تفاصيل هامة ومثيرة كشفها مصدر خاص لـ "عربي بوست" الجمعة 5 أبريل/نيسان 2019، عن الأسباب التي أدت إلى معركة طرابلس الدائرة غرب ليبيا، بين قوات تابعة للجنرال المتقاعد خليفة حفتر وقوات حكومة الوفاق الوطني المدعومة دولياً، والتي نددت بها المنظمات الدولية.
وبحسب مصادر "عربي بوست"، فإن المعركة بين قوات حفتر التي تحركت غرباً لإخضاع مدن مهمة له مثل العاصمة طرابلس، بحجة القضاء على "الميليشيات الإرهابية"- بدأت قصتها بعد فشل اجتماع عُقد في العاصمة الإماراتية أبوظبي قبل شهرين، ولم تظهر نتائجه لوسائل الإعلام.
ماذا جرى في كواليس اجتماع أبوظبي؟
وبحسب المصدر، فإن القصة بدأت في اجتماع أبوظبي أو صفقة أبوظبي، يوم 28 فبراير/شباط 2019 -كما روّج لها بعض المتابعين- بين فايز السراج وخليفة حفتر والتي لم تعلَن نتائجها للإعلام. ورفض غسان سلامة، المبعوث الأممي لليبيا، الإدلاء بأي تفاصيل عن فحوى الاجتماع، مؤكداً أنه لا نتائج مكتوبة له.
مصادر خاصة عن كواليس الاجتماع
وقال المصدر إن "السراج وحفتر اتفقا على أن يتولى السراج السلطة المدنية وتشكيل حكومة موحدة يصدِّق عليها البرلمان في غضون 24 ساعة، على أن يتولى حفتر رئاسة المؤسسة العسكرية، ويعدل عن فكرة دخول طرابلس عسكرياً".
لكن، بقي الخلاف في التفاصيل، حيث اشترط السراج، أن تبقى المؤسسة العسكرية تحت سيطرة السلطة المدنية الجديدة، على أن يكون مقر القيادة العسكرية الموحدة بقيادة حفتر خارج المدن الكبيرة، وكانت الترشيحات، بحسب المصدر، تشير إلى منطقة الجفرة جنوب ليبيا.
في حين اشترط حفتر أن تكون المؤسسة العسكرية موازية للسلطة المدنية، وأن يختار هو القادة العسكريين وأمراء المناطق العسكرية، وهو ما اعترض عليه السراج؛ ودفعه إلى الانسحاب من أبوظبي وعدم التوقيع على أي اتفاق.
وبعد هذه القمة، فشل لقاء جنيف بين الطرفين، والذي كان مقرراً بعد أسبوع، لتأكيد الاتفاق قبل الملتقى الجامع.
وبحسب المصدر حينها، كانت كل المؤشرات تشير إلى عقد الاجتماع المسمى ب "الملتقى الجامع بين الفرقاء الليبيين" في مدينة غدامس جنوب غربي ليبيا بين 14 و16 أبريل/نيسان 2019، لكن الأمر انتهى بهذا التحرك العسكري.
القرارات المهمة التي كان من المتوقع إصدارها
وكان من المتوقع أن يُختتَم الاجتماع الذي وُجِّهت دعواته إلى أكثر من 100 شخصية ليبية فاعلة، على رأسها حفتر والسراج وعقيلة صالح، بقراراتٍ أهمها إعادة تشكيل المجلس الرئاسي برئيسٍ هو السراج ونائبين.
إضافة إلى ذلك، كان سيتم تشكيل حكومة وحدة وطنية يصدِّق عليها البرلمان في فترة وجيزة، ويتولى حفتر قيادة المؤسسة العسكرية، وإعلان انتخابات برلمانية في غضون 60 يوماً، بعدها ينظَّم الاستفتاء على الدستور، ويُنظر في تحديد موعد انتخابات رئاسية.
لكن، بدأت عملية اقتحام طرابلس..
لكن وبدون مقدمات أطلق حفتر الأربعاء 3 أبريل/نيسان 2019، عملية عسكرية باسم "عملية الفتح المبين لتحرير طرابلس"، وتحركت قوات تابعة له من قاعدة براك الشاطئ قرب سبها جنوب ليبيا، التي سيطر عليها قبل أسابيع تحت قيادة عبد السلام سحبان، العسكري المحسوب على نظام القذافي.
سحبان تحرك بقواته صوب طرابلس، قاصداً طريق غريان عاصمة الجبل الغربي والواقعة على بُعد 80 كيلومتر جنوب طرابلس التي سيطر عليها دون قتال صباح الخميس 5 أبريل/نيسان 2019 فيما انسحاب قوات حكومة الوفاق إلى منطقة الهيرة.
الكمين الذي أوقع بالأسرى
لم يكن الانسحاب إلا تكتيك من قبل قوات حكومة الوفاق بحسب ما ذكر المصدر الذي قال إن قائد المنطقة العسكرية الغربية أسامة جويلي، والذي تتبع قواته حكومة الوفاق أمر قواته بالانسحاب حتي يوقع قوات حفتر في الفخ.
وعقب الانسحاب استمرت قوات حفتر في الزحف صوب طرابلس من ناحية بوابة مدينة الزاوية التي تبعد عن العاصمة 40 كيلومتراً، وبعد وصول قوات حفتر إلى المنطقة وجدت نفسها وقعت في كمين تسبب في أسر 140 جندياً من عناصر حفتر، وهروب بقية أفراد الكتيبة إلى منطقة ورشفانة القريبة من الزاوية.
وبحسب المصدر كان لأبو عبيدة الزاوي، قائد قوات مدينة الزاوية، دور في الكمين، إذ أعلن الرجل تأييده لحفتر لكن لقاء جمعه بالسراج وسلامة، قبل أيام جعله يغير موقفه ويدعم قوات حكومة الوفاق.
المشهد الحالي.. من طرابلس
في ساعات الظهيرة من يوم الجمعة 5 أبريل/نيسان 2019، نشبت اشتباكات بين قوات حفتر وقوات حكومة الوفاق جنوب طرابلس، وتحديداً في منطقة سوق خميس، لم تُحسم لأي طرف بعد.
وكانت قوات حفتر أعلنت حالة نفير رافقها وصول تعزيزات عسكرية ضخمة من مصراتة إلى منطقة وادي الربيع التي تبعد 35 كيلومتراً عن جنوب طرابلس، إضافة إلى وصول تعزيزات أخرى إلى البوابة الشرقية لطرابلس.
وبحسب مصادر خاصة، بدأت هذه القوات تتحرك من الجنوب لحصار غريان، والتوجه نحو شمال المدينة باتجاه طرابلس.
بينما أعطى السراج أوامره للكلية الجوية بمصراتة، لتنفيذ ضربات جوية ضد القوات المقتحمة لطرابلس.