تلتقي أطراف النزاع حول إقليم الصحراء في اجتماع "طاولة مستديرة" بمدينة جنيف السويسرية، الخميس 21 مارس/آذار 2019 والجمعة، فيما تطرح عدة تساؤلات عما يمكن أن يسفر عنه لحلحلة النزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو.
في 1975، بدأ النزاع حول الصحراء، بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده بالمنطقة، ثم تحول إلى مواجهة مسلحة بين المغرب و"البوليساريو"، توقفت عام 1991، بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة.
تصرُّ الرباط على أحقيتها في الصحراء، وتقترح حكماً ذاتياً موسعاً تحت سيادتها، بينما تدعو الجبهة إلى استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر، التي تؤوي عشرات الآلاف من اللاجئين الصحراويين.
4 جلسات بمجلس الأمن
نهاية سبتمبر/أيلول 2018، دعا المبعوث الأممي الخاص بالصحراء، الألماني هورست كوهلر، الأطراف المعنية بالنزاع إلى اجتماع "طاولة مستديرة" في جنيف لبحث قضية الصحراء.
وعقد ذلك الاجتماع، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بمشاركة كل من المغرب و"البوليساريو" (طرفا النزاع)، والجزائر وموريتانيا (دولتان مراقبتان).
أفضى الاجتماع، الذي دام يومين في مكاتب الأمم المتحدة، إلى اتفاق على عقد اجتماع في الربع الأول من 2019.
ذلك الاجتماع ينعقد قبل أيام من بدء مناقشة قضية الصحراء في مجلس الأمن الدولي، حيث يتضمن برنامجه لشهر أبريل/نيسان المقبل، أربع جلسات خاصة بنزاع الصحراء.
وتعود آخر جولة مفاوضات بين المغرب و"البوليساريو" إلى 2008، ولم يحدث تطور يُذكر منذ ذلك التاريخ.
لا تقدم في الأفق
رجح سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة "العين" للعلوم والتكنولوجيا بأبوظبي (خاصة)، "عدم حصول أي تقدم في اتجاه حلحلة الوضع في الصحراء، خاصة في ظل غياب أي تغيير في المحددات الرئيسية للنزاع".
الأكاديمي المغربي أضاف أنه "لا يمكن توقع أي نجاح لهذه الجولة؛ فهي ليست مفاوضات حقيقية، فضلاً عن عدم استعداد أطراف النزاع لتقديم تنازلات من شأنها تعبيد الطريق لمفاوضات حقيقية".
ورأى أن هذه "الجولة كسابقاتها، وكالتي ستليها، لا يُنتظر منها شيء، وأحسن ما يمكن أن يتمخض عنها هو التعبير عن حُسن النوايا، والاستعداد لإيجاد حل سلمي للنزاع، دون أي تأثير في أرض الواقع".
واعتبر أن "حصول تغيير في موقف الجزائر هو وحده الكفيل بإحداث تغيير في مسار النزاع".
وشدد الصديقي على أن "حل النزاع في الصحراء يتوقف بشكل أساسي على موقف الجزائر ومدى استعدادها للدخول في مفاوضات مباشرة مع المغرب، باعتبارها طرفاً في النزاع، وليست مراقباً".
وبشكل متكرر، دعا المغرب خلال الأشهر الأخيرة إلى "انخراط فعلي للجزائر في أي حل لنزاع الصحراء".
لكن الجزائر تشدد على أن النزاع بين المغرب والبوليساريو، وأنها فقط طرف مراقب، وتدعم قررات الأمم المتحدة التي أعلنت في 1964 الصحراء "إقليماً غير مستقل له الحق في تقرير مصيره".
ودعا العاهل المغربي الملك محمد السادس، في 6 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، الجزائر إلى إنشاء لجنة مشتركة لبحث الملفات الخلافية العالقة، بما فيها الحدود المغلقة.
وبينما لم يصدر رد مباشر من الجزائر على دعوة العاهل المغربي، دعت الخارجية الجزائرية، في الـ22 من الشهر ذاته، إلى عقد اجتماع لوزراء خارجية دول اتحاد المغرب العربي، في "أقرب وقت"، لبحث إعادة بعث التكتل الإقليمي؛ فيما بدا وكأنه رد على غير مباشر على الدعوة المغربية.
البحث عن حل
سلمان بونعمان، باحث مغربي في العلاقات الدولية، يرى أن "الحل في حوار مغربي جزائري مباشر ومسؤول في سياق بناء تكتل مغاربي قوي، ومجاوزة الإرث التنازعي والصراعي الذي غطى المرحلة التاريخية السابقة بعد استقلال الدول في شمال إفريقيا".
واعتبر أن الحراك الحالي في الجزائر ربما يسفر لاحقاً عن تغير في الموقف الجزائري.
وسبق أن صرحت الخارجية الجزائرية، على لسان القائمين عليها، أكثر من مرة، بأن الجزائر "ليست معنية بهذا النزاع، وأنه ليست لها أية أطماع" في إقليم الصحراء، مؤكدة أن القضية "يجب أن تُحل على مستوى الأمم المتحدة".
كما تعتبر أن مسألة تسوية قضية الصحراء "كانت مطروحة منذ عام 1965 على طاولة الأمم المتحدة، تحت بند تصفية الاستعمار، وليست وليدة عام 1975″، أي تاريخ إعلان المغرب أحقيته بها بعد خروج المستعمر الإسباني منها.
وأردف بونعمان أن "اختيار التكامل والتعاون بين البلدين (المغرب والجزائر)، بدل التنازع والتجزئة، هو أحد مفاتيح إنهاء النزاع، خاصة أن المشتركات القائمة أقوى من الخلافات السياسية والإقليمية في المنطقة".
وتشكّل اتحاد المغرب العربي، عام 1989، بعضوية كل من الجزائر المغرب ليبيا، تونس وموريتانيا، لكن خلافات بينية، أبرزها قضية الصحراء، تسببت بتجمد عمل المنظمة الإقليمية، ولم تعقد أي قمة منذ 1994.