تتجه الحكومة العراقية "قريباً" إلى إعادة فتح "المنطقة الخضراء" شديدة التحصين، وسط العاصمة بغداد، بشكل كامل أمام المواطنين، بعد سنوات طوال من الإغلاق.
وسائل إعلام عراقية نقلت قبل أيام عن مصدر حكومي لم تسمّه، أن "رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي، سيعلن خلال الأيام المقبلة عن افتتاح المنطقة الخضراء بشكل كامل، قبل نهاية الشهر الجاري".
عقب تسلّم عبدالمهدي مهامه، أعادت حكومته في ديسمبر/كانون الأول الماضي فتح المنطقة جزئياً بعد 15 عاماً من إغلاقها أمام المواطنين، حتى تحولت إلى رمز لعزلة السياسيين عن الشعب.
نخيل وقصور محصّنة أمام العراقيين
تُعرف المنطقة بفخامتها ووجود الكثير من أشجار النخيل، لذا سُميت "المنطقة الخضراء"، وقديماً كانت تُسمى "كرادة مريم"، أما الاسم الرسمي وفقاً للخرائط فهو "حي التشريع".
كانت منطقة سكنية لأعضاء الحكومة ومقراً للوزارات، وتحوي عدداً من قصور الرئيس الأسبق صدام حسين (1979-2003) أولاده، من أكبرها القصر الجمهوري وقصر السلام.
حصّنتها القوات الغازية للعراق
المنطقة المحصنة أنشأتها قوات التحالف الدولية، التي غزت العراق، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية عام 2003؛ للإطاحة بنظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
وتبلغ مساحتها نحو 10 كم²، وتقع وسط بغداد، وبدأ اسمها بالظهور مع قيام الحكومة الانتقالية، عقب الغزو. كما تقع المنطقة الخضراء على الضفة الغربية لنهر دجلة، في جانب الكرخ، والذي يقسم وسط العاصمة إلى قسمين.
وهي من أكثر المواقع العسكرية تحصيناً في العراق، ومقر الدولة من حكومة وجيش، وتضم السفارة الأمريكية ومقرات منظمات ووكالات حكومية وأجنبية لدول أخرى.
وعلى مدار 15 عاماً كان يصعب على المواطنين العاديين دخول المنطقة الخضراء؛ بسبب الإجراءات الأمنية المشددة. لكن رغم تحصينها الشديد، تعرضت لخروقات أمنية عديدة وتفجيرات وقصف صاروخي ومدفعي من المقاومة العراقية وجماعات مسلحة.
فتح جزئي يُأمل أن يكون كاملاً قريباً
المتحدث باسم المكتب الإعلامي لمديرية المرور العامة بالعراق، العميد عمار وليد، يقول إن إعادة فتح المنطقة الخضراء "ساهم في تقليل الزخم المروري للمركبات".
ويضيف وليد في حديثه للأناضول أن "الفتح يبلغ حالياً أكثر من 17 ساعة، من الخامسة مساء لغاية العاشرة والنصف صباحاً". ويتابع: "قبل أسبوع صدر أمر من رئاسة الوزراء بأن يكون الفتح لمدة 24 ساعة في جميع أيام العطل".
ووفقاً لعضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد، سعد المطلبي، فإن "تأسيس المنطقة الخضراء كان بقرار أمريكي لحماية الجهات السياسية، التي كانت حاكمة بعد 2003 مباشرة، وكان مخطط أن يتم توسيعها لتشمل بغداد بأكملها، لكن لم يتحقق ذلك".
ويردف المطلبي أن "قرار فتحها كان حكومياً، وحصراً بقرار من رئيس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة". مشيراً إلى أنه "رغم أن الفتح جزئي، إلا أنها محاولة إيجابية، وأفضل من بقائها مغلقة".
السفارة الأمريكية أبرز ما تحتويه المنطقة
ويقول المطلبي إن "أهم المؤسسات العراقية داخل المنطقة الخضراء هي مكاتب مجلس الوزراء ومجلس النواب وهيئة المستشارين وهيئة الاستثمار، وبالنسبة للمؤسسات الأجنبية، يوجد مكاتب الأمم المتحدة والصليب الأحمر وسفارات أجنبية، على رأسها السفارة الأمريكية".
وأشار في الوقت نفسه إلى أن "كثيراً من المسؤولين والسياسيين غادروا المنطقة الخضراء باتجاه مناطق أخرى في الفترة الماضية".
خطوة بالاتجاه الصحيح
من جهته، يعتبر الصحفي العراقي مصطفى كامل أن "إعادة فتح المنطقة الخضراء تمثل خطوة بالاتجاه الصحيح". ويضيف كامل: "نأمل فتح كامل المنطقة، وأن يعيش المسؤول ما يعيشه المواطن، ونأمل فتح جميع الطرق المغلقة في العاصمة لتخفيف الاختناقات المرورية".
لأول مرة منذ 2006 عقد مجلس النواب (البرلمان) العراقي، الشهر الماضي، جلسة له خارج المنطقة الخضراء، بحضور كل من رئيس الوزراء، ورئيس الجمهورية، برهم صالح.
وعبر سنوات، تحولت تلك "المنطقة المحصنة" إلى رمز لعزلة السياسيين عن المواطنين. فخلال 15 عاماً كان المواطنون العراقيون عرضة للتفجيرات والهجمات، بينما كان السياسيون يتحصنون في "المنطقة الخضراء".