قالت وكالة الأناضول التركية، إن قوات تابعة لحكومة الوفاق الليبية، أسرت الجمعة 5 أبريل/نيسان 2019، العشرات من قوات خليفة حفتر في منطقة الزاوية قرب العاصمة طرابلس خلال مواجهة عسكرية تمكنت خلالها من استعادة السيطرة على إحدى البوابات الأمنية.
ونقلت الوكالة هذه المعلومات عن فصيل عسكري في منطقة الزاوية، فيما أكدها مصدر مطلع من قوات حفتر لم تكشف الأناضول عن اسمه.
أسر العشرات من قوات حفتر في الزاوية
ونشر "المجلس العسكري لتجمع كتائب وسرايا ثوار الزاوية"، عبر صفحته على فيسبوك، صوراً قال إنها لعشرات الأسرى من "اللواء 106 مجحفل" و"الكتيبة 107 مشاة" التابعين لحفتر بعد وقوعهم في قبضة قوات المجلس خلال استعادة السيطرة على البوابة الأمنية 27.
وأضاف أنه "تم تسليم هؤلاء الأسرى بشكل رسمي إلى غرفة العمليات العسكرية تحت إمرة العميد عبدالحميد الحنيش التابعة للمنطقة العسكرية الغربية".
وأكد مصدر مطلع من قوات حفتر، للأناضول، أن قواتهم انسحبت من البوابة الأمنية 27، وأن قوات أخرى سيطرت عليها.
واعترف المصدر بأسر 30 من قواتهم كانوا متمركزين عند تلك البوابة الأمنية.
وكان مصدر أمني تابع للحرس الرئاسي بحكومة الوفاق الليبية قال إن القوات التابعة للوفاق استعادت السيطرة على البوابة الأمنية 27، التي تقع على الطريق الساحلي الرابط بين مدينة الزاوية وطرابلس، وذلك بعد دقائق من إعلان قوات تتبع لحفتر سيطرتها عليها.
ولفت المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته كونه غير مخول بالتصريح للإعلام، إلى أن القوات التابعة للوفاق انتشرت وتم توزيعها على العديد من النقاط والتمركزات خارج طرابلس.
وأشار إلى أن قوة كبيرة وصلت من مدينة مصراتة، ليل الخميس الجمعة، لمساندة القوات التابعة للوفاق، دون تقديم أية تفاصيل أخرى.
وانطلاق عملية "وادي الدوم" للتصدي لقوات حفتر
في السياق ذاته، أعلنت "قوة حماية طرابلس"، التابعة لحكومة الوفاق، إطلاق عملية أسمتها "وادي الدوم الثانية" للتصدي لقوات حفتر، دون تقديم أي تفاصيل أخرى حول العملية.
والخميس، أعلن حفتر رسمياً إطلاق عملية عسكرية لاقتحام العاصمة طرابلس، قبيل 10 أيام من انطلاق مؤتمر الحوار الوطني الجامع بمدينة غدامس (جنوب غرب)، تحت رعاية أممية، مما أثار استنكاراً محلياً ودولياً واسعاً.
ورداً على ذلك، أمر رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، فايز السراج، سلاح الجو بـ"قصف كل من يهدد الحياة المدنية" بالتزامن مع تقدم قوات حفتر لغرب البلاد.
وفي ذات السياق، أعلن "المجلس العسكري لكتائب وثوار مدينة مصراتة"، في بيان الخميس، استعدادهم "لوقف الزحف المشؤوم" في إشارة لتحركات قوات حفتر المتقدمة نحو طرابلس.
لكن أين تتواجد قوات حفتر الآن؟
وتتواجد قوات حفتر في عدة نقاط في المنطقة الغربية أقربها إلى طرابلس بلدة "الأصابعة"، بينما أعلن الناطق باسم قوات حفتر العميد أحمد المسماري، الخميس، أن قواتهم دخلت مدينة غريان وصرمان التي لا تبعد عن العاصمة سوى نحو 80 كلم.
وتزامنت التحركات العسكرية لقوات حفتر، مع وصول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى العاصمة الليبية، الأربعاء، لدفع الجهود من أجل تنظيم مؤتمر الحوار الوطني الجامع المقرر بين يومي 14 و16 أبريل/نيسان الجاري، ضمن خارطة طريق أممية لحل النزاع في البلد العربي الغني بالنفط.
وما دلالات خطوة اللواء المفاجئة؟
وبعدما أعلن حفتر –الضابط السابق في جيش العقيد القذافي وأحد العملاء السابقين الذين عملوا مع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)- في عام 2014، عزمه توحيد البلاد تحت حكمه، عانى على مدار السنوات الثلاث التالية لانتزاع مدينة بنغازي من سيطرة منافسيه.
وتلقّى دعماً مكثفاً من مصر والإمارات العربية المتحدة، وانضمت إليهما فيما بعد فرنسا وبدرجةٍ محدودة روسيا، وفرض في نهاية المطاف سيطرته على معظم المنطقة الشرقية من البلاد.
وبدا أنَّ حركته المفاجئة، الخميس، مقامرة بأنَّه بات بمقدوره الآن فرض السيطرة وفق ما ذكرت صحيفة The New York Times الأمريكية.
قال محللون إنَّ تقدُّمه يرقى إلى كونه رهاناً على أنَّه يمكنه، من خلال خلقه هالة من الحتمية حول بروزه باعتباره رجل ليبيا القوي المقبل، إبرام الاتفاقات مع المجموعات المحلية المسلحة حول طرابلس من أجل ضمهم إليه، تماماً كما نجح بذلك في مناطق أخرى.
لكنَّ تقدُّمه تسبَّب حتى الآن في أثرٍ فوري تمثَّل في توحيد الكثير من الميليشيات المناطقية حول طرابلس، التي كانت متباينة في ما بينها من قبل، ضده.
ويقول محللون إنَّ حفتر (75 عاماً) ربما يشعر أنَّه لا يوجد أمامه متسعٌ من الوقت لتحقيق طموحه.
الباحث في شؤون ليبيا بالمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية فولفرام لاخر يقول: "بالنسبة لحفتر، إمَّا أن يحصل على كل شيء أو لا شيء. هذا بوضوحٍ انتزاعٌ للسلطة، لكن إذا فشل، سيعاني هزيمةً مُدمِّرة. فلن يكون قادراً على الحفاظ على خطوط إمداده".