محادثات سرية بين الرياض ومقربين من ترامب من أجل بيع التقنية النووية للمملكة

عربي بوست
تم النشر: 2019/02/25 الساعة 10:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/03/30 الساعة 17:49 بتوقيت غرينتش
الرئيس الأميركي وولي العهد السعودي/ رويترز

كشف تحقيقٍ أجراه الكونغرس الأمريكي عن تفاصيل محادثات سرية بين مسؤولين مقربين من الرئيس دونالد ترامب وبين مسؤولين سعوديين بشأن بيع تقنية نووية أمريكية للرياض، فيما حذرت جهات أمنية في واشنطن من هذه الخطوة.

وقالت صحيفة The Guardian البريطانية إنه وفقاً للتحقيق فإن جنرالات متقاعدين وأفراداً من أسرة ترامب وأشخاصاً مقربين منه في مجال الأعمال يحاولون تنفيذ خطة تقدر بمليارات الدولارات لعقد اتفاق نووي مع الرياض.

وتذكر التقارير أنّ المحادثات لا تزال مستمرة، رُغم زيادة تدقيق الرأي العام في العلاقات مع السعودية، والنصيحة القانونية بأنّ نقل التقنية إلى السعودية دون شروط مقيِّدة يمكن أن يمثل خرقاً للقانون الأمريكي، وأن يخالف المحاذير الدولية لمحاربة الانتشار النووي، وأن يؤجج سباق تسلحٍ نووي.

واستندت النتائج المؤقتة للتحقيق، والتي نشرها الديمقراطيون الأسبوع الماضي بعد تمكنهم من لجنة الإشراف في مجلس النواب، جزئياً على شهادة "العديد" ممن كشفوا عن الأمر، على حد قول كاتبي التقرير.

الوسطاء

وبحسب الصحيفة الأمريكية، يركِّز كاتبو التقرير بالتحديد على شخصيتين بارزتين، هما جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي ومبعوثه للشرق الأوسط، والجنرال مايكل فلين، مستشاره السابق للأمن القومي. وقد ظهرت الشخصيتان بشكل واضح في التحقيق الذي يجريه روبرت مولر وأوشك على الانتهاء منه في ما يخص تعاملات حملة ترامب مع روسيا. وقالت اللجنة إنَّها يمكن أن تتوسع في تحقيقها بشكل عاجل "لتحديد ما إذا كانت التصرفات التي قامت بها إدارة ترامب تصب في صالح الأمن القومي للولايات المتحدة، أم أنّها تصب في صالح الأشخاص الذين من المقرر أن يُحققوا ربحاً مالياً من ورائها".

وأصبح التحقيق "مهماً على نحو خاص لأن الإدارة على ما يبدو مستمرة في جهودها لنقل تقنية نووية حساسة للسعودية". واستشهد التقرير للاستدلال على وجهة نظره باجتماعٍ عقده البيت الأبيض في 12 فبراير/شباط العام الماضي 2018 بين ترامب و"مطوري الطاقة النووية" حول مشاركة التقنية مع السعوديين ودولٍ إقليمية أخرى. وحذرت اللجنة من زيارات كوشنر المقررة الأسبوع الحالي لعواصم في الشرق الأوسط، من ضمنها الرياض، والتي تهدف في ظاهرها إلى مناقشة التنمية الاقتصادية والسلام في الشرق الأوسط، بحسب الصحيفة البريطانية.

وقال التقرير: "الخبراء قلقون من أنَّ نقل تقنية نووية أمريكية حساسة يمكن أن يسمح للسعودية بإنتاج أسلحة نووية تسهم في انتشار الأسلحة النووية في منطقة الشرق الأوسط، التي تتسم بعدم الاستقرار بالفعل". ويستشهد التقرير بإعلان محمد بن سلمان عام 2018 أنه "دون شك، لو طورت إيران قنبلة نووية، فإننا سنفعل ذلك أيضاً في أقرب وقت ممكن".

ورغم ما تملكه السعودية من احتياطات نفطية ضخمة (واحتياطات من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح)، فإنّ السعوديين يقولون إنهم يحتاجون طاقة نووية. ويستند المدافعون عن بيع التقنية النووية الأمريكية إلى حجة مفادها أنه إذا أحجمت الولايات المتحدة عن بيع التقنية، فإن الصين أو روسيا ستبيعها. غير أن وضع محاذير فعالة أمرٌ ضروري. إذ انتهت محاولة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بالتفاوض لعقد صفقة تعاون نووي بسبب رفض السعودية توقيع تعهد ملزم قانونياً بتجنب تخصيب اليورانيوم ومعالجة البلوتونيوم، أي تجنب الطرق التي تفضي حتماً إلى تطوير القنبلة النووية، بحسب الصحيفة البريطانية.

محاولة تجاوز الكونغرس

ويؤكد قانون الطاقة النووية الأمريكي لعام 1954 على ضرورة الحصول على موافقة الكونغرس قبل تصدير أي تقنية يمكن تطويعها للاستخدام العسكري؛ وهو ما يتفق مع القواعد التي وضعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية. لكن، وفقاً للتقرير، فإنّ المصالح التجارية الخاصة "تُلح بقوة" لتجاوز تلك الضوابط، بالتوافق مع مساعدي ترامب، و"من المقرر أن تجني تلك الكيانات التجارية مليارات الدولارات".

ويقول التقرير إنَّ النقاشات "أُحيطت بالسرية". غير أنّه حدد شركة بعينها، وهي شركة IP3 International، باعتبارها في القلب من مقترح بناء العشرات من وحدات إنتاج الطاقة النووية في السعودية. وقال التقرير إنَّ فلين قد عُين مستشاراً لإحدى الشركات التابعة لشركة IP3، وحشد لعقد الصفقة حين كان مستشاراً في البيض الأبيض. بالإضافة إلى أن جنرالاً متقاعداً آخر، وهو جاك كين، كان شريكاً مؤسساً لشركة IP3. وتشير التقارير إلى أنَّ الجنرال ساعد في تنظيم الاجتماع الذي عُقد في 12 فبراير/شباط مع ترامب. وذكر التقرير: "من بين المحركين الرئيسيين لهذا الجهد توماس باراك، الصديق الشخصي لترامب منذ عقود ورئيس لجنة تنصيبه". ويُعرف عن باراك أنّه من أبرز جامعي التبرعات لترامب، وأن له صلات مكثفة في الخليج. وقال متحدثٌ باسمه الأسبوع الماضي إنه كان يشارك في شؤون المنطقة لتحقيق "توافق أفضل بين أهداف حكام المنطقة في الشرق الأوسط والأهداف الأمريكية".

تداعيات واسعة للتحقيق

وبحسب الصحيفة البريطانية، تعد تداعيات هذا التحقيق الذي لم يكتمل بعد واسعة وغير مبشرة بالخير. إذ إن المخطط النووي يبدو أنه يقدم دليلاً إضافياً على محاولات تحويل فترة رئاسة ترامب إلى فترة لجني الأموال، وعلى وجود تضارب في المصالح وفساد.

وفي حالة مضى اقتراح بيع التقنية قدماً، فإن إيران، التي ألغي ترامب الاتفاق النووي معها العام الماضي، يمكن أن ترفض الاستمرار في سياسة ضبط النفس. ويمكن أن تتبعها في ذلك دولٌ أخرى في الشرق الأوسط، على نحوٍ ربما يؤجج صراع تسلح نووي، كما تقول الصحيفة البريطانية.

ويوجد خطر واضح من أن تقوض الازدواجية الأمريكية المنظومة الدولية لمكافحة الانتشار النووي، التي لحقها الضرر بالفعل بعد إلغاء اتفاقيات الحد من التسلح بين الولايات المتحدة وروسيا.

ويمكن أن تساعد مسألة "إرسال التقنية النووية إلى السعودية" في تفسير تبرئة ترامب لولي العهد السعودي من مقتل الصحفي جمال خاشقجي، وكذلك تجاهله للفظائع التي ترتكبها السعودية في اليمن وغير ذلك من الانتهاكات، إذ أنَّه لديه مصالح مع السعودية.

تحميل المزيد