صفقة أمريكية عمانية تحمي واشنطن من صواريخ إيران وتجعلها تتحكم فى أهم ممر عالمي للنفط.. الإمارات ستخسر كثيراً

عربي بوست
تم النشر: 2019/03/25 الساعة 11:02 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/03/30 الساعة 16:49 بتوقيت غرينتش
سفن عسكرية خلال مناورات بحرية (أرشيف)/ رويترز

توصَّلت الولايات المتحدة إلى صفقة موانئ استراتيجية مع عمان يوم الأحد 24 مارس/آذار 2019، وقال مسؤولون أمريكيون إن الصفقة ستُزوِّد الجيش بوصولٍ أفضل لمنطقة الخليج، مع تقليل الحاجة لإرسال السفن عبر مضيق هرمز، الممر البحري الضيق قبالة السواحل الإيرانية.

وبحسب موقع Middle East Eye البريطاني، فإن السفارة الأمريكية داخل عمان قالت، في بيان لها، إن الاتفاقية تُنظِّم وصول الولايات المتحدة إلى مرافق وموانئ الدقم وصلالة، و "تُؤكِّد التزام الدولتين بتعزيز الأهداف الأمنية المُشتركة".

تهدف الاتفاقية إلى تعزيز العلاقات العسكرية العمانية-الأمريكية

وبحسب وكالة الأنباء الحكومية في عمان، فإن "اتفاقية إطار العمل" تهدف إلى تعزيز "العلاقات العسكرية العمانية-الأمريكية"، وذلك في تقريرٍ نُشِرَ على موقعها باللغة الإنجليزية.

وأضافت وكالة الأنباء العمانية: "ستسمح الصفقة للقوات الأمريكية باستغلال المرافق المُتاحة في بعض موانئ ومطارات السلطنة خلال زيارة السفن والطائرات الحربية الأمريكية، وخاصةً في ميناء الدقم". ويقع ميناء الدقم جنوبي عمان، ويُطِلُّ على بحر العرب، ويبعد 500 كيلومتر تقريباً عن مضيق هُرمز.

وكتبت صفحة رادیو فردا الإيراني على تويتر:

"تشعر الولايات المتحدة بالقلق إزاء ترسانة الأسلحة الإيرانية المتنامية؛ لذا عقدت صفقة موانئ مع عمان، في حال تحوَّل مضيق هرمز إلى مُشكلة".

 

ويُعَدُّ المضيق حيوياً بالنسبة لإمدادات الطاقة العالمية، بفضل موقعه عند مدخل الخليج، إذ يَمُرُّ عبره قرابة ثُلثُ النفط المنقول بحراً في العالم يومياً.

وهدَّدت إيران بغلق المضيق مراراً وتكراراً نتيجة التوتُّرات مع دول الخليج، وخاصةً مُنافسها الإقليمي الرئيسي المُتمثِّل في المملكة العربية السعودية.

ويُمثِّل الممر المائي الضيِّق طريق عبورٍ دولياً تَمُرُّ عبره القوات الأمريكية بانتظام، وشَهِدَ كذلك مواجهات يسودها التوتُّر بينهم وبين القوات الإيرانية في الماضي.

أمريكا أبرمت الاتفاقية مع تزايُد مخاوفها من صواريخ إيران

وتأتي المُعاهدة في ظل تزايد مخاوف الولايات المتحدة بشأن برنامج الصواريخ الإيراني المُتوسِّع، إذ تحسَّن في السنوات الأخيرة رغم العقوبات والضغوطات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة.

وقال مسؤولٌ أمريكي، تحدَّث بشرط السرية، إن الصفقة لها أهميةٌ كبرى في تحسين الوصول إلى الموانئ المُرتبطة بشبكةٍ من الطرق المُؤدية إلى المنطقة الأوسع، مما يمنح الجيش الأمريكي مرونةً كبيرةً في أوقات الأزمات.

وأضاف مسؤولٌ أمريكي: "اعتدنا العمل مع افتراض قدرتنا على العبور في الخليج ببساطة. لكن جودة وحجم الأسلحة الإيرانية بدآ يُثيران مخاوفنا".

وأوضح المسؤول الأمريكي أن الاتفاقية ستزيد الخيارات المتاحة أمام الجيش الأمريكي داخل المنطقة في مواجهة أي نوعٍ من الأزمات.

ويُعَدُّ الدقم ميناءً مثالياً للسفن الكبيرة، فضلاً عن أنه كبيرٌ بما فيه الكفاية ليسمح بدوران حاملات الطائرات، بحسب مسؤولٍ أمريكي آخر، قال: "الميناء جذابٌ للغاية؛ نظراً لموقعه الجغرافي الاستراتيجي خارج مضيق هرمز". وأضاف المسؤول أن المفاوضات بدأت تحت إدارة أوباما.

عمان أيضاً ستصبح مركزاً أساسياً في الشرق الأوسط

وبالنسبة لعمان، ستدعم الصفقة جهودها في تحويل الدقم إلى مركز مرفئي وصناعي أساسي داخل الشرق الأوسط، وهي المدينة التي كانت مُجرَّد قريةٍ صيدٍ صغيرةٍ في وقت من الأوقات، وتُساعدها الصفقة في الوقت ذاته على تنويع اقتصادها ليتخطى تصدير النفط والغاز.

وتستهدف عمان بهذا المشروع العملاق تقليل اعتمادها هي الأخرى على النفط، وأيضاً منافسة جارتها الإمارات في صناعة السفن عبر ميناء الدقم الذي تعتبره مسقط مشروعها الاقتصادي الأكبر في الشرق الأوسط.

ومشروع الدقم هو أكبر مشروعٍ اقتصادي في منطقة الشرق الأوسط، ومن بين أكبر المشاريع في العالم، وتمثل المشاريع الاقتصادية الجارية مجتمعةً في الدقم استثماراً بعدة ملياراتٍ من الدولارات.

وتأمل مدينة الدقم، التي كانت يوماً مدينة صيدٍ هادئةً على الساحل الشرقي بوسط سلطنة عمان، أن تصبح منطقةً لوجيستيةً بارزةً في الشرق الأوسط، تربط الخليج بطرق التجارة البحرية الأكثر ازدحاماً في العالم.

تضم منطقة الدقم الاقتصادية، التي تستمد الإلهام من عاصمة التجارة البحرية العالمية سنغافورة، العديد من المشاريع، من بينها ميناءٌ متعدد الأغراض، ومصفاة تهدف لمعالجة 230 ألف برميل نفط خام يومياً، وأكبر حوضٍ جاف في الشرق الأوسط، يتسع لنحو 200 سفينةٍ كل عامٍ.

يقول طلال بن سليمان الرحبي، رئيس الهيئة الفنية لمشروع عُمان 2040، مشروع التنمية الوطني: "نأمل أن تصبح مدينة الدقم لاعباً بارزاً في التنمية في عُمان".

من المتوقع أن يبدأ المشروع العمل بطاقته الكاملة بحلول عام 2020 في محاولةٍ لتنشيط الاقتصاد الوطني ومعالجة اعتماد طويل الأمد على قطاع الهيدروكربونيات، الذي كان يُمثل 55% من إجمالي الدخل القومي للبلاد عام 2017.

وتسمح الصفقة لأمريكا بالمنافسة مع الصين في المنطقة

وتسمح الصفقة أيضاً بتحسين وضعية الولايات المتحدة داخل المنطقة، وذلك فيما يتعلَّق بالمنافسة العالمية على النفوذ مع الصين.

وحاولت الشركات الصينية في وقتٍ من الأوقات استثمار 10.7 مليار دولار في مشروع الدقم، وهو ضخ هائلٌ لرؤوس الأموال بالنسبة لعمان، الذي كان من المتوقع أن يكون تجارياً وليس عسكرياً.

وقال المسؤول الأمريكي الثاني: "يبدو لي أن العلاقات الصينية ليست كبيرةً هنا كما كان يبدو منذ بضع سنوات. وخُصِّص قطاعٌ من منطقة الدقم الصناعي لصالح الصينيين.. وعلى حدّ علمي، لم يُنجزوا شيئاً حتى الآن".

وتمتلك الولايات المتحدة عدداً من القواعد العسكرية بطول الخليج، وتحوي أكبرها 10 آلاف جندي في قطر.

وتقع مدينة الدقم على بحر العرب، وتبعد 6 ساعاتٍ بالسيارة جنوب العاصمة العُمانية مسقط، وتبعد مسيرة يومٍ كاملٍ لأية ناقلة نفطٍ عن مضيق هرمز، الممر الضيق الذي يمر منه ثلث تجارة النفط البحرية.

يُعتبر المضيق بوابة الخليج العربي، وبتهديد إيران المتكرر بإغلاقه، فإن الميناء العماني هو موقع مثالي ليكون محوراً بديلاً للشحن.

وسيحتاج مشروع الدقم الجديد لجذب انتباه سفن الشحن بعيداً عن ميناء جبل علي الواقع في دولة الإمارات العربية المتحدة. يُعتبر ميناء جبل علي أكبر ميناء مياهٍ عميقة في المنطقة، وهو يضم أكبر ميناء من صُنع الإنسان في العالم، ومحطتي حاوياتٍ كبيرتين تقوم فيهما السفن بتفريغ حمولاتها قبل إعادة شحنها إلى جميع أنحاء الخليج والهند وإفريقيا.

 

 

 

تحميل المزيد