وصف أحد الناجين من الهجوم -الذي يعمل طاهياً- على مسجد لينوود آفي كيف أنقذ أحد المصلين الأبطال الناس من خلال مواجهة المسلح، بينما كان الآخرون يبحثون عن مكان للاختباء به، نقلاً عن موقع Stuff النيوزيلندي.
وكان خاجة محيي الدين في غرفة المسجد الرئيسية يستعد لأداء صلاة الجمعة عندما اقتحم المهاجم الإرهابي المسجد وفتح النار على المصلين.
وقال إنه بينما تمكن محيي الدين من الفرار للاختباء في غرفة جانبية، كان صديقه من بين سبعة أشخاص قُتلوا، بعد إصابته بعيار ناري في الرأس.
وأصيب اثنان آخران من الأصدقاء بجروح خطيرة، أحدهما مصاب في عظمة الترقوة، بينما أصيب الآخر في كتفه.
رفض محيي الدين تسمية الصديق الذي قُتل، لأن وفاته لم تُؤكَّد، ولم تُبلَغ العائلة بعد، لكنه قال إنه كان يذهب عادة إلى مسجد النور في شارع دينز.
وأضاف: "اعتقدنا أننا سنموت، لكننا لحسن الحظ هربنا. فقدت صديقي، لكنهم لم يؤكدوا وفاته بعد، لكنني رأيت أنه أصيب في رأسه".
وقال محيي الدين إنه لا يستطيع النوم منذ الهجوم.
وأضاف: "كنت داخل المسجد، وقفنا لأداء الصلاة، ثم سمعنا أعيرة نارية، كان الجميع يفرون لأن أحد الأشخاص كان يصرخ ويقول "انزلوا على الأرض"، لذا كان الجميع يحاول الاختباء".
مُصلٍّ بطلٌ واجه المسلح وأوقفه
تمكن محيي الدين من الوصول إلى غرفة جانبية، حيث اختبأ مع 15 أو 20 شخصاً آخرين، حيث كان صوت "العديد من الطلقات" يدوّي.
ولكن عندما اختبأوا، هرع من بينهم أحد المصلين وواجه المسلح وأوقفه عن إطلاق النار.
وقال محيي الدين: "انطلق الرجل من بيننا، لقد كان معنا وقال: "علينا أن نفعل شيئاً"، لذلك ركض وأسقط البندقية من يد المسلح".
وأضاف: "لم نرَ أي شيء، لكن سمعنا صوتاً كشيءٍ يسقط، وبعد ذلك لم يعد هناك إطلاق نار".
قال محيي الدين إنهم عندما خرجوا من المخبأ في النهاية، رأوا الدم في كل مكان، وهو مشهد مروِّع للغاية يحاول ألا يفكر فيه.
كان محيي الدين البالغ من العمر 30 عاماً -أصوله هندية– قد جاء إلى نيوزيلندا قبل عقد من الزمن، ويعيش الآن في إيدجوير.
لكن أحداث الـ24 ساعة الماضية غيَّرت نظرته للبلاد.
وقال: "لقد كانت البلاد سلمية للغاية (من قبل)، ولم يكن لدينا حتى شرطي بمسدس. اليوم أصبح الأمر مختلفاً".
جدير بالذكر أن رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن تعهَّدت بتغيير قوانين الأسلحة النيوزيلندية في أعقاب المذبحة، لكن بالنسبة لمحيي الدين فقد فات الأوان.
وقال: "هذا لا يعيد إلينا أحبابنا. أدرك أنني فقدت شخصاً أهتم به، وهناك صديقان آخران لي لا أعرف كم من الشهور سيظلان طريحي الفراش لحين شفائهما. هذا لن يكون مجدياً لأصدقائي المرضى، ولن يعيد حياة زميلي. لقد كنا معاً من قبل كل يوم".
ولدى سؤاله عن كيفية توحّد الجالية المسلمة بشأن هذا الحادث، أجاب: "الجميع في حالة صدمة لأننا لم نعتقد قط أن هذا سيحدث".
"هذه ليست نيوزيلندا"
وقال مظهر الدين سيد أحمد، إن المسلح عندما بدأ بإطلاق النار على المصلين في مسجد لينوود، أمسك به رجل من الخلف وأوقفه.
وقال: "جاء شخص وسحبه من الخلف وتغلَّب عليه".
وقال مظهر الدين إن البنادق سقطت على الأرض وتركها المسلح وهرب.
وأضاف: "حاول الرجل التقاط البنادق وإطلاق النار على المسلح بينما يهرب، لكنه لم يستطع تشغيلها".
اغرورقت عين مظهر الدين بالدموع وهو يغالب نفسه لوصف المشاهد الرهيبة لإطلاق النار.
وقال: "عندما ترى رؤوس الناس تنفجر، وتمشي في بركة من الدماء، وتحمل الأشخاص الذين ينزفون.. هذه ليست نيوزيلندا".
وقال: "أنا فخور بأن هذا البلد هو واحد من أكثر الأماكن أماناً على وجه الأرض، ويستوعب جميع الفئات، ومتفاهم للغاية. لقد حصلنا على دعمٍ هائل من الجميع من حولنا. هذه مجرد حادثة نادرة، هذا رأيي. كان هذا الاحتمال يمثل واحداً في المليار".
"فكِّرت أني سأموت"
كان هناك رجلٌ من أوكلاند يُدعى شيخ أشاد علي، 67 عاماً، في مسجد لينوود أثناء زيارته لابنه، عزام علي، البالغ من العمر 43 عاماً، والذي كان يرتدي حذاء برقبة طراز Moon بعد عملية جراحية في القدم.
جلس الرجلان على المقاعد في الجزء الخلفي من المسجد، وكان الأب أقرب إلى باب المسجد الأمامي على يمينه.
قال شيخ علي إنه سمع صوت إطلاق نار من خلال نافذة على الجانب الأيمن من المبنى.
وقال إن الرصاصة أصابت رجلاً جالساً بالقرب من واجهة المسجد في جانب الرأس.
ثم رأى مطلق النار في المدخل.
وقال: "عندما رأيت ذلك الرجل لم أستطع فعل أي شيء، انزلقت فقط لأني كنت أرتدي ملابس إسلامية".
وبيّن شيخ علي، أن رجلاً في المسجد جاء من الباب الخلفي، حول الجزء الخارجي للمبنى، وواجه المسلح عند الباب الأمامي.
وكان إمام المسجد، القادم للزيارة من فيجي، يجلس أمام علي وأصيب في الرقبة.
استلقى على الأرض في ثوبه الرمادي الطويل، مغطى بالدماء، حتى توقف إطلاق النار.
وأضاف: "كان الناس يصرخون، وفجأة تذكرت أنني لا أعرف مكان ابني".
اصطحبت الشرطة شيخ علي إلى مصنع ألبان عبر الطريق للانتظار. مرت ثلاث ساعات قبل لمِّ شمله هو وابنه في نقطة تفتيش تابعة للشرطة.
قال علي إنه كان في مرمى خطِّ النار، لكنَّه تمكَّن من الهرب قبل أن تأتي الرصاصات.
وقال: "اعتقدت أنني سأموت، ولكن بنعمة الله أنا آمن".
تأخَّرت رحلة زوجته، جمال علي، إلى كرايستشيرش نتيجة إطلاق النار. وما زال هو وعزام ينتظران إخراج متعلقاتهما من المسجد، أخبرتهما الشرطة أن هذا الأمر لن يكون السبت 16 مارس/آذار 2019.
وقال إنه لم يتوقع قط حدوث مثل هذا الهجوم في نيوزيلندا. وإن كل دولة تحتاج إلى حظر الأسلحة لتكون آمنة.