هل سمعت من قبل عن هرمون يُدعى "هرمون الحب"؟ هذه ليست خرافة، فقد كشفت دراسة حديثة أن هرمون أوكسيتوسين يلعب دوراً هاماً في استمرار العلاقة الزوجية، لأنه يساعد على تعزيز الروابط بين الزوجين.
ما هو الأوكسيتوسين؟
الأوكسيتوسين، وهي كلمة مشتقة من اللاتينية "ὀξύς oxys"، ويشار إليه أحياناً باسم "هرمون الحب" هو ناقل عصبي وهرمون ينتج تحت المهاد، وهي حلقة الوصل بين الجهاز العصبي الذاتي والجهاز الإفرازي.
من هناك، يتم نقله إلى الغدة النخامية لتفرزه في قاعدة الدماغ.
الأوكسيتوسين يشارك في الولادة والرضاعة الطبيعية، كما أنه يرتبط بالتعاطف والثقة والنشاط الجنسي وبناء العلاقات.
ترتفع مستويات الأوكسيتوسين خلال المعانقة والنشوة الجنسية، وقد تكون له فوائد كعلاج لعدد من الحالات، بما في ذلك الاكتئاب والقلق ومشاكل في الأمعاء.
كما أنه يلعب دوراً في الوظائف التناسلية الأنثوية، من النشاط الجنسي إلى الولادة والرضاعة الطبيعية.
وفي العام 2012، ذكر الباحثون أن الأشخاص في المراحل الأولى من التعلق الرومانسي لديهم مستويات أعلى من الأوكسيتوسين، مقارنة بالأشخاص غير المرتبطين.
وهذه المستويات استمرت لمدة 6 أشهر على الأقل، بحسب ما ذكرت Medical News Today.
وظائف الأوكسيتوسين
أكد العلماء أن النشاط الجنسي يحفز إطلاق سراح الأوكسيتوسين، ويبدو أن له دوراً في الانتصاب والنشوة الجنسية.
السبب وراء ذلك ليس مفهوما تماماً، ولكن لدى النساء قد يكون السبب في زيادة حركة الرحم هدفه مساعدة الحيوانات المنوية على الوصول إلى وجهتها.
ويقترح البعض وجود علاقة بين تركيز الأوكسيتوسين وشدة النشوة الجنسية.
أثناء العمل يزيد الأوكسيتوسين من حركية الرحم، مما يؤدي إلى تقلصات في عضلات الرحم.
وعندما يبدأ عنق الرحم والمهبل بالتوسع في المخاض، يتم تحرير الأوكسيتوسين ويزداد هذا الاتساع مع حدوث المزيد من الانقباضات.
يحتوي الأوكسيتوسين أيضاً على وظائف اجتماعية، فإنه يؤثر على سلوك الترابط، وخلق ذكريات المجموعة، والاعتراف الاجتماعي، والوظائف الاجتماعية الأخرى.
استخدامات الأوكسيتوسين الطبية
يستخدم الأوكسيتوسين كعقار الوصفات الطبية تحت اسم العلامة التجارية Pitocin.
تحت إشراف طبي، تستخدم حقن الأوكسيتوسين في بعض الأحيان لبدء انقباضات الولادة أو تقويتها أثناء المخاض، ويساعد على تقليل النزيف بعد الولادة.
وتشمل الآثار الجانبية سرعة ضربات القلب ونزيف غير عادي.
إذا تم حقن كمية كبيرة من الأوكسيتوسين بسرعة كبيرة، فقد يؤدي إلى تمزق في الرحم.
ويمكن أيضاً إعطاء الأوكسيتوسين للسيطرة على النزيف بعد الولادة أو الإجهاض.
ولماذا إذاً يُسمى بـ "هرمون الحب"؟
العلاقات الرومانسية لها تأثير عميق على حياة الكبار. وارتبطت الروابط الحميمية السعيدة والمستقرة بالصحة الجسدية والنفسية.
أما ما يتعلق بعدم القدرة على إقامة علاقات وثيقة، أو الحفاظ عليها، فهو مرتبط بالضائقة البدنية والعاطفية.
ومع ذلك، فإن عمليات الغدد الصماء العصبية، التي تدعم تكوين التعلق الإنساني الرومانسي وعلاقاتها مع ذوق الزوجين السلوكي، لم تلق سوى القليل من الاهتمام التجريبي.
في هذا السياق نقل موقع Science Daily عن بروفيسور علم النفس ريتشارد ماتسون قوله: "أظهرت الدراسات أن التوائم المتماثلة وراثياً، والذين يتم تربيتهم بشكل منفصل، يتبعون نفس الخطوات في تقييم اختياراتهم لشركاء الحياة، ما يشير إلى بعض المساهمة الجينية الدائمة في الحياة الزوجية".
بهذا أجاب ماتسون حول ما إذا كان هناك فعلياً أي أساس علمي لاختبارات التشابه والتوافق في العلاقات بين الأزواج وفقاً لجينات محددة.
جين OXTR منظم إفراز الهرمون
وأضاف ماتسون "أنه وبصفته باحثاً وعالماً نفسياً سريرياً، فإن لديه اهتماماً طويل الأمد بتحديد العوامل التي تساهم في تحقيق الزواج السعيد؛ ومنها كيفية إدارة الأزواج للخلافات، وأنه بات يولي اهتماماً متزايداً في الآونة الأخيرة لاستكشاف المحددات الجينية".
ورغم أن الجينات تكمن وراء الاختلافات الفردية في مجموعة واسعة من الخصائص التي يعتقد أنها ذات صلة بالزواج، أشار ماتسون إلى أنه مهتم على وجه التحديد بالجين OXTR.
هذا الجين هو المستقبل لهرمون أوكسيتوسين، الذي يشار إليه باسم هرمون الحب.
وذكر بروفيسور ماتسون، أنه يقوم بدراسة الجين OXTR، الذي ينظم إفرازات هرمون الأوكسيتوسين، في سياق كيفية قياسه لتحديد الزيجات الناجحة، والارتباط العاطفي بالمحيطين بكل فرد.
ويستطرد بروفيسور ماتسون شارحاً أن جين OXTR يرتبط أيضاً بمجموعة من الظواهر المرتبطة بالسلوك الاجتماعي للإنسان، مثل الشعور بالثقة والمساواة الاجتماعية.
ويضيف أنه لاختبار هذه الفرضية جمع فريقاً متعدد التخصصات من العلماء، بما في ذلك علماء النفس، مع خبرة إضافية في مجال البحث في العلاقات الزوجية، وعلم الوراثة وأخصائي الغدد الصماء المتخصص في هرمون الأوكسيتوسين.
قد تفيد الزواج وقد تضره
درس الفريق البحثي 79 زوجاً من مختلف الجنسيات. وبعد عدد من التجارب والتحاليل، أظهرت نتائج الفحوص أن هناك ارتباطاً بين الدعم الاجتماعي عالي الجودة وبين تحقيق السعادة الزوجية في العلاقات التي يسودها التعاطف والتفاهم والود.
كما أشارت النتائج إلى أن هناك صلةً بين هذا النمط الوراثي نفسه وبين حالات العجز الاجتماعي المعرفي، وكذلك التوحد.
لكن لا ينصح بروفيسور ماتسون باستخدام نتائج الدراسة في الوقت الحالي كمؤشر على إمكانية اختبار وفحص المقبلين على الزواج لمجموعات محددة من الجينات التي تبدو ضارة بالزواج.
ويفسر بروفيسور ماتسون نصيحته قائلاً: "إن الجينات يمكن أن تؤثر على مجموعة واسعة من الخصائص، التي ربما تكون ضارة للزواج في بعض النواحي، ولكنها مفيدة في حالات أخرى".
ويشير إلى أن الآلية الدقيقة غير واضحة، لكن من المتوقع أن تكون مفيدة على الأقل في تقليل أو تعتيم مساحة تبادل المشاعر العدائية أثناء حدوث خلافات أو جدل بين الأزواج.
ويلفت بروفيسور ماتسون إلى أن هذه الدراسة قد توجه الأبحاث المستقبلية نحو كيفية تقديم الدعم الاجتماعي بطرق يمكن أن تفيد هؤلاء الأفراد.