هل ترتدي ميركل الحجاب؟ معرض بألمانيا يكشف موقف الناشطات من الأزياء الإسلامية

عربي بوست
تم النشر: 2019/04/09 الساعة 05:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/04/09 الساعة 05:17 بتوقيت غرينتش
انتقادات لمعرض للأزياء الإسلامية المعاصرة بألمانيا/Istock


فوجئ متحف ألماني شهير برسائل كراهية وسيل انتقادات لمعرض للأزياء الإسلامية المعاصرة بألمانيا يستضيفه هذا المتحف.

اللافت أن الانتقادات لم تأتِ فقط من جانب اليمين الألماني المتطرف، بل جاءت أيضاً من نشطاء يفترض أنهم مُعادون للتمييز والكراهية، بينما نفس المعرض قوبل بالتضامن عندما أقيم في الولايات المتحدة.

وافتتح هذا المعرض يوم الخميس 4 أبريل/نيسان 2019 في متحف الفنون التطبيقية بمدينة فرانكفورت الألمانية، تحت اسم "معرض الأزياء الإسلامية المعاصرة" وأصبح متاحاً للجمهور في اليوم التالي.

لكن ردات الفعل الرافضة له بدأت حتى قبل ذلك بأسابيع، بينها وصول رسائل تهديد وكراهية من أوساط يمينية متطرفة.

فتشوا الحقائب قبل الدخول

وكانت التهديدات جدية إلى حد دفعت القائمين على المتحف إلى فرض تفتيش للحقائب والجسم عند المدخل، وذلك للمرة الأولى في تاريخه، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

 وسيستمر المعرض، الذي يضم الـ "هوت كوتور"  (أزياء تصمم وفقاً لطلب العميل)، وملابس المحجبات وبدلات السباحة التي تغطي الجسم كله وألبسة رياضية من كل أنحاء العالم، وخاصة من الشرق الأوسط، جنوب شرق آسيا وأوروبا وأمريكا، حتى الـ 15 من سبتمبر/أيلول القادم.

وتظهر قائمة المشاركين والمشاركات مصممين ومصممات من دول كالسعودية وتركيا وقطر والإمارات.

إنهن لا يرتدين ملابس غامقة

ويعد ماكس هولاين، المدير السابق لمتحف في فرانكفورت، صاحب فكرة تنظيم المعرض، عندما كان يعمل في مجال إدارة المتاحف في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة، التي استضافت عرض الأزياء الإسلامي هذا من سبتمبر/أيلول 2018 وحتى 6 يناير/كانون الثاني الماضي.

وقال مدير متحف الفنون التطبيقية في فرانكفورت فاغنرك إن ماكس هولاين اكتشف خلال زيارة له للشرق الأوسط خطأ تصوّره، بأن المسلمات يرتدين ملابس غامقة وأنهن محجبات بشدة، حسب تعبيره.

ومن المقرر أن ينتقل العرض بعد فرانكفورت، أول مدينة أوروبية مستضيفة له، إلى روتردام في هولندا ثم إلى نيويورك.

وتقول منظمة المعرض جيل دأليساندرو إنه أول معرض متحفي شامل مكرس لظاهرة الموضة الإسلامية المعاصرة.

 وينفقن مبالغ ضخمة على الموضة

 وتعد سوق الموضة الإسلامية سوقاً متنامية.

إذ قُدرت نفقات المسلمات السنوية على الموضة في عامي 2016 و2017 بـ 44 مليار دولار.

ولاحظت الشركات أهمية هذه السوق، وهكذا باتت شركات كـ "DKNY" تطلق حملات لها مع شهر رمضان.

فيما يبدأ متجر "هارودز" في لندن في بداية موسم الحج "هارودز حج".

وتحظى المدونات والسيدات "المؤثرات" المسلمات، كالإندونيسية ديان بيلانغي بملايين المتابعين، وفقاً لصحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية.

انتقادات لمعرض للأزياء الإسلامية المعاصرة بألمانيا جاءت من الناشطات النسويات

وتجادل الكثير من الناشطات النسويات و "الخبراء" في الشؤون الإسلامية في ألمانيا بأن الحجاب يعبر عن قمع المرأة، وأن الرجال يجبرون النساء على ارتدائه، وأن هذا المعرض يقلل من شأن ذلك، ويقدمه على أنها موضة.

وهكذا عبرت مجموعة "مهاجرات لأجل العلمانية وتقرير المصير"  قبل أسابيع في رسالة مفتوحة عبر مجلة "أيما" النسائية، لماتياس فاغنر ك، مدير المتحف، عن صدمتها من تنظيم العرض في فرانكفورت.

ووصفت "تصوير قواعد اللباس الدينية كموضة"، بتوجيه "ضربة لوجه الناشطات في مجال حقوق المرأة داخل وخارج البلاد".

إيران وملابس السباحة تدفعهن للاعتراض

واتهمت الناشطات المتحفَ بدعم الشرطة الدينية في بعض الدول الإسلامية، وتجاهل كفاح الناشطات لأجل حقوق المرأة في الدول الإسلامية، اللاتي انخرطن في العمل ضد الإجبار على لبس الحجاب، ويخاطرن بحريتهن وحياتهن وسلامتهن، لافتة إلى فرض آلاف العقوبات على النساء في إيران، بسبب مخالفة قواعد اللباس.

واتهمت المجموعة أيضاً المتحف الألماني، بتوفير حجج للدوائر الإسلامية المحافظة في ألمانيا -عبر عرض الأزياء هذا- لكي لا يرسلوا بناتهم إلى درس السباحة، وتصعيب رفض البنات من هذه الدوائر قواعد ارتداء اللباس، وكفاحهن لأجل حرية ارتداء اللباس.

ولا يغفل المعرض وجود حالات يتم إجبار النساء فيها على ارتداء الحجاب، كعرض فيديو داخله لشابة إيرانية ترفع حجابها على عصا رافضة لارتدائه، قبل أن يتم اعتقالها.

لكن الناشطات في مجال حقوق المرأة يرين أن التطرق لذلك في معرض فرانكفورت لا يكون بشكل كافٍ.

وفقاً للقناة الألمانية الثانية، التي تنقل عن إنغه بيل رئيسة منظمة "تير دي فام" المعنية بحقوق المرأة، اعتقادها أن الحجاب الإسلامي ليس إكسسواراً يتم لبسه وخلعه وفقاً للموسم أو حسب الرغبة، بل "إشارة سياسية أو إشارة سياسية اجتماعية"، ودعوتها إلى طرح ذلك للنقاش وإخضاعه لتساؤلات نقدية.

رغم أن كثيراً من النساء أكدن أنهن ارتدين الحجاب طوعاً

لكن في المقابل، تؤكد الكثير من السيدات أنهن يلبسن الحجاب طوعاً، لأسباب دينية، وأنهن لم يُجبرن على ارتدائه، كما تروي عدة نساء التقتهن القناة المذكورة.

وأكدت اثنتان منهن بأنهما أصرتا على ارتدائه رغم معارضة الأم أو الأب في البداية.

ويشير مدير المتحف فاغنر ك، إلى أنهم يردون على الانتقادات، من خلال ما يظهرونه في المعرض من نساء مقررات لمصيرهن مرتديات للحجاب، عبر الصور مثلاً، والأزياء التي صممتها مسلمات وغير مسلمات، والتي وإن كانت لها جذور دينية، لكنها لا تتقيد بها فحسب.

والمتحف يؤكد أنه لن يعرض أي مظهر للنقاب

وقال فاغنر لوكالة الأنباء الألمانية، إنه لم يتفاجأ من وجود ردات فعل مسبقة على المعرض، ولكن ما أدهشه هو شدة ردود الفعل هذه.

وقال إنه تم تقبُّل المعرض بشكل إيجابي للغاية في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة، فيما يتم الخوض في نقاشات سياسية قبل أن يشاهد أحد المعرض حتى في ألمانيا.

وعبَّر عن أسفه عن اختصار المنتقدين المعرض على أنه معرض حجاب، الأمر الذي يؤكد أنه ليس كذلك، بل على العكس يظهر تنوع الملابس الإسلامية، مشدداً على صحة قرار تنظيم المعرض الآن وفي فرانكفورت، الهادف إلى كسر الصور النمطية.

ويقول المتحف المستضيف للمعرض إنه ليس من الضروري الربط بين الموضة الإسلامية والتدين، بغض النظر من أي نمط كان، مؤكداً أنه لن يتم عرض نقاب أو برقع فيه.

وبعد هذه الانتقادات، دعا المتحف إلى منتدى على هامش المعرض، وذلك مدة 3 أيام بين الـ 12 والـ 14 من أبريل/نيسان الحالي.

ووُجهت الدعوة إلى الفنانات والمدونات والباحثات و "السيدات المؤثرات" على وسائل التواصل الاجتماعي، لإلقاء محاضرات والمشاركة في نقاشات وإجراء مقابلات، والحديث ليس عن الموضة الإسلامية فحسب، بل عن مواضيع كالهوية الثقافية والجندرية والسياسة والمساواة بين الجنسين.

هنا ألمانيا.. هل تجرؤ ميركل أن ترتدي الحجاب مثل رئيسة وزراء نيوزيلندا؟

المعرض قوبل في سان فرانسيسكو بموجة تضامن مع مجموعة من الشعب  الأمريكي مع المسلمين، الذين تم التمييز ضدهم عبر حظر السفر الذي فرضه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ولفتت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ " الألمانية إلى "أنه حدث عكس ذلك في ألمانيا ، حيث يتم النقاش حول الإسلام كمسألة مصيرية".

انتقادات لمعرض للأزياء الإسلامية المعاصرة بألمانيا
رئيسة وزراء نيوزيلندا / رويترز

وقالت إنه غير المتصور أن ترتدي رئيسة حكومة ألمانية الحجاب بعد هجوم على مسجد كإشارة على التعزية، كما فعلت رئيس وزراء نيوزيلندا جاسيندا أردرن بعد هجوم كريستجرج.

وتصدرت رئيسة الوزارء النيوزيلندية، عناوين الصحف بردود أفعالها العاطفية تارة، والحازمة تارة أخرى، إزاء الهجوم الذي وقع على مسجدين في مدينة كرايست تشيرتش يوم الجمعة الماضي.

وأبدت أردرن تعاطفا شديدا تجاه الضحايا وأسرهم، وظهرت مرتين وهي ترتدي الحجاب، في زيارتين للجالية المسلمة، والتقطت العدسات صورها وهي تربت على أكتاف البعض، وتحتضن آخرين.

فالعداء للإسلام هو العنصرية الوحيدة التي يتم تبريرها باسم حقوق الإنسان

لكن في ألمانيا الأمر مختلف عن نيوزيلندا، حسب الصحيفة.

 إذ يحدث بين الحين والآخر أن تتضامن النسويات واليمينيون مع بعضهم في مواجهة بعض الرموز الإسلامية.

وتعتقد الصحيفة أن معاداة الإسلام قد تكون العنصرية الوحيدة التي يتم التبرير لها باسم الديمقراطية وحقوق النساء، ويحالف ذلك النجاح أحياناً.

وتشير إلى أنه كان سيكون جميلاً لو أُخذ الأمر على أنه معرض موضة فحسب، كما يتمنى مدير المتحف، لكن الأمر ليس على هذا النحو.

تحميل المزيد