريدز"، وهو نوع من اللافقريات 8 الأرجل معروفة بقدرتها على تحمل أشد الظروف قسوة.
نهر حمزة في البرازيل.. أعرض من نهر الأمازون
يوجد نهر حمزة على عمق 4000 متر أسفل نهر الأمازون في البرازيل.
يبلغ طول هذا النهر 5950 كيلومتراً، ولكنه لا يزال أقصر من نهر الأمازون الذي يبلغ طوله 6180 كيلومتراً.
اكتشف العلماء هذا النهر بعد أن قاموا بتحليل بيانات من 241 بئراً قامت شركة النفط البرازيلية "بتروبراس" بحفرها في منطقة الأمازون في السبعينيات والثمانينيات.
تمت تسمية النهر بشكل غير رسمي باسم حمزة من قبل علماء في المرصد الوطني البرازيلي تكريماً لزميلهم، الجيوفيزيائي فاليا حمزة.
نهر حمزة أكبر بكثير في العرض، حيث يبلغ حوالي 200 إلى 400 كم، مقارنة بعرض الأمازون من حوالي 1 إلى 100 كم.
تتدفق المياه عبر حمزة بمعدل مليون غالون في الثانية، وهو صغير جداً مقارنةً بمعدل تدفق الأمازون البالغ 35 مليون غالون في الثانية.
لا تسافر المياه حتى أكثر من 100 متر سنوياً في نهر حمزة، مما تسبب في مطالبة بعض العلماء، بمن فيهم البروفيسور حمزة، بعدم اعتباره نهراً.
قد يكون معدل تدفق حمزة البطيء للغاية نتيجة لتدفقه عبر الصخور المسامية وليس الفضاء المفتوح مثل الأمازون.