الشمس عبارة عن كرة غازية غير مأهولة، يغذّيها جحيم مستعِر من التفاعلات النووية، بينما الأرض كوكب صخري مغطَّى بالمياه ويعجّ بالحياة. ومع ذلك فإن مكونات عناصر هذين الجرمين السماويين متشابهة إلى حد مذهل، بحسب موقع Live Science.
كشفت دراسة جديدة أن عناصر تكوين الشمس والأرض متشابهة إلى حدٍّ كبير، إلا أن محتوى الأرض من العناصر الأكثر تطايراً أقل من الشمس، تلك العناصر التي تتبخر عند درجات الحرارة العالية.
مادة وسيطة
يرجح ذلك أن الأرض تكوَّنت من مادة في السديم الشمسي، وهي سحابة الغبار والغازات التي شكَّلت الشمس، لكن من دون العناصر المتطايرة مثل الهيليوم، والهيدروجين، والأوكسجين والنيتروجين. وذكر مُعدا الدراسة أن الأدوات المستخدمة في الدراسة الحالية قد تساعد أيضاً في الكشف عن تكوين الكواكب الخارجية التي تدور حول النجوم البعيدة.
أولاً، حلَّل الباحثون العناصرَ التي ظهرت في النيازك الصخرية التي سقطت على الأرض، والمعروفة باسم "الكوندريت". وكتب العلماء أن الكوندريت، الذي يتشكل أيضاً في سديم تكون قبل وجود النظام الشمسي يستخدم كثيراً باعتباره مادة وسيطة لفهم التركيب الكيميائي للشمس.
وقيَّم الباحثون كذلك التكوين العنصري للشمس من خلال ملاحظاتهم للإشعاع في الغلاف الضوئي للشمس، وهو "القشرة" الخارجية التي تطلق الضوء، مع تضمين بيانات من الاضطراب الشمسي والنماذج النظرية.
الأرض والشمس
وعلى الرغم من أن معظم العناصر الوفيرة في الشمس هي الهيدروجين والهيليوم، اكتشف الباحثون إجمالي 60 عنصراً موجودة بشكل وفير في النيازك والغلاف الضوئي، ومن المرجح أن تكون هذه العناصر وفيرة أيضاً في سديم تشكَّل قبل تكوُّن الشمس، وفقاً للدراسة.
ثم قارن العلماء نتائجهم بالتركيب العنصري الأساسي لمركز الأرض وبطبقة الوشاح، التي يمكن استخلاصها من خلال مزيج من النماذج الرياضية، والبيانات الزلزالية، وعيّنات الصخور. وكتب الباحثون أنهم وجدوا أن الأرض تتشارك معظم العناصر نفسها الموجودة في الكوندريت والشمس، ولكنها "أقل تطايراً"، حيث خسرت الكثير من المواد المتطايرة بمرور الوقت، وأن تلك "عملية متأصلة" مع تشكّل النظام الشمسي الداخلي.
وذكر تريفور أيرلندا، الذي شارك في إعداد الدراسة، وهو أستاذ الكيمياء الجيولوجية والكيمياء الفلكية في كلية بحوث علوم الأرض بالجامعة الوطنية الأسترالية في كانبيرا، في بيان: "تحمل هذه المقارنة ثروةً من المعلومات عن الطريقة التي تكونت بها الأرض".
ويمكن إجراء تقييمات مماثلة للكواكب التي تدور حول شموس أخرى غير شمسنا.
التركيبة الأولية
كتب الباحثون في الدراسة: "لا شك أن الكواكب الخارجية الصخرية عبارة عن جسيمات "غير متطايرة" من السديم النجمي الذي تكوّنت منه تلك الكواكب ونجومها المضيفة".
وقال مُعد الدراسة الرئيسي، هايانغ وانغ، المرشح للدكتوراه في كلية أبحاث الفلك والفيزياء الفلكية بجامعة أستراليا الوطنية، في البيان: "إن تحديد التركيبة الأولية للكواكب الخارجية سوف يلعب دوراً مهماً في تحديد ما إذا كان بإمكانهم دعم الحياة البشرية".
وقال وانغ: "إن تكوين الكوكب الصخري أحد أهم القطع الناقصة في جهودنا، لمعرفة ما إذا كان الكوكب صالحاً للحياة أم لا".
وظهرت النتائج على الإنترنت يوم 14 مارس/آذار، في مسودات دورية arXiv، وسيجري نشرها في العدد المقبل من دورية Icarus.