لا يزال محتجو السترات الصفراء في فرنسا قوةً يُحسَب لها حساب مع تنظيمهم تظاهرات للأسبوع الثالث والعشرين على التوالي منذ بدء الحركة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وإليكم نظرة على الحركة كما نشرتها وكالة Associated Press الأمريكية.
مَن هم؟
بدأت الحركة بين العمال القرويين الذين خيَّموا خارج الدوائر المرورية احتجاجاً على رفع ضرائب الوقود مرتدين سترات صفراء كان يمكن رؤيتها ليلاً والتي يتوجَّب على كافة السائقين الفرنسيين الاحتفاظ بها في سياراتهم تحسُّباً لحالات الطوارئ.
وسرعان ما انتشرت الحركة عبر مختلف ألوان الطيف السياسي والمناطقي والاجتماعي وعبر الأجيال المختلفة، الغاضبين من التفاوت الاجتماعي والطريقة التي يدير بها الرئيس إيمانويل ماكرون البلاد. وفي ذروة الحركة، خرج ربع مليون شخص في مسيراتٍ بمختلف أرجاء فرنسا، وتشير استطلاعات الرأي إلى دعم أكثر من 80 % من الفرنسيين لها.
لكنَّ الأعداد تضاءلت بعد معالجة ماكرون بعض المخاوف، وبعد اختطاف مثيري الشغب للاحتجاجات السلمية وتحطيمهم النُصُب والمعالم ورد الشرطة عليهم بالقوة. وجذبت الحركة على نحوٍ لافت المتطرفين من اليمين المتطرف، وتجذب الآن على نحوٍ متزايد المتطرفين من أقصى اليسار وأولئك الذين يُظهِرون آراءً معادية للسامية.
ماذا يريدون؟
في البداية، كانوا يريدون وضع حدٍ لزيادة الضريبة على الوقود. لكنَّ قائمة طلباتهم سرعان ما نمت.
تُركّز معظم المطالب على العدالة الاجتماعية: تخفيض الضرائب على العمال والمتقاعدين، وزيادة الضرائب على الأثرياء، وزيادة الإنفاق العام لمساعدة الطبقة العاملة.
يريد كثيرون تسهيل مهمة تنظيم الجماهير للاستفتاءات الوطنية. ويريد البعض بذل مزيد من الجهد لإنقاذ الكوكب. في حين يريد البعض الآخر تأميماً جماعياً للشركات الفرنسية، أو حتى ثورة شاملة. وتطالب الحشود أسبوعياً بتنحّي ماكرون.
ما رد الرئيس؟
خضع ماكرون بسرعة لمطلبهم الأول، فألغى الزيادة في الضريبة على الوقود. وقدَّم 10 مليارات يورو في صورة تخفيضات ضريبية أو مبادرات أخرى للمتقاعدين والعمال.
ومع أنَّه لا يريد إعادة فرض ضريبة على الثروة، فإنَّه منفتح على فكرة الاستفتاءات الوطنية، ولا خطط لديه للاستقالة من منصبه.
وأطلقت حكومته نقاشاً وطنياً يهدف لمعالجة مخاوف المحتجين، فطافت البلاد لعقد لقاءاتٍ شعبية وجمعت الشكاوى عبر الإنترنت. ومن المتوقع إعلان نتائج الإجراءات الحكومية الأسبوع المقبل.
لماذا لا تزال الحركة مستمرة حتى الآن؟
تقول النواة الصلبة للمحتجين إنَّ ماكرون لا يزال لا يعي الأمر. فهم ينظرون إلى المصرفي الاستثماري السابق الذي تلقّى تعليماً عالياً باعتباره رئيساً للأثرياء، ومنعزلاً عن أوجه المعاناة التي يكابدها دافعو الضرائب الذين يحافظون على استمرارية خامس أكبر اقتصاد في العالم. ويدفع المتشددون كذلك باتجاه انتخاباتٍ مبكرة، وليس من المتوقع أن تنتهي ولاية ماكرون حتى عام 2022.
وتسبَّب تقمُّصه هذا الأسبوع لدورالرئيس جامع التبرعات من أجل كاتدرائية نوتردام التي التهمتها النيران في زيادة حدة الغضب. إذ يشعر بعض أبرز أصوات السترات الصفراء بالسخط من مسارعة المليارديرات بتقديم مبالغ طائلة من أجل إعادة بناء الكاتدرائية التاريخية، مُجادلين بأنَّ هؤلاء يجب عليهم بدلاً من ذلك دفع مزيدٍ من الضرائب.