قد يكون من أسوأ اللحظات التي تختبرينها مع طفلك بالأماكن العامة وفي أثناء السير بالشارع، حدوث نوبات الغضب. قد تجدين نفسك في حرج شديد بسبب ما يُحدثه الطفل من ضجة تصل إلى حد إهانتك وربما ضربك! نوبات الغضب هذه جزء من الطفولة، ولا يستطيع الوالدان، مهما كانوا، الهروب منها.
في مواجهة هذه الحالات، قد يكون لكِ المبررات والأسباب كاملة لتفقدي صبرك وهدوءك، لكن هذا غير صحي، ويزيد الأمر اشتعالاً والموقف صعوبة.
راهني في مثل هذه المواقف على صبرك (الكثير منه)، واعتبري أنكِ في اختبار يجب عليكِ اجتيازه بنجاح.
سنتعرف هنا على ماهية نوبات الغضب لدى الأطفال، وما الأسباب التي تقود إلى هذه النوبات؟ ومتى عليكِ اللجوء إلى طبيب؟ وكيف تتعاملين معها عند حدوثها؟
Know how to tell the difference between a tantrum & a sensory meltdown? These behaviors can look the same, but they require very different approaches. It is important to know how to distinguish between them. https://t.co/rv5oL8hn6A #tantrums #sensory #highlysensitive #hsp pic.twitter.com/zpyN6v2Md8
— Parenting the Highly Sensitive Child (@sensitivekids1) March 16, 2019
ما هي نوبات الغضب؟
نوبات الغضب هي ببساطةٍ استجابة سلوكية يقوم بها الطفل عندما يكون غير قادر على السيطرة على عواطفه.
يؤدي ذلك إلى فقدان واضح للقدرة على ضبط النفس، وتجاهل المعايير السلوكية المقبولة التي يعرفها مسبقاً.
فقد يكون الطفل مُدركاً أنه لا ينبغي أن يكون صوته مرتفعاً، أو أن عليه أن يتصرف في الأماكن العامة بقدر من التهذيب، لكنه يتجاهل هذه المعايير، ولا يُلقي لها بالاً.
نوبات الغضب الأكثر شيوعاً تبدأ عند الأطفال من سن 18 شهراً، وهي أكثر شيوعاً خلال السنة الثانية من الحياة.
تبدأ حدّة هذه النوبات ودرجة تكرارها في الانخفاض، بمجرد وصول الطفل إلى عمر 4 سنوات، بعد أن تتطور مهاراته اللغوية للتعبير عما يريده.
ولكن في بعض الحالات للأسف، تستمر حتى بعد بلوغ هذه الفئة العمرية.
لماذا تحدث نوبات الغضب؟
تحدث نوبات الغضب في الوقت الذي يحاول فيه الطفل أن يتعامل مع البيئة المحيطة به، يتعلم كيف يتعاطى معها ويسيطر عليها.
هذه الرحلة التي تكون شاقة بالنسبة للطفل، والتي تهدف إلى تطوير وضعه من رضيع عاجز إلى طفل قادر على التحرك في إطار بيئته والتعاطي معها.
وهناك عدة أسباب يمكن أن يتسبب واحد منها في إحداث النوبة، أو مجموعة أسباب:
– عدم اكتمال القشرة أمام الجبهية
وهي القشرة المخية التي تغطي القسم الأمامي من الفص الجبهي، وهي جزء من الدماغ ينظم بعض المهارات الإنسانية، مثل: الإدراك الاجتماعي والسلوك التواصلي والسلوك الأخلاقي.
هذه القشرة لا تكون ناضجة بشكل كامل عند الأطفال، فيمنعهم هذا من الاستجابة الهادئة أو الإدراك العقلاني عندما تحدث أمور خارج نطاق فهمهم، فلا يكون لديهم وقت للتفهم أو الاستيعاب.
تتمثل ردود فعلهم في شكل حدوث نوبات غضب، حتى تبدأ هذه القشرة في النضج، عند بلوغ الطفل سن الرابعة من عمره.
Meltdowns vs tantrums: what's the difference? Find out here plus get 8 autism meltdown tips! #meltdowns #autism #autismparenting #autismmeltdown #tantrums #parenting https://t.co/UraFGqWUHV #SPD #sensory #sensoryprocessing #sensoryprocessingdisorder pic.twitter.com/q6ejAlxW44
— Dyan Robson (@andnextcomesl) March 15, 2019
– عدم نضج النظام الحوفي
يرتبط النظام الحوفي ارتباطاً وثيقاً بالقشرة الدماغية الأمامية، وهو جزء من أدمغتنا مسؤول عن استجاباتنا السلوكية والعاطفية. فهو مسؤول مثلاً عن التحكم في المشاعر الإنسانية الأساسية مثل الخوف والإحباط والغضب والفرح.
عدم نضج الجهاز الحوفي غالباً ما يجعل الأطفال الصغار مشوشين وغير قادرين على التعبير عن مشاعرهم بدقة، وهو ما يؤدي إلى حدوث نوبات الغضب.
تكون طريقة التواصل الوحيدة هي تعبير الأطفال عن مشاعرهم بقوة لتلبية احتياجاتهم، وتستمر هذه الفترة من عدم نضج الجهاز الحوفي مدة تصل إلى 4 سنوات من العمر أيضاً.
– التقلبات المزاجية
أحد دوافع نوبات الغضب عند الأطفال هو إصابة الطفل بحالة مزاجية سيئة.
من المحتمل أن يجد الأطفال الذين تتميز طباعهم بالعناد وصلابة الرأي، وعدم الرغبة في التغيير، أن طريقهم الأمثل والأنسب في التعبير عن استيائهم تجاه ما لا يرغبون فيه هو إظهار انفعالهم الشديد مُتمثلاً في نوبات الغضب.
هؤلاء الأطفال معرَّضون لنوبات الغضب أكثر من غيرهم.
– طريقة للتواصل وجذب الانتباه
غالباً ما تكون نوبات الغضب هي الطريقة الوحيدة التي تُمكِّن الطفل في هذه المرحلة العمرية من إيصال مشاعره إلى والديه، بسبب نقص المهارات الكلامية اللازمة للتعبير عن الاحتياجات والرغبات.
يحاول الطفل أن يخبركِ بأنه يعاني الجوع أو خيبة الأمل أو التعب، أو حتى الشعور بالألم والمرض.
ينزعج الأطفال عندما لا يفهم أحد الوالدين إشاراتهم، أو يتفاعل مع نوباتهم بالعدوان أو الصراخ أو الضحك عليهم.
🐶 How To Handle a Child Not Listening and Throwing #Tantrums https://t.co/QlXYGIUEK2 pic.twitter.com/h8D5jBWkg1
— Ask Shirelle (@AskShirelle) March 9, 2019
– صرامة الآباء المُبالَغ فيها
إذا كان أحد الوالدين صارماً جداً، ولا يدع مجالاً للطفل أن يحاول أن يتعلم، أو يخطئ ليتعلم من تلك الأخطاء التي يرتكبها، فإن الجو في المنزل يصبح خانقاً بالنسبة للطفل.
يبدأ الطفل في ترجمة مشاعر الضيق والإحباط الشديد لديه في شكل نوبات الغضب.
كذلك فإن الطفل الذي يشعر بأنه عاجز عن تعلُّم مهارة جديدة مثل عدم القدرة على ربط حذائه رغم تكرار المحاولة، فإن هذا يولد لديه إحباطاً، ناتجاً عن مشاعر العجز والفشل، ويقوده هذا الإحباط إلى نوبات الغضب.
– العوامل الخارجية والاضطرابات الأسرية
على الأغلب يتصرف الأطفال الذين تزيد أعمارهم على 3 سنوات بشكل جيد في معظم المواقف التي تحدث لهم خارج المنزل، سواء بالفصول الدراسية أو في أثناء وجودهم بالأماكن العامة مع كبار السن.
وأيّاً ما كانت المواقف السلبية التي يتعرضون لها فإنهم يكبتون مشاعرهم تجاهها، لكنهم بالمقابل ينفجرون في نوبات غضب متكررة بمُجرد وصولهم إلى المنزل.
كذلك، فإن الأطفال الذين يعانون اضطرابات منزلية وقلقاً في المحيط الأسري مثل الخلاف الزوجي بين الوالدين أو حدوث الطلاق أو إصابة أحد الوالدين بمرض، يتأثرون سلبياً.
متى نلجأ إلى طبيب؟
يكون عليكِ اللجوء إلى الطبيب في هذه الحالات:
– حينما يكون طفلك عنيفاً للغاية تجاه الوالدين أو مقدِّمي الرعاية، أو تجاه الأشياء مثل الألعاب خلال نوبة غضب.
– عندما يتعمد الطفل إيذاء نفسه عن طريق خدش أو عض أو ضرب الرأس في الحائط.
– عندما تستمر نوبة الغضب أكثر من 25 دقيقة في كل مرة، أو يكون لدى الطفل أكثر من 5 نوبات غضب في اليوم.
– إذا كان الطفل يفقد القدرة على استعادة هدوئه حتى بعد انتهاء نوبة الغضب.
– إذا كان الطفل عنيفاً جداً خلال نوبات الغضب إلى الدرجة التي تدفعه إلى ضرب أحد والديه.
كيف تتعاملين مع نوبات الغضب لدى الأطفال؟
أفضل طريقة للتعامل مع نوبات الغضب عند الأطفال هي أن تكوني هادئة، عندها فقط سوف تكونين قادرة على التفكير في خطوتك التالية، وما ينبغي لكِ فعله.
هناك بعض الطرق التي يمكن الاستعانة بها للتعامل مع نوبات الغضب، ومنها:
1- حاولي فهم سبب الغضب
عندما يحاول الطفل التواصل معكِ، حاولي بذل الجهد لفهم ما يريد قوله، اسأليه عدّة أسئلة، ليسهل عليه التعبير عن فكرته واحتياجه، هذا سوف يقلل من شعورهم بالإحباط والعجز ويعمل على تهدئتهم.
2- لا تكبحي المشاعر دائماً ولا تقمعي الدموع
إذا كان طفلك يبكي، فحاولي أن تحتملي ألمك الناتج عن مشاهدة دموعه، لأنه عليكِ ألا توقفي بكائه، فالبكاء يطلق بعض الهرمونات التي تجعلهم في حالة مزاجية أفضل بمجرد الانتهاء من البكاء.
كذلك، لا تكبحي مشاعر نوبات الغضب لدى طفلك داخل المنزل أو خارجه على حد سواء، فلا تساوي بين الوضعين.
يجب أن يتعلم الطفل أن المنزل ملاذ آمن يمكنه التعبير فيه عن مشاعره بشكل آمن، ولا تقلقي من احتمالية تكراره هذا الأمر خارج المنزل.
3- لا تُعيري الطفل انتباهك كاملاً
حينما تكون نوبات الغضب غير مسوَّغة باحتياج معين لدى الطفل، فحاولي ألا تعيريه انتباهك، حتى لا تضطري إلى الرد السيئ.
قد لا يكون هذا ناجحاً في بعض الحالات التي يقوم خلالها الطفل بإيذاء نفسه، أو زيادة اشتعال نوبة الغضب لديه، لأنكِ لا تهتمين به، لكن على أي حال عليكِ التجربة.
4- كوني هادئة
عندما يتحكم فيكِ الغضب، فأنت بحاجة إلى إخراج نفسكِ من الموقف، لا يمكنك حل المشكلة عندما تشعرين بالضيق، لأن معدل ذكائك ينخفض بنسبة 30% عندما تكونين غاضبة.
التزام الهدوء ليس سهلاً، ويتطلب كثيراً من الجهد والصبر، لكن لن يكون لديكِ هذا الترف في الأماكن العامة، التي تتطلب إنهاء نوبة الغضب لدى الطفل فوراً.
عليكِ حينها أن تُبعدي الطفل عن المكان، وتُقدمي له بعض الخيارات التي بإمكانها أن تُهدئه بشكل عاجل.
5- لا تسمحي بالعنف
إذا واجهت نوبة غضب يقوم الطفل خلالها بالضرب أو الركل أو رمي الأشياء، فعليكِ إيقاف هذا فوراً. أوضحي أن العنف غير مقبول، لكن تأكدي أنكِ لا تمارسين بدورك عنفاً مضاداً خلال هذه العملية.
قد تحرمين طفلك من بعض المزايا التي يحب الحصول عليها إذا أساء التصرف، أو استمر في العنف، فهذه الطريقة تجعله يفهم أنه محبوب، لكن سلوكه الجامح العنيف لن يتم قبوله.
6- اعتذري إذا بالغتِ في رد فعلك، لكن كوني أيضاً حازمة
إذا فقدتِ أعصابك، فاعتذري. يحتاج الطفل أن يعرف أن كل الأشخاص معرَّضون للخطأ، وأنه يجب الاعتذار عند حدوث خطأ ما.
لكن تقديم الاعتذار لا يعني أنكِ توافقين على مطالبه التي رُفضت في السابق، دعيه يعرف أنكِ عندما تقولين "لا" فأنتِ تعنين ذلك.
لا ينبغي أن تكافئ نوبة غضب طفلك عن طريق الاستسلام والرضوخ لرغباته، هذا سيثبت فقط للطفل أن نوبة الغضب كانت فعالة.
بدلاً من ذلك، امتدحي طفلك لفظياً لاستعادته السيطرة، قولي له مثلاً: "أحب الطريقة التي هدأت بها".
7- امنحي طفلك الخيارات دوماً
قدِّمي بعض الخيارات لطفلك، اطلبي منه دوماً اختيار ما يعجبه أكثر، في الطعام أو الألعاب، أو الأنشطة التي يريد القيام بها أو الملابس التي يرغب في ارتدائها.
هذه الطريقة تُشعر طفلك بالاطمئنان بأن اختياره يتم النظر فيه ويؤخذ في الاعتبار، ولا يتم تجاهله أو تخطّيه، فلا يضطر إلى أن يلجأ إلى نوبات الغضب.
قدِّمي الخيارات التي تريدينها، ودعي له حرية الاختيار مما ترينه الأفضل. توفر هذه الطريقة وقتاً كثيراً من الخلافات، أنت بغنى عنها، لاتخاذ قرار بسيط كارتداء البيجامة الحمراء أو الخضراء!