دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "الزعماء الغربيين" إلى أن يحتضنوا المسلمين الذين يعيشون في بلدانهم، ويأخذوا درساً في الزعامة والصدق، والشجاعة، من رئيسة الوزراء النيوزيلندية، جاسيندا أرديرن.
وأضاف أردوغان أنه يرفض بشكل قاطع كافة المحاولات لربط هذه الهجمات الإرهابية التي وقعت الأسبوع الماضي، بتعاليم الدين المسيحي، وأخلاقه، وقال: ذكرت مراراً وتكراراً أن الإرهاب لا دين، ولا لغة، ولا عِرق له.
وشدد في مقالة كتبها لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، تحت عنوان "إرهابي نيوزيلندا وداعش من نسيج واحد"، على ضرورة "ألا تسمح المجتمعات، والحكومات الغربية بتطبيع أيديولوجيات مثل العنصرية، ومعاداة الأجانب، والإسلاموفوبيا".
وأوضح أردوغان أن هناك بعض المسؤوليات التي تقع على الغرب بعد الحادث، مطالباً المجتمعات، والحكومات الغربية بـ "عدم السماح بتطبيع الأيديولوجيات الصاعدة خلال السنوات الأخيرة، مثل العنصرية، ومعاداة الأجانب، والإسلاموفوبيا".
وأضاف أردوغان قائلاً: "وإنه لمن المهم للغاية اعتبار هذه الأيديولوجيات المنحرفة جريمة تُرتكب ضد الإنسانية، كما هو الحال مع معاداة السامية".
ولفت أردوغان إلى وجود عبارات تاريخية على الأسلحة التي استخدمها الإرهابي في تنفيذ الهجوم، وفي بيان له، موضحاً أن "إشارة الإرهابي (منفذ هجوم نيوزيلندا) لشخصي ولتركيا أكثر من مرة أمر له مغزى، ويحتاج إلى التفكير فيه".
وبخصوص الجهود التي تقوم بها تركيا بشأن هجوم نيوزيلندا، قال أردوغان إن "أجهزة الاستخبارات التركية تتعاون مع نيوزيلندا وبلدان أخرى لكشف ملابساته".
وذكر أنه بعد الحادث كشفت الجهات المعنية في تركيا عن معلومات بشأن قدوم منفذ الهجوم لتركيا مرتين عام 2016 ومكوثه لبعض الوقت في مناطق مختلفة، مضيفاً: "كما توصلنا لمعلومات تفيد بأنه سافر لبلدان أخرى مثل المغرب، وإسرائيل، وكرواتيا".
"منفِّذ الهجوم حاول نثر بذور الكراهية بين البشر"
في السياق ذاته، ذكر الرئيس التركي أن "المسؤول عن مجزرة المسجدين سعى لشرعنة آرائه من خلال تحريفه لتاريخ العالم، وللعقيدة المسيحية"، مضيفاً: "لقد حاول نثر بذور الكراهية بين البشر".
وأضاف: "فمن الممكن اعتبار ما حدث في نيوزيلندا نتيجة مقيتة سامة للجهل والكراهية".
وأشار إلى أن "هذه ليست الحادثة الأولى التي يرى فيها شعبنا تحريفاً للتاريخ من قِبَل الإرهابيين، فمن قبل، وخلال السنوات الأخيرة، دعا تنظيم داعش لإعادة فتح إسطنبول من جديد، ذلك التنظيم الذي قتل آلاف المدنيين أغلبيتهم من المسلمين، ويقوم بتفسير التاريخ من منظور أيديولوجيته الأصولية".
وتابع: "وهذه الدعوة تتشابه مع العبارة التي كتبها منفِّذ الهجوم الإرهابي بنيوزيلندا في بيان له نشر على الإنترنت، وهي: سنجعل المدينة (إسطنبول) مسيحية مرة أخرى، كما سبق أن أقسم داعش على محو الجمهورية التركية".
وأضاف: "وعلى هذا الاعتبار نحن نرى أنه لا يوجد فرق بين هذا القاتل الذي أزهق أرواح الأبرياء بنيوزيلندا وبين غيره ممن يشنون هجمات إرهابية بتركيا، وفرنسا، وإندونيسيا، أو بأي مكان آخر من العالم".
في الشأن ذاته، أوضح أردوغان أن هناك عدداً ليس بالقليل من السياسيين والمحللين الغربيين دأبوا بعد هجمات "داعش" على لصق تهمة الأعمال الإرهابية التي لا يمكن قبولها، بالإسلام والمسلمين.
وأضاف: "آراء هؤلاء الأشخاص تتوافق مع آراء (السيناتور الأسترالي) فريزر أنينغ (الذي لديه تاريخ من التعليقات العنصرية)"، مضيفاً: "ولقد وعدنا بمنع محاولات الإرهابيين السيطرة على ديننا من خلال اعتراضنا على إرهابهم".
واستطرد: "لكن مع الأسف خيَّم الصمت على أوروبا وعلى مناطق أخرى من العالم الغربي حيال الإسلاموفوبيا، وكراهية الأجانب، وغيرها من الممارسات التي لا تتوافق مع القيم الليبرالية".
وأكد قائلاً: "لكننا لن نسمح بتكرار ما حدث مرة أخرى. فإذا كان العالم يريد الحيلولة دون حدوث ما وقع في نيوزيلندا مستقبلاً، عليه أن يشخص الهجمات الأخيرة على أنها نتاج حملة تشويه منظمة".
وتابع: "ومن ثَم علينا منع وقوع مثل هذه الأحداث المأساوية مستقبلاً من خلال كشف ملابسات الحادث الأخير بكافة تفاصيله، ومعرفة كيف وصل هذا الإرهابي لهذه الدرجة من الراديكالية، وما إذا كانت له صلات بتنظيمات إرهابية أم لا".