قالت صحيفة The Washington Post الأمريكية إن نيوزيلندا سوف تتجاوز الأزمة الحالية الناجمة عن الهجوم الإرهابي على مسجدين والذي خلف 50 قتيلاً من المسلمين، بسبب تصنيف البلاد ضمن أكثر بلدان العالم سعادة.
الأربعاء 20 مارس/آذار 2019، أصدرت شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة تقرير السعادة العالمي الذي يقيس مدى سعادة الدول، والذي وضع نيوزيلندا في المركز الثامن عالمياً.
ويصنِّف التقرير البلدانَ بناءً على 6 عناصر: الحرية، والكرم، ومتوسط العمر الصحي المتوقَّع، ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، والدعم الاجتماعي، وغياب الفساد.
وقال جون هيليويل، الذي شارك في تحرير التقرير، لشبكة CNN الأمريكية: "تميل البلدانُ الـ10 الأولى إلى الحصول على درجاتٍ عالية في جميع العوامل الستة، فضلاً عن المقاييس العاطفية للرفاه".
لكنَّ هذا لا يعني أنَّ مواطني البلدان التي تحتل مراتب عليا في التقرير يتجولون مبتسمين طوال الوقت، لكنَّهم قادرون على تخطِّي لحظات الأزمات والحزن.
إذ قال هيليويل لشبكة CNN: "ما يتبيَّن بشأن أسعد المجتمعات وأكثرها ارتباطاً فيما بينها هو مرونتها وقدرتها على التعامل مع الأمور السيئة".
نيوزيلندا دولة مرنة
وتعد نيوزيلندا، التي احتلت المرتبة الثامنة في تقرير العام الجاري (ولا تتفوَّق عليها سوى بلدان شمال أوروبا وسويسرا وهولندا)، إحدى هذه الدول المرنة.
ويشير الفصل المتعلق بالسعادة والسلوك الاجتماعي الذي يهدف إلى مساعدة الآخرين في التقرير، إلى أنَّ "الأشخاص على الأرجح يستمدون السعادة من عيش تجارب توفر شعوراً بِحرية الاختيار، وفرصاً للتواصل الاجتماعي، وفرصة لمعرفة كيف أحدثت المساعدة فرقاً".
لكن المواطنين في البلدان الأسعد يقولون كذلك إنَّهم يشعرون بالدعم الاجتماعي. وقد كان الدعم الاجتماعي أحد العوامل الرئيسية لتصنيف النيوزيلنديين ضمن المواطنين الذين يحظون بدرجةٍ عالية من السعادة. فنيوزيلندا تُفكِّر تفكيراً متزايداً في دعم الرفاه على المستوى الحكومي، وكذلك الفردي أو غير الرسمي. ففي شهر مايو/أيار 2018، أعلنت رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أردرن أنَّ حكومتها ستقدم "أول ميزانية للرفاه في العالم". وأشارت إلى أنَّ الميزانية ستوفر مشروعاتٍ لمعالجة قضايا "تغير المناخ، والتحوُّل الرقمي، والاستبعاد الاجتماعي، وسوء الأحوال الصحية، والإسكان والعنف الأسري"، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وقد كان هذا الشعور بالترابط والتقارب بين المواطنين واضحاً في أعقاب إطلاق النار على مسجدَي مدينة كرايستشيرش النيوزيلندية. فمن الطلاب الذين أدُّوا رقصة الهاكا تكريماً لأرواح الضحايا، إلى تعهُّد أرديرن بتغطية تكاليف الجنائز نيابةً عن عائلات الضحايا وارتدائها الحجاب في علامة على التعاطف والاحترام، ولقائها أعضاء من الجالية المسلمة الحزينة، سرعان ما تجمَّع النيوزيلنديون لتعزية ودعم بعضهم بعضاً بعد المجزرة. وبعبارةٍ أخرى، فالشعور اليومي لدى المواطنين النيوزيلنديين بتقارب بعضهم من بعض، ورغبتهم في مساعدة بعضهم بعضاً يترجَمان، في مواجهة المأساة، إلى مرونة.
إذ قال هيليويل: "بعد زلزال عام 2011 والهجوم الإرهابي في كرايستشيرش -وفي ظل تمتُّع البلاد برأس مال اجتماعي كبير، حيث يرتبط الناس بعضهم ببعض- تجمَّع الناس وساعد بعضهم بعضاً، وأعادوا إعمار المناطق المتضررة فوراً (بعد الزلزال)".