الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء العراقي، عادل عبدالمهدي، إلى المملكة العربية السعودية هذا الأسبوع والتي اجتمع فيها مع الملك سلمان، كشفت رغبة الطرفين في تعميق العلاقات بينهما رغم المقاطعة الدبلوماسية لسنوات.
وبحسب تقرير لصحيفة The Wall Street Journal الأمريكية التقى عبدالمهدي، والوفد المرافق له من وزراء النفط والخارجية والكهرباء، مع مسؤولين ورجال أعمال سعوديين يوم الخميس، 18 أبريل/نيسان 2019، لمناقشة توسيع العلاقات التجارية بين البلدين. وفي يوم الأربعاء، 17 أبريل/نيسان، وقّع الجانبان مجموعة من الاتفاقيات في مجالات الطاقة والكهرباء والتعليم. في الوقت الذي اهتم فيه بعض السياسيين والمحللين بالقيمة الرمزية "الأكبر" لهذه الزيارة.
وتأتي الزيارة –التي استغرقت يومين– إلى السعودية وسط موجة من الزيارات الدبلوماسية المكثفة من وإلى بغداد، حيث يسعى قادة العراق إلى إعادة تحديد موقع البلاد في المنطقة عقب الحملة التي دحرت تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وتحسنت العلاقات منذ بدأت الولايات المتحدة تشجيع التقارب بين البلدين، في محاولة لجرّ العراق إلى صف الدول العربية، من أجل إضعاف النفوذ الإيراني في البلاد.
وجهة للمصالح المشتركة وليس ساحة صراع
ومنذ توليه منصبه قبل ستة أشهر، وضع رئيس الوزراء عبدالمهدي والرئيس برهم صالح رؤية للعراق بوصفها وجهة للمصالح المشتركة، بدلاً من ساحة للصراعات بين القوى الإقليمية والدولية المتنافسة، بحسب الصحيفة الأمريكية.
ولكن التحركات الأمريكية الأخيرة للحد من نفوذ طهران في المنطقة تهدد هذا الهدف. حيث يسعى العراق إلى موازنة علاقاته مع طهران وواشنطن، في الوقت الذي تضيّق فيه إدارة ترامب الخناق على إيران بالعقوبات. وفي مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي، قال عبدالمهدي إنه حذّر مسؤولين بالولايات المتحدة من إدراج الحرس الثوري الإيراني على قائمة المنظمات الإرهابية، وأن ذلك قد يعصف باستقرار المنطقة.
واعترض الحلفاء السياسيون لإيران داخل العراق على عودة العلاقات مع السعودية. لعدة سنوات، كانت الرياض ترعى جماعات سنية مسلحة وسياسيين لمقاومة النظام السياسي بقيادة الشيعة، والذي تشكّل بعد إسقاط الولايات المتحدة لنظام صدام حسين عام 2003. ولكنها الآن تسعى للتواصل مع السياسيين الشيعة المعتدلين.
وفي الوقت نفسه، استاء العديد من السياسيين العراقيين من تدخل إيران في شؤونهم وأرادوا تنويع العلاقات التي يعتمد عليها النظام السياسي للبلاد. كما أصبحت الهوية الطائفية محركاً أقل تأثيراً في السياسة العراقية عن ذي قبل، بحسب الصحيفة الأمريكية.
الاهتمام السعودي الخاص بالعراق
كانت السعودية قد افتتحت قنصلية لها في بغداد هذا الشهر، وقالت إنها سوف تفتتح ثلاث قنصليات أخرى بعدها. وفي الوقت نفسه، لفتح معبر حدودي بين البلدين للتسهيل من حركة التجارة بين البلدين وتيسير السفر إلى مكة والأماكن المقدسة من جنوب العراق. كما تساهم المملكة في التواصل الثقافي، حيث تعهدت السعودية بتمويل إنشاء مدينة رياضية في العراق بتكلفة مليار دولار، وأطلقت مجموعة قنوات MBC السعودية قناة عراقية جديدة في مجموعتها، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وذكر أيهم كامل، رئيس المجموعة العلمية لشركة "Eurasia Group" في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: "يولي الملك سلمان وولي العهد محمد بن سلمان اهتماماً كبيراً باغتنام أي فرصة لإضعاف إيران إقليمياً أو لتحسين العلاقات مع حلفائها على الأقل". واعتمدت الرياض على نهج مماثل في سورياً من خلال تخفيف معارضتها لبشار الأسد، واستغلال الفرصة لتقويض العلاقات بين دمشق وطهران.
وقال سجاد جيّاد، المدير الإداري لمركز البيان للتخطيط والدراسات في بغداد: "إن كانت السعودية تتوقع أن تتخلى العراق عن تحالفها مع إيران، فسوف يخيب أملها لذلك". وعلى الرغم من تحسّن العلاقات بين العراق والسعودية، يرى جيّاد إنه قد يكون هناك حدود للانخراط بين البلدين. وقال: "لست واثقاً من تمتّع السعوديين بالصبر الاستراتيجي للتعامل مع العراق".