ظهر المتحدث باسم تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) للحديث الإثنين 18 مارس/آذار 2019 بعد صمت دام لستة أشهر، ليسخر في حديثه من تأكيد الولايات المتحدة على هزيمة التنظيم ويدعو إلى الانتقام من أجل ضحايا الهجوم الذي طال مسجدين في نيوزيلندا الجمعة الماضية 15 مارس/آذار.
قال المتحدث باسم التنظيم، أبو حسن المهاجر، في تسجيل صوتي استغرق 44 دقيقة: "إن مشهد القتل في المسجدين لحريٌّ به أن يوقظ الغافلين ويحضّ أنصار الخلافة القاطنين هناك للثأر والانتقام لدينهم"، بحسب تقرير لصحيفة The New York Times الأمريكية.
ووصف المهاجر إطلاق النار الذي نفذه متطرف أبيض حصد أرواح 50 مسلماً كانوا يصلون في مسجد بمدينة كرايستشرش، بأنه امتداد للحملة ضد التنظيم. وشبَّه الهجوم على المسجدين بالمعركة التي استعرت لأسبوع في آخر قرية تحت سيطرة داعش في سوريا.
"نصر مزعوم"
وتحدث واصفاً الأشخاص في المدينة بالمسلمين العاديين، قائلاً: "ها هي اليوم الباغوز في الشام. لا يزال المسلمون يموتون فيها حرقاً. يطالهم القصف بما يُعرف وما لا يُعرف من أسلحة الدمار الشامل". غير أن مسؤولي التحالف يعتقدون أن أغلبيتهم إما من مقاتلي التنظيم أو زوجاتهم أو أطفالهم.
وقلل المهاجر في كلمته من قيمة مزاعم البيت الأبيض بتحقيق النصر على التنظيم الجهادي واصفاً المسؤولين بأنهم يعيشون "تخبطاً وتناقضاً، أعجز المتابع أن يفهم المراد بكلمة النصر الذي يتحدثون عنه".
بالرغم من خسارة التنظيم جميع المناطق التي سيطر عليها تقريباً في سوريا والعراق فيما عدا جزءاً صغيراً، يقول المسؤولون العسكريون إنه لا يزال يشكل تهديداً قوياً.
ويعتبر أبو الحسن المهاجر -الذي يُكنَّى بهذا الاسم ولا تُعرف هويته الحقيقية- رمزاً مهماً مجهول الهوية بين دائرة التنظيم. ولا يُعرف أن المهاجر ظهر في أي صور أو في الفيديوهات الكثيرة التي بثها التنظيم، بل وتقريباً لا يُعرف أي شيء عن سيرته الشخصية.
وفي شهادة منه على الاحتياطات الأمنية التي يتخذها، بث بيانين صوتيين في عام 2018 ظهر آخرهما في سبتمبر/أيلول واستغرق أقل من أربع دقائق. وأثار استمرار غياب المتحدث -مثلما هو الحال مع قائد التنظيم أبو بكر البغدادي- شائعات بوفاته.
وبغض النظر عن التعرض للأحداث الأخيرة، تجدر الإشارة إلى أن التسجيل -الذي نشرته مجموعة على تطبيق تيليغرام للتواصل- بدا متشابكاً ومنغمساً في تفاصيل الأحداث الحالية المتعلقة بداعش، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وأشار المهاجر إلى زعم ترامب بأنه لا يعرف بريت ماكغورك، مبعوث الرئيس الأمريكي لشؤون التحالف الدولي ضد داعش، الذي استقال من منصبه احتجاجاً على قرار ترامب بسحب القوات الأمريكية من سوريا.
كيف وصلت إليه أحداث نيوزيلندا؟
وبحسب الصحيفة الأمريكية، نظراً إلى أن القوى التي تقاتل داعش تلاحق المهاجر وأعضاء آخرين بارزين في التنظيم الجهادي، يُفترض أنهم يتجنبون اكتشاف أماكنهم من خلال تجنب الأجهزة الإلكترونية، ولا سيما الهواتف الخلوية، إضافة إلى الحد من التواصل مع المبعوثين، الذين يمكن تعقب تحركاتهم. ويثير ذلك عدداً من التساؤلات: كيف عرف المهاجر بشأن المسلمين في نيوزيلندا؟ هل يحتمي في منزل داخل سوريا أو العراق ويعتمد على التغطية التلفزيونية المحلية؟ هل يأتي أحد معاونيه بالأخبار إليه؟
فمن الواضح معرفته بتفاصيل الأحداث الراهنة في ظل انتقاده زيارة ترامب الخاطفة إلى العراق في ديسمبر/كانون الأول الماضي، والمرة الأولى التي يرى فيها قوات متمركزة في منطقة قتال. في هذه الزيارة، قال ترامب إنه من "المؤسف" اضطراراه لاتخاذ احتياطات أمنية مكثفة من أجل هذه الزيارة بعد أن أنفقت الولايات المتحدة 7 تريليونات دولار من أجل استقرار الشرق الأوسط.
أضاف المهاجر مع الإشارة إلى الـ 7 تريليونات دولار: "فعجباً لمنتصرٍ يعز عليه إعلان زيارة رسمية لبلدٍ يزعم إحلال الأمن والاستقرار فيه. وما كان بوسعه أن يأتيه إلا خلسةً كاللص الرعديد".
وعُرف ضمن الأمور التي تعرض لها المهاجر في التسجيل أن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي لا يزال على قيد الحياة، أو على الأقل حسبما ذكر المتحدث باسم التنظيم. بالرغم من الإعلان عن وفاة البغدادي في مناسبات كثيرة، وأحدثها عن طريق روسيا بعد غارة جوية في سوريا، قال المسؤولون الأمريكيون في أكثر من مناسبة إنه على الأرجح لا يزال على قيد الحياة.
أنهى المهاجر التسجيل بالإشارة إلى البغدادي وتبجيله قائلاً: "حفظه الله"، وهي عبارة تُستخدم عندما يكون الشخص على قيد الحياة.
وفي ختام كلمته، قدم المتحدث باسم التنظيم وصية نقلاً عن البغدادي: "كما ويوصيكم (أمير المؤمنين) أن تتركوا أمراً لطالما دُعيتم لتجنبه والحذر منه، وهو ذو دور محوري في المعركة، ألا وهو أجهزة الاتصال: فقد تعدى ضررها وعمَّت البلوى من ورائها، فلا يجعلن أحدكم من نفسه وإخوانه غرضاً لعدوه وهدفاً رخواً، فلا ضير من أن يُنجز العمل من دونه في أسبوع إن كان يُنجز به في يومين".