خلال أيام من الآن، سوف تُعقد الانتخابات العامة الإسرائيلية، وتحديداً في التاسع من أبريل/نيسان 2019، ويثبت المنافس الشرس لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بيني غانتس، الجنرال السابق ومرشح الوسط، الذي يزعم أنه قوي في مجال الأمن، أنه منافس جاد ولا يستهان أمام لنتنياهو.
ولو فاز نتنياهو بالانتخابات القادمة فسوف يكون صاحب أطول فترة شغل فيها منصب رئيس الوزراء في تاريخ إسرائيل. لكنَّ المدعي العام لإسرائيل أشار إلى أنَّ نتنياهو، حتى لو أعيد انتخابه، ربما يوجه الاتهام إليه في سلسلة من قضايا الفساد بعد توليه مهام منصبه بوقت قصير. إذ من المقرر عقد جلسة استماع بعد وقت قصير من الانتخابات، وفرص نتنياهو في عدم توجيه الاتهامات إليه تعتبر "ضئيلة".
تقول مجلة Newsweek الأمريكية، إنه في غضون ذلك، يدير غانتس حملة ناجحة لإظهار أنَّ نتنياهو، الذي انحاز بشكل متزايد إلى اليمين المتطرف، ليس الزعيم الوحيد القادر على الحفاظ على أمن البلاد. وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أنَّ حزب غانتس يتصدر بحوالي 4 مقاعد.
غانتس رئيس أركان سابق لجيش الدفاع الإسرائيلي، وله تاريخ طويل في الجيش. وعندما عُيِّن قائداً لـ "الجيش الإسرائيلي" عام 2011، تغنَّى نتنياهو مشيداً به، ووصف تاريخ أسرته بأنه "قصة حياة شعبنا".
وقال نتنياهو عن غانتس، أثناء حفل تنصيبه: "كانت والدتك مَلكة -طيبة الذكر- في معسكر بيرغن بيلسن، وفي يوم تحريرها من معسكر الموت كانت تزن 28 كيلوغراماً… وأنا واثق أنها يقيناً كانت تحلم بشيء واحد. كانت تحلم بقطعة خبز. كانت تحلم بأبسط الأشياء في الوجود. أتخيل أنها ما كانت تتخيل أنَّ ابنها الذي سوف يولَد في الدولة الحرة للشعب اليهودي سوف يصبح رئيساً لأركان الدولة اليهودية بعد 66 عاماً"، بحسب تعبيره حينها.
لكنَّ غانتس فاجأ نتنياهو، وشكَّل تحالفه السياسي "الأزرق والأبيض"، في الفترة التي سبقت الانتخابات، وسرعان ما أصبح المنافس الرئيسي والأصعب لنتنياهو.
غانتس صاحب خبرة أمنية.. لكنه قد فتقر للخبرة السياسية
وقال دان أربل، الزميل بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، لمجلة Newsweek: "أمضى غانتس، وهو ابن اثنين من الناجين من المحرقة، معظم حياته البالغة في الزي العسكري بينما كان يشق طريقه إلى منصب رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي. قاد غانتس انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان عام 2000، وقاد لواء يهودا والسامرة التابع لجيش الاحتلال الإسرائيلي [في الضفة الغربية] مع بداية الانتفاضة الثانية، من 2001 حتى عام 2002، وقاد الجيش أثناء صيف عام 2014، في عملية "الجرف الصامد" في غزة، والتي استمرت 51 يوماً".
وأضاف أربل: "وباشتراكه مع عضوين آخرين من حزبه وهما موشيه (بوغي) يعلون وغابي أشكنازي، وكلاهما رئيس أركان سابق للجيش الإسرائيلي، فإنَّ الخبرة الأمنية لقيادة الحزب لا نظير لها". ومع ذلك، يرى بعض الخبراء أنَّ غانتس يفتقر للخبرة السياسية والخطط السياسية الواضحة.
إذ قال حاييم مالكا، نائب مدير برنامج الشرق الأوسط بمركز الدراسات الاستراتيجية الدولية بواشنطن العاصمة للمجلة الأمريكية: "يتمتع غانتس بالتأكيد بأوراق اعتماد أمنية بوصفه رئيساً سابقاً لجيش الدفاع الإسرائيلي تكفي لإقناع المصوِّتين بأنه سوف يكون قوياً في مجال الأمن. والميزة الأخرى لغانتس أنه ليس بنيامين نتنياهو".
وأضاف مالكا: "في الوقت نفسه، فإنَّ غانتس يواجه عدداً من التحديات. أحد هذه التحديات عدم امتلاكه لآلية حزبية لدعمه في حملة على مستوى البلاد، وليست لديه شبكة من المناصرين من شأنها أن تعمل بكامل قوتها أثناء الدورة الانتخابية".
ويقول مالكا إنَّ غانتس قد يواجه نفس مصير السياسية الإسرائيلية المخضرمة تسيبي ليفني التي خاضت الانتخابات بوصفها مرشحة من الوسط لمنصب رئيس الوزراء عندما كانت رئيسة لحزب كاديما عام 2009.
"صفقة القرن" ربما تجبر غانتس على العمل مع نتنياهو!
وقال مالكا: "مرشحو الوسط لم يؤدّوا أداءً جيداً بشكل عام ولم يستمروا. سياسياً، فإنَّ غانتس رئيس تحالف فضفاض من الشركاء المتقلبين الذين يعتقد كل واحد منهم أنه هو من ينبغي أن يكون المرشح الأول في قائمة الحزب. وقد يؤدي النظام الانتخابي إلى موقف يفوز فيه حزب غانتس بالحصة الأكبر من الأصوات، لكنه لا يكون قادراً على تكوين ائتلاف حاكم، وهو ما حدث عندما فازت تسيبي ليفني بأكبر حصة من الأصوات عندما كانت رئيسة لحزب كاديما لكنَّ نتنياهو فاقها دهاءً وأبرم اتفاقات مع أحزاب أخرى لمنع ليفني من تشكيل حكومة".
وكانت حملة رئيس الوزراء قد أصبحت شرسة في الفترة السابقة للانتخابات، إذ يوجه كِلا المرشحين الإهانات لبعضهما بعضاً. لكنَّ تسجيلاً سُرب يوم الأحد الماضي يكشف أنَّ غانتس ربما يكون مستعداً للانضمام لحكومة يقودها نتنياهو بشروط محددة.
إذ سُمع غانتس في التسجيل وهو يقول مشيراً إلى نتنياهو: "لا يمكنني الجلوس معه إذا أُدين بعد جلسة الاستماع. سوف يكون هذا جنوناً تاماً. لكن دعنا نفترض أنه فاز بالانتخابات وبعد ذلك بأسبوع كشف الرئيس ترامب عن خطته للسلام في الشرق الأوسط ونظر شعب إسرائيل إلى بيني غانتس قائلين: ساعد نتنياهو، وإلا فإنَّ بتسلإيل سموتريش، زعيم الاتحاد الوطني الإسرائيلي، سوف يقتل الفرصة الأخيرة لخطة سلام".
ويظهر هذا الشريط، الذي يُعد واحداً فحسب من بين الأشرطة العديدة التي تسرَّبت أثناء الحملة، أنَّ غانتس ربما يكون مستعداً للعمل في تحالف مع نتنياهو إذا كان ذلك يعني "إنقاذ صفقة القرن في الشرق الأوسط".
وكان تحالف "أزرق أبيض" قد قال في برنامجه الانتخابي الذي الذي أعلن عنه في 6 مارس/آذار 2019، إنه بمجرد أن يصل إلى السلطة سيُجري محادثات مع دول عربية، "ويكثف عملية الانفصال عن الفلسطينيين، مع ضمان الالتزام التام بأمن إسرائيل القومي".
وينص البرنامج على أن "تحتفظ إسرائيل بسيطرتها على غور الأردن وكتل استيطانية في الضفة الغربية"، لكنه لم يوضح ما قد يتم اتخاذه بشأن البؤر الاستيطانية الأكثر انعزالاً بالأراضي التي احتلتها في حرب عام 1967.
وعندما سُئل عن ذلك، قال الرجل الثاني في التحالف، مائير لابيد لـ "يديعوت أحرونوت": "أعتقد أننا بالانفصال عن الفلسطينيين سنصل في نهاية المطاف إلى دولتين. لكن لن يخوض أي سياسي مسؤول في التفاصيل قبل طرح خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب". ومن المتوقع على نطاق واسع، أن يعلن ترامب خطته، المعروفة باسم "صفقة القرن"، بعد الانتخابات الإسرائيلية مباشرة.