تعيين الأميرة ريما بنت سلطان سفيرة في واشنطن، ليس فقط مجرد محاولة من المملكة لجذب التعاطف الغربي بتعيين وجه نسائي في هذا المنصب الحساس، ولكن الواقع أنها ليست امرأة عادية، وتعيينها في هذا الوقت من شأنه استعادة جزء من النفوذ السعودي بالعاصمة الأمريكية.
وبهذا القرار، أصبحت الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان أول سفيرة سعودية على الإطلاق.
واللافت أنه لم يسبق لها الانخراط في العمل الدبلوماسي، لكنّها عملت في المجال الاستثماري، كما قادت عدة مبادرات اجتماعية.
إنها امرأة ناجحة جداً.. فلديها قائمة طويلة من الشركات والمناصب
وتعتبر الأميرة من رائدات الأعمال في المملكة، فهي المالكة والمؤسسة لشركة "ريمية" لبيع المجوهرات والمنتجات الجلدية ومستحضرات التجميل والعطور.
والشركة هي الوكيل التجاري لمتاجر هارفي نيكل.
كما تولت الأميرة منصب المدير العالم لفرع شركة ألفا إنترناشونال في الرياض، وهي الشركة المالكة لمجموعة متاجر هرفي نيكولز.
كذلك شغلت منصب الرئيس التنفيذي لشركة الهامة المحدودة، الوكيل الخليجي لواحدة من العلامات التجارية العالمية للمنتجات الجلدية.
نعم، تعيينها خطوة لتخفيف ضغوط الكونغرس على ولي العهد السعودي
ويُعرف عن الأميرة موقفها الداعم لقضايا المرأة، إذ عبرت صراحة عن رفضها لولاية الرجل.
وأعلنت تأييدها لقضايا مثل: حضور النساء للمباريات الرياضية، وقيادة المرأة للسيارة.
وفي هذا السياق، يقول عضو النيابة العامة السعودية السابق، المستشار محمد القحطاني، لـ "عربي بوست"، إن تعيينها يأتي باعتباره خطوة لتعزيز موقف المرأة السعودية ومحاولة من ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، لتخفيف ضغوط الكونغرس الأمريكي عليه، خاصة فيما يتعلق بقضايا المرأة وحقوقها، وضرورة إعطائها مساحة أكبر ودوراً أوسع في الداخل السعودي.
والله إيدي على قلبي منذ تعيين سفيرة سيدة للمملكة #السعودية في واشنطن الاميرة ريما بنت بندر، ليس لأني ضد النساء بالطبع. فالأميرة القوية الجميلة المتعلمة، لن تُخفي عن الكون حقيقة أن ناشطات #حقوق_المرأة تعانين في سجون بلادها من أنواع من التعذيب. pic.twitter.com/tN61fat4JS
— حنا ظريفه (@HanaZarifa) March 1, 2019
ويشير القحطاني إلى أن الأمر يدخل كذلك من باب التسويق لشخصية بن سلمان داخل الأوساط الأمريكية، ومحاولة تلميعه بعد الزوبعة الكبيرة التي لحقت به من قِبل وسائل الإعلام، على خلفية جريمة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
الجدير بالذكر أن الأميرة ريما أُعلِن تسلّمها منصباً رياضياً جديداً، حيث أصدر الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة ورئيس اللجنة الأولمبية العربية السعودية، قراراً يقضي بإنشاء الاتحاد السعودي للأولمبياد الخاص، وتعيين الأميرة ريما رئيسة له، حيث يأتي هذا القرار بالتزامن مع إعلان مشاركة السعودية في دورة الألعاب العالمية للأولمبياد الخاص 2019، المقررة إقامتها في أبوظبي خلال مارس/آذار 2019.
كما أنه مكافاة وترضية لوالدها الأمير بندر بن سلطان
مصادر خاصة تحدثت لـ "عربي بوست" عن هذا الموضوع، مؤكدةً أنّ الأمر يعد مكافأة وترضية سياسية لوالدها الأمير بندر بن سلطان، وذلك لجهوده السياسية الكبيرة في إدارة الملف القطري، والتصعيد ضد الدوحة.
وتؤكد المصادر نفسها التي رفضت الكشف عن اسمها، أن الأمير تركي الفيصل، خال الأميرة ريما، أوصى واقترح بتعيينها، وذلك من باب إعادة الدور السياسي الغائب لوالدها الأمير بندر بن سلطان، لكونه سياسياً محنكاً لديه خبرة سياسية في كثير من الملفات بالمنطقة.
إضافة إلى ذلك، فهي ابنة أبيها وتستطيع استكمال طريقه
هذه المصادر أكدت لـ "عربي بوست"، أن تعيين ريما سفيرة للسعودية في واشنطن، ما هو إلا خطوة لإعادة تدوير وصناعة شخصية بندر بن سلطان من جديد وبطريقة غير مباشرة، لكونه يتمتع بعلاقات واسعة وقوية في الداخل الأمريكي، إضافة إلى النفوذ الذي يتمتع به على مستوى الجمهوريين.
إذ إن الرجل عُرف عنه تكوينه للوبي السعودي في الولايات المتحدة، الذي وُصف حينها بأنه أقوى لوبي في أمريكا وذو تأثير كبير على البيت الأبيض.
وهو الأمر الذي سيساعد الأميرة ريما كثيراً في استعادة التواصل والعلاقات مع المسؤولين الأمريكيين، وإيجاد نفوذ كبير لها بالداخل الأمريكي، لكون والدها بندر قد قضى 22 سنة في السلك الدبلوماسي سفيراً للسعودية في واشنطن، منذ 1983 وحتى 2005.
إذ إنها شخصية اجتماعية من الطراز الأول
ونظراً إلى أن شخصية الأميرة ريما تعد شخصية اجتماعية من الطراز الأول، لكونها شاركت في تأسيس وإدارة كثير من الشركات، فهي عضوة المجلس الاستشاري لشركة أوبر العالمية منذ عام 2016، وعضو المجلس الاستشاري لمؤتمرات "تيد إكس"، ومؤسِّسة نادٍ صحي للسيدات في الرياض.
وفي عام 2013، أسست الأميرة ريما شركة "ألف خير" الاجتماعية، بهدف التمكين الاجتماعي ودعم الأفراد للإسهام بشكل أكبر في المجتمع.
وتقوم هذه الشركة على تبني كثير من المبادرات المجتمعية، من بينها مبادرة "ألف حوار" عام 2017، التي استهدفت رواد الأعمال الشباب ومصممي التطبيقات.
كما لدى الأميرة الأميرة إلمام بالقضايا المتعلقة بالوعي الصحي بشكل عام، حيث أسست جمعية "زهرة الخير" للتوعية بسرطان الثدي، التي أطلقت حملة "رحلة نساء إلى جبل إيفرست" في عام 2012، للتوعية بالمرض.
وفي الوقت ذاته تدير حسابات وأموال والدها.. مليارات الدولارات الخفية
الأميرة ريما شخصية اقتصادية مهمة أيضاً.
إذ يقول رجل الأعمال الكندي آلان بندر، لـ "عربي بوست"، إن الأميرة تدير حسابات وأموال والدها بطريقة خفية والتي تصل إلى 4 مليارات دولار.
وأضاف أنها تعد الواجهة التجارية والاقتصادية لوالدها، وفتحت حسابات متعددة في البنوك المعروفة ببنوك "أوف شور"، التي تنشط في جزر كايمن والبهاما، الواقعة في البحر الكاريبي، والتي توفر ملاذاً آمناً لأصحاب المليارات الذين لا يريدون أن يسألهم أحد عن أموالهم.
كل هذا يؤكد أن الأمير ريما ليست امرأة سعودية عادية، بل ورثت دهاء وملفات أبيها، مع وجه نسائي يقدم رسالة ترضية للغرب الناقم على حليفه، الأمير محمد بن سلمان، منذ اغتيال جمال خاشقجي.