خرج آلاف المتظاهرين السودانيين، السبت 6 أبريل/نيسان 2019، إلى شوارع الخرطوم، إذ وصل عديد منهم إلى مقر الجيش للمرة الأولى منذ اندلاع الاحتجاجات في ديسمبر/كانون الأول 2018، ضد حكم الرئيس عمر البشير، في حين اشتبك آخرون مع قوات الأمن أمام مقر إقامة الرئيس عمر حسن البشير، بوسط الخرطوم، في أكبر مظاهرة -على ما يبدو- خلال الاحتجاجات التي بدأت قبل أشهر ضد حكمه المستمر منذ 30 عاماً.
وقالت وكالة السودان للأنباء (سونا)، نقلاً عن تقارير للشرطة، إن مدنياً توفي متأثراً بجروح أصيب بها خلال "أعمال شغب"، كما أصيب مدنيون ورجال شرطة أيضاً في مدينة أم درمان، التي شهدت أيضاً احتجاجات في المساء.
وقال بيان من لجنة أطباء معارضة إن المتوفى طبيب مختبر.
وأدى الأطباء دوراً بارزاً في الاحتجاجات، التي لقي خلالها عشرات الأشخاص حتفهم خلال الأشهر الثلاثة ونصف الشهر الماضية.
تجمُّع المحتجون قرب مقر إقامة البشير
وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع على متظاهرين في أم درمان وعلى متظاهرين رشقوها بالحجارة قرب مقر إقامة البشير. وتجمع المحتجون استجابة لدعوةٍ وجهها نشطاء يحاولون تكثيف الضغط على البشير، لدفعه إلى التنحي.
ولوّح المحتجون بالعَلم السوداني، ورددوا شعارات تطالب بالحرية والسلام والعدالة، أمام بوابات المجمع الذي يحرسه جنود من الجيش ويضم أيضاً وزارة الدفاع وقيادة الجيش ومقرات أمنية.
ظَل آلاف المحتجين أمام المجمع بعد أن ابتعدت قوات الأمن وهدأت الاشتباكات
وبحلول المساء هدأت حدة الاشتباكات، مع ابتعاد قوات الأمن، وهو ما أتاح للآلاف للبقاء أمام المجمع. وقال شهود إن متظاهرين شباناً رددوا الأغاني الوطنية ورقصوا. وقال البعض إنهم سيظلون لحين تنحي البشير.
وأشاد وزير الإعلام، حسن إسماعيل، وهو أيضاً المتحدث باسم الحكومة، بالروح الوطنية التي تعاملت بها قوات الأمن مع المتظاهرين، وأكد تمسك الحكومة بنهج الحوار لحل الأزمة.
وأضاف أن "منهج الأجهزة الحكومية وجد ارتياحاً واحتراماً من قبل المواطنين".
وتابع: "الدم السوداني هو أغلى ما يجب أن نحافظ عليه".
ويرفض البشير التنحي، قائلاً إن على خصومه السعي للسلطة من خلال صناديق الاقتراع.
قُدِّر عدد المشاركين في التظاهرات بـ100 ألف شخص
وقدر محمد صالح (63 عاماً)، وهو أستاذ جامعي، عدد المتظاهرين قُدّر بأكثر من مئة ألف شخص، "اليوم نحن نفوز، وواثقون بأن النظام سيسقط".
ولم يتسنّ الحصول على تقدير مستقل لعدد المحتجين، لكن شهود قالوا إن الحشد ربما كان أكبر من أي تجمعات سابقة.
وقال شاهد لـ "رويترز": "هناك حشود على امتداد البصر".
التظاهرات الحاشدة جاءت في ذكرى انقلاب عام 1985
ودعا نشطاء سودانيون، شجعهم نجاح احتجاجات مماثلة وإن كانت أكبر حجماً في الجزائر في إجبار الرئيس المريض عبدالعزيز بوتفليقة على التنحي، إلى تنظيم الاحتجاج، السبت، في ذكرى انقلاب عام 1985، الذي أجبر النميري على التنحي في أعقاب احتجاجات حاشدة على حكمه.
رسالة المتظاهرين كانت موجهة إلى القوات المسلحة
وقال متظاهرون إنهم يريدون توجيه رسالة إلى القوات المسلحة، للوقوف بجانبهم في مسعى لإزاحة البشير عن السلطة.
ويقول السودانيون إن القوات المسلحة وقفت بجانب الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت ضد الحكام المستبدين، ويشيرون إلى انتفاضتهم عام 1985 ضد جعفر النميري، الذي ظل فترة طويلة في السلطة.
ومهَّد سقوط النميري الطريق لانتخابات عامة وحكومة مدنية أطاح بها البشير، في انقلاب عسكري أيده الإسلاميون في عام 1989. ويتولى البشير السلطة منذ ذلك الحين، واختير رئيساً في انتخابات عديدة، يقول منتقدون إنها لم تكن حرة ولا نزيهة.
وتمثل موجة الاحتجاجات التي بدأت في 19 ديسمبر/كانون الأول 2018، أكثر التحديات استدامة في وجه البشير منذ توليه السلطة عام 1989. وخرجت المظاهرات للاحتجاج على ارتفاع الأسعار ونقص السيولة النقدية، لكنها تطورت إلى مظاهرات ضد حكم البشير.
وفي فبراير/شباط 2019، أعلن البشير حالة الطوارئ في البلاد التي يقطنها نحو 40 مليون نسمة، وأقال الحكومة وحكومات الولايات، في سلسلة من الخطوات استهدفت إحكام قبضته على البلاد.