كشفت صحيفة The Jerusalem Post الإسرائيلية أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ابلغ وفداً أمريكياً بأنَّ اليهود إن كانوا راغبين بتأسيس طائفة يهودية في مصر، ستبني لهم الحكومة المصرية كُنُساً يهودية ومؤسسات دينية أخرى.
وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، فإن اللقاء الذي استمر ساعتين الأسبوع الماضي في القاهرة جمع بين السيسي والوفد الذي تألَّف من أعضاء اللجنة الأمريكية التي دعمت منح الرئيس المصري الراحل أنور السادات ميدالية الكونغرس الذهبية بعد وفاته.
وسافر أعضاء اللجنة إلى مصر لدعوة السيسي للاحتفالية التي ستشهد منح زوجة السادات، جيهان السادات، الميدالية في الخريف المقبل.
وكان يترأس الوفد مؤسس اللجنة عزرا فريدلاندر، وهو يهودي أرثوذوكسي متشدد وعضو بإحدى جماعات الضغط من نيويورك تزعَّم جهود منح الجائزة للسادات. وتطلَّب هذا الأمر تمرير مشروع قانون احتاج للحصول على موافقة ثلثي أعضاء الكونغرس ووقَّعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
السيسي يعد اليهود بالدعم الكامل
وقال فريدلاند: "تحدث الرئيس السيسي باعتزاز ليس فقط عن الطائفة اليهودية النابضة بالحياة التي كانت موجودة بمصر سابقاً، بل قال أيضاً إنَّه في حال عودة الطائفة اليهودية إلى مصر، ستُقدِّم الحكومة كل الضرورات الدينية المطلوبة… كان هذا قبولاً حاراً للغاية". وأضاف: "قال (السيسي) بشكل أساسي إنَّ الحكومة ستبني كُنُساً يهودية وغيرها من الخدمات الأخرى ذات الصلة في حال ظهرت الطائفة اليهودية مجدداً (في مصر)".
جاءت تصريحات السيسي بعد أسابيع قليلة من اعتراف دولة الإمارات العربية المتحدة رسمياً بالطائفة اليهودية الصغيرة الموجودة لديها، في خطوة نُظِر إليها باعتبارها محاولة لتقديم الإمارات نفسها للغرب باعتبارها دولة متسامحة تجاه الديانات الأخرى. وفي حين لم يكن هناك تاريخياً أي طائفة يهودية في الإمارات –على الرغم من وجود كنيسٍ صغير الآن في دبي- تعود الطائفة اليهودية في مصر إلى العصور القديمة. فقبل تأسيس إسرائيل عام 1948، كان يعيش ما يُقدَّر بـ75 ألف يهودي في البلاد. لكنَّهم طُرِدوا في الخمسينيات، ويُعتَقَد أنَّ حفنة فقط من اليهود يعيشون بمصر الآن، بحسب الصحيفة الإسرائيلية.
ترميم التراث اليهودي
وقال مؤسس اللجنة إنَّ السيسي وعد كذلك بإجراء عملية تنظيف وتنظيم لمقابر البساتين القديمة في القاهرة، وهي مقبرة يعود تاريخها إلى القرن التاسع ويُعتَقَد أنَّها ثاني أقدم مقبرة يهودية في العالم. وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلن السيسي أيضاً مشروعاً بعدة ملايين من الدولارات لترميم مواقع التراث اليهودي في مصر.
وقال فريدلاندر إنَّ هدف اللجنة التي ضغطت لمنح الميدالية للسادات هو "تذكير العالم بأنَّ رجال الدولة العظماء موجودون فعلاً".
وأضاف أنَّ اللقاء مع السيسي كان يهدف "للتأكيد على الأهمية الكبرى التي نوليها نحن أعضاء الطائفة اليهودية الأمريكية لتعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر. إنَّ الرئيس السيسي أحد الزعماء في العالم العربي الذين يتفهَّمون أهمية الاعتدال وحتواء الجميع، وربما يكون الغراء الذي يحافظ على استقرار الشرق الأوسط".
وقال فريدلاندر إنَّ اهتمامه الشخصي بالسادات ينبع من مشاهدته الرئيس المصري وهو يهبط في إسرائيل عام 1977.
وأضاف: "أتذكر ذهابي إلى جيراني لمشاهدته. لقد حُفِرَت هذه الصورة الأيقونية في ذاكرتي". ويردف فريدلاندر قائلاً: "الآن، أعتقد بشدة أنَّ دور اليهود الأمريكيين هو التحالف علانيةً مع الرئيس السيسي".
وقال فريدلاندر إنَّه لا هو ولا أي عضو ضمن الوفد المرافق له أثاروا المخاوف بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر مع السيسي.
"السيسي يقدم خدمة للعالم"
وأوضح: "في هذه المنطقة من العالم، يُسيء الناس استخدام مصطلح (حقوق الإنسان)، ويستخدمونه كوسيلة لإطاحة حكومة واستبدالها بأخرى دون أي مظهر من مظاهر حقوق الإنسان"، مشيراً إلى ثورة 1979 في إيران التي أدت إلى سقوط الشاه وبدء الثورة الإسلامية تحت قيادة آيه الله روح الله الخميني، بحسب الصحيفة الإسرائيلية.
وأضاف: "لا أحد سيقنعني بأنَّ أولئك الذين ينادون بحقوق الإنسان في مصر يُقدِّمون للعالم خدمة. أعتقد أنَّ السيسي يجب أن يُحتَضَن في الغرب، ومن جانب الإدارة (الأمريكية)، وكل أعضاء الكونغرس باعتباره حليفاً استراتيجياً للولايات المتحدة".
ونقل عن السيسي قوله إنَّه إن لم يحصل على دعم الولايات المتحدة، قد يستعيد الإخوان المسلمون السلطة في البلاد. وقال فريدلاندر إنَّ السيسي "يتطلَّع بوضوح للحصول على الدعم في الولايات المتحدة، وأعتقد أنَّه من واجبنا الأخلاقي دعمه إلى أقصى حد ممكن".
وكان من بين أعضاء الوفد الآخرين الذين التقوا السيسي رجل الأعمال المصري في مجال الصناعة شفيق جبر؛ والمدير التنفيذي لشركة Delta Galil Industries إسحاق دهب، وهي الشركة التي تُشغِّل 4 مصانع في مصر؛ وكذلك تسيلي تشارني، أرملة ليون تشارني، الذي كان مستشاراً لبعض المُفاوِضين أثناء مباحثات كامب ديفيد التي قادت إلى معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية.