لا بد أنك شاهدت فيلم الأسد الملك أو فيلم The Lion King، الفيلم الغني عن التعريف الذي تربَّع على عرش السينما وشاشات التلفزيون، والذي يذكر الجزء الأول منه مفهوم دائرة الحياة.
إذ يكون لكُلِّ فردٍ مكانه المُحدد في دائرة مُحكمة، قد يؤدي خرقها إلى تدمير النظام البيئي.
يرتبط كوكبنا والنظام البيئي وجميع النباتات والحيوانات على الأرض بشكل عميق في كثير من الأحيان، يعتمد بقاء ووجود نوع واحد على بقاء كثير من الأنواع الأخرى.
البشر ليسوا استثناء.. فمع الآثار الشديدة لتغيُّر المناخ والكوارث التي تسبب فيها الإنسان مثل إزالة الغابات والتلوث، أصبحت حياة البشر في خطر متزايد.
هناك أيضاً حيوانات تعتمد عليها حياة الإنسان بشكل كبير، وانقراضها أو نقص أعدادها قد يؤدي إلى حدوث خلل كبير بالمنظومة البيئية، إليك أبرزها:
النحل.. الحشرات التي توازن النباتات
تؤدي تلك الكائنات الصغيرة التي اشتُهرت بصنع العسل اللذيذ دوراً حيوياً في بقاء الإنسان.
في جميع أنحاء العالم، تنقل هذه الحشرات الصغيرة المجتهدة حبوب اللقاح من زهرة إلى زهرة في أثناء تنقلاتها اليومية.
يعد التلقيح أمراً حيوياً، لأنه في الأساس هو الذي يجعل معظم الحياة النباتية على كوكب الأرض تنمو.. ستكون هناك حياة خالية من النباتات والأزهار والأشجار والفواكه دون أن يقوم النحل بأعماله.
لسوء الحظ، انخفض عدد النحل بنسبة تصل إلى 80% في أجزاء معينة من العالم، بسبب التفاعل البشري وتغير المناخ والأمراض واستخدام المبيدات الحشرية.
العوالق.. دور أكثر محورية
نعم، تؤدي تلك الطحالب المجهرية والكائنات الحية التي تكون أصغر من أن تسبح ضد التيار دوراً حيوياً في وجودنا.
على الرغم من حجمها الضئيل، فإن العوالق تحافظ على بلايين الحيوانات البحرية من خلال توفير الغذاء لهم.
هذه الكائنات الصغيرة لا تكتفي بتغذية الأسماك والحيتان والدلافين والطيور البحرية فحسب، بل إنها تؤدي دوراً أكثر محورية بالنسبة للجميع: إنها السبب في أننا نتنفس جميعاً.
تمتص العوالق النباتية الطاقة من الشمس والمواد المغذية من الماء، وهما المكونان الضروريان لعملية التمثيل الضوئي.
التمثيل الضوئي للعوالق هو المسؤول عن نصف الأكسجين في العالم، والنصف الآخر يأتي من التمثيل الضوئي على الأرض بواسطة الأشجار وغيرها من النباتات.
النمل.. دور طبيعي للتربة
لقد اكتشف البشر حتى الآن أكثر من 12000 نوع من النمل بجميع أنحاء العالم، وهناك فرص في العثور عليها بوفرة في كل نظام بيئي تقريباً.
هذه المخلوقات الصغيرة المنمّقة تساعد في خلق والحفاظ على ظروف التربة الصحية لنمو النباتات التي يتغذى عليها الإنسان.
عندما يحفر النمل في التربة ويبني أنفاقاً، ويهوي التربة ويفتح مسامها في أثناء انتقاله من مكان إلى آخر، تنتقل المغذيات الى عمقٍ أكبر في التربة، وبذلك تكون التربة أكثر قدرة على الإنتاج والخصوبة.
هذه الأنفاق التي يصنعها تزيد من تسرب المياه إلى التربة أيضاً، وبهذا يزداد إنتاج المحاصيل في البيئات الجافة التي تفتقد الرطوبة التي تساعد على نمو النباتات.
النمل أيضاً يتغذى على الحيوانات النافقة والحشرات الميتة، وبذلك يسهم في تخليص البيئة منهم.
الخفافيش.. مكافحة الهوام الضارة
نعم، هذه المخلوقات يمكن أن تكون مخيفة إلى حد ما. ولكن عكس الاعتقاد السائد، فإن هذه الحيوانات الشبيهة بمصاصي الدماء تنفع أكثر مما تضر!
الخفافيش مجموعة مُتنوِّعة جداً من الحيوانات، إذ يُوجد منها أكثر من 1200 نوع، وتعيش هذه الحيوانات في جميع أنحاء العالم تقريباً، ما عدا قارة أنتاركتيكا المتجمدة ومناطق قليلة حول القطب الشمالي.
هذا مع قدرتها على الطيران وتحديد مواقع الأشياء بكفاءة في الليل اعتماداً على جهاز توجيه صوتي طبيعي يماثل آلة السونار.
وتؤدي عملاً رائعاً في إجراء مكافحة الحشرات بجميع أنحاء العالم، حيث تستهلك الخفافيش الملايين منها.
في بعض البلدان، يحمل البعوض أمراضاً خطيرة ومميتة أحياناً، مثل الملاريا وحمى الضنك. يمكن أن تأكل الخفافيش ما يصل إلى 1000 بعوضة في الساعة.
مع ذلك، في بعض البلدان أيضاً، تواجه الخفافيش حالياً فقدان أماكن سكنها من خلال إزالة الغابات وغيرها من الأعمال البشرية الضارة!
الضفادع.. مؤشرات الطبيعة
إذا كان هناك فقط نوع من المخلوقات يمكن أن يشير بشكل موثوق وفعال إلى صحة النظم الإيكولوجية المختلفة، ويكون علامة تحذير للبشر لاتخاذ الإجراءات.. فيمكن أن يكون الضفادع!
إنها مثل مؤشرات حيوية، لأن بشرتها تمتص المواد المختلفة الموجودة في بيئتها المحيطة.
ومن ثم، فإن أي تغييرات على بشرتها سوف تشير إلى التلوث أو غيره من القضايا الموجودة في المنطقة.
يمكن أن توجد الضفادع في الماء وكذلك على اليابسة، وهو ما يعني أن هذه الحيوانات ستكون أول من يستجيب لأي مخاطر.
الفطريات.. مصانع لتحليل العناصر الغذائية
يوجد أكثر من 144.000 نوع معروف من الكائنات الحية في مملكة الفطريات، وتسمح الفطريات للنباتات بالحصول على العناصر الغذائية والمياه من التربة المحيطة.
تقوم الفطريات بتحليل بقايا النباتات والحيوانات الميتة وإعادة العناصر الغذائية إلى الطبيعة لاستخدامها مرة أخرى.
تساعد فطريات التربة النباتات على الحصول العناصر الغذائية المختلفة مثل: النيتروجين، والزنك، والكالسيوم، والحديد، والبوتاسيوم، والنحاس، والفسفور، والماغنسيوم.
والآن يحاول العلماء تدريب الفطريات على تنظيف فوضى بيئتنا، وضمن ذلك استخدامها لتنظيف التسريب النفطي، بحسب دراسة تُحقق فيما إذا كانت هناك فطريات مُحبِّة للإشعاع يمكنها المساعدة في معالجة الكوارث النووية.
يقول بول ستاميتس المتخصص بعلم الفطريات:
"بإمكان الفطريات أن تنقّي كل شيء، بداية من التسرب النفطي وحتى الإشعاعات النووية".
إلى جانب استخلاص أدوية معروفة على مستوى العالم من الفطريات، مثل: البنسلين أهم المضادات الحيوية.
تقوم الفطريات أيضاً بتنقية البيئة من البكتيريا الضارة والفيروسات. وفي إحدى محادثات "تيد" عن كيف يمكن أن تنقذ الفطريات عالمنا، يصف ستاميتس تجربةً وضع فيها أكياس خيش مليئة بالفطريات عند مصبّ مصنع يصب صرفاً محملاً ببكتيريا الإشريكية القولونية.
خفضت الفطريات أعداد البكتيريا القولونية الضارة في الماء أكثر من 10 آلاف مرة.
الديدان.. آكلات النفايات الصلبة
بإمكان تلك المخلوقات الصغيرة الرقيقة مساعدتنا في تقليل كمية النفايات التي يتم إرسالها إلى مدافن النفايات بشكل كبير.
تعتبر هذه التقنية الحديثة خطوة بيئية فعالة نحو مستقبل خالٍ من مشاكل تصريف النفايات بطرق سليمة وصحية.
من أجل التحقيق بشكل أعمق، جمع باحثون من معهد الطب الحيوي والتكنولوجيا الحيوية في كانتربري بالمملكة المتحدة، وكذلك جامعة كامبريدج نحو 100 دودة من ديدان الشمع، وقاموا بتعريضها لكيس بلاستيكي من السوبر ماركت.
وفي غضون 40 دقيقة، بدأت الثقوب في الظهور.
بعد 12 ساعة، خفضت الديدان كتلة الكيس البلاستيكي بمقدار 92 ملليغراماً.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي استخدام نظام التسميد الدودي إلى إنتاج سماد رائع لحديقتك والنباتات الأخرى.
الرئيسيات.. حرّاس الغابات
مع وجود أكثر من 300 نوع مختلف منها حول العالم، توفر الرئيسيات دوراً مهماً في الحفاظ على الغابات المدارية وشبه المدارية.
يسهم روَث هذه الحيوانات في زراعة بذور الأشجار، والحفاظ على نمو الغابات بشكل صحي.
تؤثر الغابات الاستوائية المطيرة في أنماط هطول الأمطار العالمية. في حالة وجود عددٍ أقل من الأشجار بالغابات المطيرة هذه، تنخفض الرطوبة في الغلاف الجوي، وتقل كمية الأمطار، وتنخفض إمدادات المياه.
تُعد الغابات أيضاً بعض أهم مستودعات تخزين الكربون على كوكب الأرض، وقد أصبح من الضروري التوجه إلى احتجاز الكربون وتخزينه، لما للأمر من أهمية في خفض انبعاث الغازات المسبِّبة للاحتباس الحراري على المدى الطويل.
الطيور.. نقل اللقاح وتسميد التربة
جميع الحيوانات التي سبق ذكرها تؤدي مهام محددة، لكن الطيور تقوم بمعظم هذه الأدوار، ولكن بشكل أقل مما تفعله بقية الحيوانات التي ذكرناها، وهذا يجعلها مهمة للغاية لعالمنا.
تتنوع أدوار الطيور البيئية فهي تقوم بمكافحة الحشرات وإعادة تدوير المغذيات، وتؤدي دوراً في تهوية التربة.
وتؤدي بعض الطيور دوراً مهماً في عملية تلقيح الأزهار، بنقلها حبوب اللقاح من زهرة إلى أخرى، وفي انتشار البذور بواسطة أرجلها أو فضلاتها.
فضلات الطيور أيضاً يمكن أن تشكل سماداً طبيعياً ممتازاً، ففي بيرو يستعمل السكان سماداً طبيعياً ممتازاً مكوَّناً من فضلات الطيور التي تأتي بالقرب من المرتفعات والجزر الواقعة على طول الساحل البيروفي.