الأميرة ريما بدلاً للأمير خالد في واشنطن.. هل تنجح مناورة الرياض بامتصاص الغضب الأمريكي؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/02/24 الساعة 16:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/03/30 الساعة 17:50 بتوقيت غرينتش
جاء تعيين الأميرة ريما خلفاً للأمير خالد كسفيرة بواشنطن، في ظل أزمة أضرت بعلاقات المملكة مع حلفاءها الغربيين

في جهود جديدة للتغلب على الغضب الغربي بعيد مقتل الصحفي جمال خاشقجي واستمرار حرب اليمن، استبدلت السعودية السبت، سفيرها بواشنطن الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز -الشقيق الأصغر للأمير محمد بن سلمان- بالأميرة ريما بنت بندر بن سلطان بن عبدالعزيز، لتكون أول سفيرة امرأة للمملكة في الولايات المتحدة تتولى هذا المنصب.

لكن في الوقت نفسه، تمت ترقية الأمير خالد، ليكون نائباً لوزير الدفاع في المملكة، في سياق تركيز جديد للسلطة في فرع واحد من الأسرة الحاكمة، بعد أن تولى محمد بن سلمان معظم مفاتيح السلطة والسياسة في المملكة أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم.

مغادرة الأمير خالد لواشنطن كان أمراً متوقعاً

منذ عام 2015، شغل الأمير محمد منصب وزير الدفاع عندما تدخل في اليمن لمحاربة الحوثيين المتحالفين مع إيران، في حرب سقط فيها عشرات الآلاف من المدنيين ودفعت اليمن إلى حافة المجاعة.

حينها، كان الأمير خالد، الطيار السابق بسلاح الجو، يشغل في ذلك الوقت، منصب سفير السعودية بواشنطن، لكنه لم يمكث طويلاً هناك، بعد أن تعرض لانتقادات شديدة لنفيه أن الصحفي الراحل جمال خاشقجي، الكاتب بصحيفة واشنطن بوست وأحد منتقدي ولي العهد، قد قتل في قنصلية المملكة بإسطنبول، قبل أن تعترف السلطات السعودية في نهاية الأمر بمقتله.

لقد أغضب الأمير خالد المشرعين الأمريكيين بشكل كبير، ففي الوقت الذي أصر فيه على عدم اختفاء خاشقجي داخل القنصلية كانت حاشية شقيقه، الأمير السعودي محمد بن سلمان، قد قامت باغتيال خاشقجي وتقطيع أوصاله داخل القنصلية.

وقد ذكرت صحيفة واشنطن بوست نقلاً عن مصادر لم تسمها في نوفمبر/تشرين الثاني، أن وكالة الاستخبارات الأمريكية راجعت مكالمة هاتفية أجراها الأمير خالد مع خاشقجي، والتي زُعم فيها أن خالد أخبر خاشقجي أنه سيكون في أمان إذا ذهب إلى القنصلية بإسطنبول لاستخراج الوثائق التي يحتاجها لمعاملة الزواج خاصته.

لكن الأمير الصغير، سرعان ما نفى ادعاءات واشنطن بوست، قائلاً إنه "يطلب من الحكومة الأمريكية أن تكشف أي معلومة لديها بخصوص هذا الادعاء".

إلا أن وسائل إعلام أمريكية قالت إن خالد بن سلمان والمستشار في ديوان ولي العهد سعود القحطاني كانا يقودان الاتصالات بخاشقجي لمدة عام تقريباً بهدف إقناعه بالعودة طوعاً إلى السعودية.

ومنذ تفجر أزمة مقتل خاشقجي وبدء التحقيق فيها، غادر خالد بن سلمان العاصمة الأمريكية ولم يعد حتى منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، فيما أعرب بعض أعضاء مجلس الشيوخ ومسؤولو الادارة الأمريكية عن خيبة أملهم بموقف السفير الذي أكد لهم أن خاشقجي قد غادر مقر القنصلية في إسطنبول وتبين لاحقاً أن ذلك غير صحيح.

فيما قال معارضون سعوديون إن هناك شكوكاً غربية كبيرة تحوم حول دور السفير السعودي بواشنطن في اغتيال خاشقجي، وأنه فور علمه بما حصل لخاشقجي داخل قنصليّة بلاده بإسطنبول، وتأكّده من اغتياله، غادر خالد بن سلمان واشنطن إلى الرياض خوفاً من المساءلة المباشرة من الإدارة الأمريكية والمسؤولين داخل الكونغرس الأمريكي، خاصة أنه وصلت إليه عشرات المكالمات من مسؤولين أمريكيين نافذين خلال الأيام الثلاثة الأولى من الحادثة يطالبونه بتقديم توضيحات حول حقيقة ما حدث للصحفي السعودي جمال خاشقجي.

اليوم، يعود الأمير خالد للرياض كنائب لوزير الدفاع قائلاً أنه سيكون "السيف" في يد شقيقه، في الوقت الذي لا تزال فيه السعودية غارقة في حربها المستمرة منذ سنوات في اليمن، والتي تواجه فيها المملكة انتقادات غربية متزايدة بسبب الضربات الجوية التي تستهدف المدنيين.

في حين، يضغط المشرعون الأمريكيون على نحو متزايد من أجل سحب الدعم الأمريكي للمملكة وحلفائها، في صراعهم الذي يدور ضد الحوثيين الذين يسيطرون على عاصمة أفقر دولة بالعالم العربي.

هل تنجح الرياض بامتصاص حالة الغضب الأمريكي؟

يقول جريج جوز الخبير في شؤون الخليج بجامعة تكساس ايه. آند إم، لرويترز، إن الأمير خالد لم يعد بإمكانه أن يظل سفيراً فاعلاً لفقدانه المصداقية في واشنطن بسبب مقتل خاشقجي.

وأضاف جوز أن "تعيين الأميرة ريما لتحل محله خطوة ممتازة على صعيد العلاقات العامة، فامرأة ستمثل البلد الذي منح لتوه النساء الحق في قيادة السيارات".

إلا أن الصحفية الأمريكية، ومحررة الرأي في صحيفة واشنطن بوست الأميركية كارين عطية قالت إنه كان يجب طرد السفير السعودي السابق في واشنطن، وذلك بعد نشره معلومات خاطئة أدت لمقتل خاشقجي.

وأضافت كارين في تغريدة على تويتر "يجب استجواب الأميرة ريما (بنت بندر بن سلطان) عن النساء السعوديات المسجونات".

واعتبرت عطية التي أشرفت تحريراً على مقالات خاشقجي، أن المملكة العربية السعودية تستخدم النساء لمحاولة تبييض صورتها في الغرب "لكن جرائم المملكة ضد خاشقجي، وضد النساء الإصلاحيات المسجونات واليمن لا يمكن غسلها".

ما الذي ينتظر الأميرة ريما بنت بندر بواشنطن؟

تعد الأميرة ريما بنت الأمير بندر بن سلطان، الذي تولى منصب سفير السعودية لدى الولايات المتحدة لفترة طويلة، أول سيدة سعودية تشغل منصب سفيرة في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي التي كانت تعد ناشطة بالقطاع الخاص وعضواً في الهيئة العامة للرياضة بالسعودية، حيث دافعت عن مشاركة المرأة في الرياضة وركزت على زيادة تمكين النساء مراراً.

ولعل هذا أحد المداخل التي تحاول الرياض من خلاله الترويج لنفسها بواشنطن، بعد تردي صورتها غربياً بشكل كبير، بعد قضية خاشقجي، واعتقالها لناشطات سعوديات دافعن عن حقوق المرأة، وتلك الاتهامات التي وجهت للسلطات هناك بالتعذيب وسوء المعاملة بحق معتقلي الرأي المحتجزين منذ صعود الأمير محمد بن سلمان للحكم.

وترى صحيفة ديلي ميل البريطانية، أن الأميرة ريما ستكون أمام تحد كبير لتحسين العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. وأنها ستواجه نواباً أمريكيين معادين لسياسات الأمير محمد بن سلمان، وهددوا باتخاذ إجراءات صارمة ضد المملكة العربية السعودية بسبب "القتل الوحشي" لخاشقجي.

فيما قال كريستيان أولريتشسين، الباحث بجامعة رايس الأمريكية، إن تعيين سفير جديد للرياض في واشنطن هو محاولة جديدة من المملكة، إعادة العلاقات مع واشنطن كسابق عهدها، مضيفاً أن ذلك ربما سيكون من الصعب تحقيقه مع الكونغرس.

الأميرة ريما كانت قد درست في أمريكا، وهي معروفة في المملكة لعملها الخيري، وعاشت في الولايات المتحدة أثناء فترة وجود والدها على مدى 20 عاماً كسفير سعودي هناك، وهو الذي خدم لاحقاً كرئيس لجهاز الاستخبارات في البلاد.

في حين، استقبلت الأميرة نبأ تكليفها بمنصب سفيرة لدى واشنطن بمرتبة وزير، بتغريدة على تويتر، قالت فيها: "سأعمل بإذن الله لخدمة وطني وقادته وكافة أبنائه، ولن أدخر جهداً في سبيل ذلك".

يذكر أنه في وقت سابق من هذا الشهر، صوت مجلس النواب الأمريكي بأغلبية ساحقة لإنهاء الدعم الأمريكي لتحالف السعودية في اليمن، حيث وجه المجلس انتقاداً حاداً للرئيس ترامب الذي أعلن علناً ​​دعمه للأمير محمد بن سلمان. فيما يقول مشرعون أمريكيون هذا الشهر أيضاً، إنهم يحققون فيما إذا كان ترامب قد سعى لبيع تكنولوجيا نووية حساسة إلى المملكة العربية السعودية، التي تسعى لمنافسة إيران نووياً في المنطقة.

تحميل المزيد