يتصاعد قلق القوى الغربية من خطر اندلاع الحرب في ليبيا، بعد أن هدد الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، الذي يحكم شرق الدولة المصدّرة للنفط، بشن هجوم عسكري على الحكومة في طرابلس.
كان أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، في ليبيا الجمعة 5 أبريل/نيسان 2019، محاولاً منع هجوم على طرابلس من قِبل حفتر، القائد العسكري الذي وصلت قواته إلى ضواحي العاصمة.
لكنه غرد في وقت لاحق من اليوم نفسه، على تويتر، قائلاً: "أغادر ليبيا بقلب مثقَل وقلق عميق. ما زلت آمل أن يكون من الممكن تجنُّب المواجهة الدموية في طرابلس وما حولها".
من جانبها، دعت ألمانيا إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي الجمعة لمناقشة الوضع، وحذر مسؤول كبير في إدارة ترامب من أن الهجوم على الحكومة المعترف بها دولياً سيكون "سيئاً للغاية".
تقول صحيفة Financial Times البريطانية إن خطوة الجنرال حفتر تهدد بعرقلة جهود الأمم المتحدة لإحلال السلام، في بلد انقسم منذ 5 سنوات بين حكومة تدعمها الأمم المتحدة في طرابلس بالغرب، وحكومة منافسة خاضعة للجنرال حفتر في الشرق.
الغرب يحذر من تهديداته
قادت الأمم المتحدة جهود إحلال السلام في ليبيا، لكنها تعثرت مراراً وتكراراً. ويلقي مسؤولو الأمم المتحدة باللوم على السياسيين من الجانبين، "لعرقلتهم العملية؛ خشية فقدان النفوذ إذا أُجريت الانتخابات".
حكومة طرابلس الشرعية، برئاسة فايز السراج، تحميها قوات حكومة الوفاق، أمر الجنرال حفتر قواته التي أطلق عليها لقب "الجيش الوطني الليبي"، بالاستيلاء على العاصمة منها، الخميس 4 أبريل/نيسان 2019، وهو اليوم الذي كان فيه غوتيريش بالمدينة. أصدر الأمر بعد أن دخلت قواته بلدة غريان على بُعد 90 كم جنوب طرابلس.
ظُهر يوم الجمعة، قال متحدث باسم قوات حفتر إنهم استولوا على مطار طرابلس السابق جنوب المدينة. كان من المقرر عقد مؤتمر وطني، تدعمه الأمم المتحدة، لكسر الجمود، والاتفاق على الانتخابات في 14 أبريل/نيسان 2019، لكنه الآن موضع شك.
وقال جون سوليفان، نائب وزير الخارجية الأمريكي، في مقابلة مع صحيفة Financial Times البريطانية: "فيما يتعلق بالتهديد المباشر لطرابلس، فإننا نحث الأطراف على التنحي، التوغل في طرابلس سيكون خطوة سيئة وخطيرة للغاية". حديث سوليفان جاء قبل اجتماع لوزراء خارجية دول مجموعة السبع (G7) في غرب فرنسا الجمعة، حيث كانت ليبيا على جدول الأعمال.
وقال جيريمي هانت، وزير الخارجية البريطاني: "إننا نراقب الوضع في ليبيا بعناية فائقة وقدر كبير من القلق، ونعمل على زيادة النفوذ البريطاني إلى أقصى حد، مع النفوذ الأوروبي… لمحاولة حل الوضع قدر الإمكان".
وقد تعهد الجنرال حفتر، الذي يقول إنه يعارض الإسلاميين من جميع الأشكال، بإزالة مَن وصفهم بـ "الإرهابيين" من طرابلس. وقد دعم صعودَه كل من مصر والإمارات العربية المتحدة، اللتين تشعران بالقلق والخوف دوماً من أي تأثير للإسلاميين في السياسة الإقليمية. كما تعتبره فرنسا "لاعباً مهماً" في الحرب ضد "داعش" و "القاعدة" في الصحراء.
الليبيون لا يريدون حفتر
تضيف Financial Times، لكن كثيراً من الليبيين لا يثقون بالجنرال وينبذونه. وينظرون إليه باعتباره ديكتاتوراً يشبه معمر القذافي، الزعيم المستبد الذي أُطيح به عام 2011، بعد 40 عاماً من الحكم.
وقال المحللون إنه من غير المرجح أن ينجح الجنرال حفتر في هدفه المتمثل بالاستيلاء على العاصمة، وقد عرّض عملية السلام للخطر.
وقال فولفرام لاخر، المختص بشؤون ليبيا في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن حفتر أخطأ في التقدير، "أعتقد أنه أراد حقاً أن يفاجئ الجميع، وتوقع أن المجموعات المسلحة (داخل طرابلس وما حولها) ستنحاز إليه، لكن هذا لم يحدث. كان الأمر سيختلف لو تمكن من الوصول إلى طرابلس قبل تعبئة القوات المعارضة له".
وأضاف أن قوات حكومة الوفاق في طرابلس، رداً على تقدُّم الجنرال حفتر، اتحدت مع مقاتلين من مصراتة القريبة، وهي مدينة شبه مستقلة ولها قوات خاصة بها تعارض بشكل صارم، الجنرال الشرقي.
حتى حليفته روسيا لا تدعم عمليته
وقالت روسيا، المؤيدة للجنرال حفتر، إنها لم تدعم حملته العسكرية ضد طرابلس. وقال متحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إنه من الضروري "تجنُّب الأعمال التي من شأنها أن تؤدي إلى استئناف سفك الدماء".
ووردت تقارير، الجمعة، بأن قوات حكومة السراج خارج بلدة الزاوية، الواقعة على بُعد 50 كم غرب طرابلس، صدَّت قوات حفتر، في حين كانت تحاول قطع الطريق الساحلي الذي يربط العاصمة بتونس.
وقال متحدث باسم القوات المتحالفة مع حكومة طرابلس، إن 145 من رجال الجنرال حفتر أُسروا في مدينة الزاوية، وصودرت 60 سيارة، بحسب رويترز.
ويوم الخميس، قالت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا والإمارات العربية المتحدة وإيطاليا في بيان مشترك: "في هذه اللحظة الحساسة من المرحلة الانتقالية بليبيا، فإن المواقف العسكرية والتهديدات باتخاذ إجراءات من جانب واحد تهدد فقط بإعادة ليبيا إلى الفوضى… تعارض حكوماتنا أي عمل عسكري في ليبيا، وستحاسب أي فصيل ليبي يحرض على مزيد من الصراع الأهلي"، على حد تعبيرهم.