قال موقع Middle East Eye البريطاني إن المملكة العربية السعودية أفرجت عن مئات من مسلمي الروهينغا عديمي الجنسية المحتجزين في المملكة منذ سنوات بعدما اعتُقِلوا في حملات شنَّتها سلطات الهجرة السعودية ضد العمال غير المُسجَّلين.
وأظهر مقطع نشره الموقع البريطاني عشرات المحتجزين من الروهينغا يوم الأحد 10 مارس/آذار وهم يحملون متعلقاتهم في أكياس بلاستيكية، ويخرجون من مركز الشميسي للاحتجاز في جدة الذي يضم آلاف العمال غير المسجلين.
#Rohingya released by #SaudiArabia from #Shomaisi detention camp. @are_eb @nslwin @shafiur @JamilaHanan @dancewithwovels @ABellBshara
Gepostet von Mir Ahmed Siddiquee am Sonntag, 10. März 2019
بينما قال الشخص الذي كان يُصوِّر المقطع: "انظر انظر، لقد خرجوا كلهم الحمد لله".
أكبر تجمع للروهينغا في السعودية
يذكر أنَّ السعودية لديها أحد أكبر التجمُّعات في العالم من أقلية الروهينغا المضطهدة.
ففي عهد الملك فيصل في سبعينيات القرن العشرين، مُنِح بعض الروهينغا الفارين من العنف الطائفي داخل ميانمار حق اللجوء في السعودية، مع توارث إقامتهم في البلاد عبر الأجيال.
بينما دخل آخرون السعودية بجوازات سفر حصلوا عليها عن طريق وثائق مزورة بعد عام 2011، هرباً من أعمال الشغب في ميانمار وتطلُّعاً إلى كسب عيشهم.
لكن في السنوات الأخيرة، اعتُقل مئات الروهينغا في حملاتٍ ضد العمال غير المسُجَّلين الوافدين من جميع أنحاء العالم. وبينما جرى ترحيل العديد من العمال المحتجزين في غضون أيام، قرر السعوديون احتجاز بعض الروهينغا فتراتٍ طويلة، رافضين إعادتهم إلى ميانمار حيث قد يتعرضَّون لاضطهاد.
وكان موقع Middle East Eye نشر تقريراً سابقاً نقل فيه على لسان بعض محتجزي الروهينغا في مركز الشميسي قولهم إنَّ الاعتقال المطول أسفر عن إصابة الكثيرين بأمراض عقلية ووفاة آخرين. وفي الشهر الماضي فبراير/شباط، ضربت السعودية بتحذيرات الأمم المتحدة عرض الحائط ورحَّلت العشرات من الروهينغا المحتجزين في الشميسي إلى بنغلاديش بدلاً من منحهم اللجوء.
أما الذين أُفرِجَ عنهم في الأسبوع الماضي، فقد ولدوا في المملكة العربية السعودية أو وصلوا قبل عام 2011، وسيتمكنون من الإقامة في المملكة.
ولم يستطع موقع Middle East Eye التحقَّق بنفسه من عدد معتقلي الروهينغا الذين أفرجت عنهم السلطات السعودية، ولم يتلق أي ردٍّ من سفارة المملكة العربية السعودية في بريطانيا.
"سعيدٌ من أجل إخوته"
وفي الوقت نفسه، ما زال بعض المعتقلين مثل حسين، وهو أحد الروهينغا الذين جاؤوا إلى المملكة العربية السعودية بعد عام 2011 وقال إنه "سعيد من أجل إخوته" الذين أطلق سراحهم، محتجزين.
يُذكَر أنَّ الحكومة العسكرية في ميانمار، التي تولت السلطة بعد انقلابٍ في عام 1962، جرَّدت الروهينغا من جنسيتهم في عام 1982. وأجبر هذا الإجراء الآلاف من الروهينغا على الحصول على جوازات سفر باستخدام وثائق مزورة.
وهرب كثيرون مثل حسين من الاضطهاد في ميانمار وذهبوا إلى السعودية بجوازات سفر حصلوا عليها باستخدام وثائق مزورة. وبعد عام 2011، بدأت المملكة العربية السعودية في جمع بصمات الزوار الذين يدخلون البلاد.
لذا سُجِّل الروهينغا الذين دخلوا بجوازات سفر مزورة، عن طريق بصمات أصابعهم، على أنَّهم وافدون من بلدان مثل الهند وباكستان ونيبال لم يأتوا منها في الحقيقة، وبلدان رفضت استقبالهم لأنهم روهينغا، بحسب الموقع البريطاني.
وقال حسين لموقع Middle East Eye عبر الهاتف: "أولئك الذين سُجِّلت بصماتهم منَّا على جوازات سفر بنغلادشية أو نيبالية أو هندية ما زالوا داخل مركز احتجاز الشميسي".
وأضاف: "لكن الأشخاص الذين ينتمون إلى البرماوية (وهو مجتمع الروهينغا داخل المملكة العربية السعودية)، والذين ولدوا ونشأوا هنا قد أُفرِج عنهم".
بينما قال محتجزٌ آخر، رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية، إنَّ المحتجزين أطلق سراحهم على مرِّ أسبوع تقريباً في عملية جعلت أمثاله من الروهينغا متوترين.
وماذا عن الآخرين؟
وقال المحتجز، المسجون في جناحٍ منفصل عن حسين، لموقع Middle East Eye عبر الهاتف: "منذ يوم الأربعاء الماضي، بدأ إطلاق سراح بعض الروهينغا تدريجياً".
وأضاف: "هذا الوضع جعلنا متوترين للغاية لأننا ليست لدينا أي طريقة لمعرفة ما إذا كانت المملكة العربية السعودية ستطلق سراحنا في المرة القادمة".
وأكَّد ناي سان لوين، وهو ناشط روهينغي مُقيم في أوروبا، لموقع Middle East Eye أنَّ المملكة العربية السعودية لم تفرج إلَّا عن المعتقلين الذين ولدوا في المملكة أو أتوا إلى البلاد قبل عام 2011.
وقال: "أُطلِق سراح هؤلاء الروهينغا لأنَّ السلطات السعودية لم تستطع مطابقة بصماتهم مع أي جواز سفر من الجوازات الموجودة على نظامهم".
وأضاف: "لكنَّ المحتجزين، المسجلين على جوازات سفر حصلوا عليها باستخدام وثائق مزورة عند نقاط دخول مختلفة إلى السعودية، ما زالوا في مركز الاحتجاز وأُبلِغوا بأنَّهم لن يُفرَج عنهم".
ودعا لوين الحكومة السعودية إلى إطلاق سراح بعض الروهينغا "المحتجزين في مركز الاحتجاز منذ مدةٍ تتراوح بين خمس وست سنوات".
وقال: "المملكة العربية السعودية دولةٌ إنسانية، ويمكن أن تثبت ذلك بإطلاق سراح هؤلاء الرجال".
وأضاف: "اضطر هؤلاء الرجال إلى تحمُّل التعذيب النفسي عند سماعهم عن معاناة أحبائهم في ميانمار الذين نجوا من الإبادة الجماعية ويعيشون الآن في المخيمات في بنغلاديش".