تعديلات دستورية بالإكراه.. موقع أمريكي: استفتاء بقاء السيسي مليء بالمخالفات

عربي بوست
تم النشر: 2019/04/22 الساعة 15:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/04/22 الساعة 15:56 بتوقيت غرينتش
صورة جندي مصر أمام إحدى لجان الاستفتاء على الدستور/ رويترز


بينما كان الناخبون يصطفون خارج صناديق الاقتراع في العاصمة المصرية القاهرة خلال الأيام من السبت 20 حتى الإثنين 22 أبريل/نيسان 2019، كانت أصوات الموسيقى تتعالى، فيما كان بعضهم يرقصون ويلوحون بالأعلام المصرية.

وكان الكثير من الناس يحملون منشوراتٍ بها صورةٌ للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وعلامة ✓ "صح"  أعلى عبارة موافقة كتبت باللون الأخضر. لحثِّ المواطنين على التصويت بـ"نعم".

وإذا جرت الموافقة على التعديلات الدستورية المقترحة في التصويت، يمكن أن تُمدِّد حكم الرئيس حتى عام 2030، وتُعمِّق دور الجيش في المجتمعات. ومن جانبه أيَّد البرلمان المصري التعديلات بأغلبيةٍ ساحقة، وأعلن طرحها للتصويت الوطني يوم الأربعاء الماضي 17 أبريل/نيسان. ومن المتوقع ظهور النتائج بحلول يوم 27 أبريل/نيسان.

المعارضون: التعديلات ستدمر حلم الديمقراطية


بعض الناخبين يصطفون أمام إحدى لجان الاستفتاء/ رويترز

وبحسب موقع Voice of America الأمريكي يقول معارضو هذه التعديلات إنَّها ستدمر الأحلام الديمقراطية التي وُلِدَت في عام 2011، حين أسفرت الانتفاضة الشعبية عن إطاحة الدكتاتور حسني مبارك الذي استمر في منصبه 30 عاماً، وإنَّ الاستفتاء مشوبٌ بالفساد والإكراه. بينما يقول المؤيدون إنَّ وجود قيادة آمنة سيجعل مصر أكثر أماناً، ويساعد البلاد في الخروج من الأزمة الاقتصادية.

إذ أوضح هشام قاسم، وهو ناشرٌ ومحلل مصري مُحنَّك، في مقابلةٍ أُجريت معه قبل التصويت أنَّ "التأثير التشريعي في الأساس سيكون تركيز جميع السلطات في يد الرئاسة".

بينما قال العديد من الأشخاص الذين شاركوا في التصويت إنَّهم لا يعرفون ماهية التعديلات المقترحة بالضبط، لكنَّهم جاؤوا لإظهار دعمهم للحكومة، من بينهم فتاةٌ تُدعى منار عمرها 20 عاماً كانت ترتدي حجاباً أصفر وتحمل العلم المصري عندما جاءت للتصويت.

وصحيحٌ أنَّها كانت مُحرَجة في البداية من الاعتراف بأنَّها لا تعرف ماهية التعديلات الذي ستصوت لها، لكنَّها قالت لاحقاً بثقة: "لقد صوَّتُّ بنعم لأنني أعتقد أن السيسي يفعل أشياء عظيمة".

تعديلات دستورية في غياب المعارضة

ويشير الموقع الامريكي أنَّ معظم المراقبين يرون أنَّ نتيجة التصويت شبه محسومة. فعلى مرِّ الأسابيع الماضية، كانت وسائل الإعلام المصرية -الموالية للحكومة بأغلبيةٍ كاسحة- تروِّج للموافقة على التعديلات، ولم تَظهر أي مٌعارضة مُنظَّمة لتحدي تلك الرسالة.

وبالإضافة إلى ذلك، يوزِّع مؤيدو الموافقة على التعديلات سلعاً غذائية، مثل الزيت والأرز والسكر، علانيةً على بعض الأشخاص الذين يُظهِرون أصابعهم المصبوغة بالحبر المستخدم لمنع تزوير الأصوات. وقال بعض المصوتين لموقع Voice of America إنَّ بطاقات الهوية الخاصة بهم صودرت، وإنَّهم أُجبِروا على التصويت لاستعادتها.

مصريون يشاركون في الاستفتاء على التعديلات الدستورية/ رويترز


بينما قال أشخاصٌ آخرون عند اللجان الانتخابية للموقع الأمريكي إنَّهم تلقوا عروضاً بالحصول على نقودٍ إذا صوَّتوا، وقال بعض الطلاب إنَّهم حصلوا على أموالٍ بالفعل نظير الوقوف عند اللجان الانتخابية في ذلك اليوم.  

وفي حين أنَّ هذه الأنواع من المخالفات واسعة الانتشار، فليس من الواضح بالضبط من المسؤول عنها. ففي مصر، تتحد مصالح الحكومة والجيش والعديد من رجال الأعمال الكبار، لذا تجمَّعت الأطراف الثلاثة علناً حول الرئيس للتزلُّف، وفقاً لما ذكره هشام قاسم.

وكانت هناك حافلةٌ خارج إحدى اللجان الانتخابية يوم السبت مكتوبٌ عليها عبارة "خدمة الشعب". وكان بها شابٌ يُدعى حسام يرتدي سترة ثقيلة وسروال جينز. وحين سُئِل عن المكان الذي ستذهب إليه تلك الحافلة، قال بهدوء: "ستأخذنا إلى حيث سنتلقِّى الأموال التي وعدونا بها نظير التصويت".  

كان من الصعب العثور على شخص يعلن رفض الاستفتاء

وكان من الصعب العثور على أي شخص يعلن رفض التعديلات وقت الاستفتاء. فمنذ إطاحة الرئيس السابق محمد مرسي في عام 2013 بعد احتجاجاتٍ جماهيرية طالبت بتنحيه، اتُّهِمَت حكومة السيسي بسجن المعارضين.

وتقول منظمة العفو الدولية إنَّ التعديلات الدستورية "ستُعزِّز حصانة أفراد قوات الأمن من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان، مما يؤجِّج مناخ القمع الموجود بالفعل في البلاد".

فقبل أن يقول أحمد ممدوح، وهو طالبٌ في كلية إدارة الأعمال، لموقع Voice of America، إنَّه سيصوِّت بـ"لا"، أكَّد لجميع من كانوا يسمعونه أنَّه يدعم الرئيس، وأنَّه لا يعترض على تمديد فترة ولايته.

وذكر ممدوح أنَّ التعديلات ستضعف البرلمان، وأنَّ حصول النساء على مزيدٍ من المقاعد في حال الموافقة على التعديلات أمرٌ غير مفيد.

إذ قال: "كيف سأستفيد من ذلك؟ لا يهم إذا كان الشخص الذي يمثلني في البرلمان رجلاً أو امرأة، لأنَّهم لن يتمتعوا بأي سلطة".

جديرٌ بالذكر أنَّ التعديلات تتضمَّن تمديد فترة ولاية السيسي الحالية، إلى جانب السماح له بالترشَّح للرئاسة مرةً أخرى في عام 2024، وتُعزِّز دور الجيش، الذي يُمثِّل جزءاً كبيراً من الاقتصاد المصري، في نظام العدالة الجنائية.

والأحد 21 أبريل/نيسان، أشادت المصادر الإخبارية المحلية الموالية للحكومة بإقبال الناخبين على العديد من اللجان الانتخابية ووصفته بأنَّه "ضخم"، مع ازدياد أعداد النساء على وجه الخصوص بين الناخبين. لكنَّ بعض السكان المحليين بدوا غير مكترثين، قائلين إنَّهم لا يفهمون التغييرات الفعلية بوضوح، وإنَّهم لم يقتنعوا بكلام الأشخاص الذين شجَّعوهم على التصويت.

وقال وائل وهو في طريقه إلى عمله حيث يبيع المنتجات الحيوانية الباقية من أحد متاجر الجزارة: "عرض صندوق السلع الغذائية لا يكفيني لأخذ إجازة من العمل".
وأضاف: "ولا أعتقد أنَّهم يوزِّعون أموالاً. لذا فهذا العرض جيدٌ لربات البيوت، لكنني يجب أن أعمل".

تحميل المزيد