يشهد السودان على مدار اليومين الماضيين حراكاً سياسياً وأمنياً كبيراً بشأن عملية التحول السياسي في البلاد بعد مرور شهرين على التظاهرات ضد الرئيس عمر حسن البشير، فيما لا يزال الموقف غامضاً حول موقف الرئيس منه.
وبحسب موقع هيئة الإذاعة البريطاني بي بي سي فإن اجتماعاً سرياً عقد بين ممثلي الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن بشأن إيجاد خروج آمن للرئيس السوداني وتعليق قرار القبض عليه من قبل المحكمة الجنائية الدولية لمدة عام قابلة للتجديد.
لكن وبحسب الموقع البريطاني فإن البشير لم يقبل أو يرفض هذا العرض، فيما يقوم بمناورة لإيجاد طريقة أمثل دون خسائر له، فيما يرجح البعض أن البشير لن يقبل هذا العرض ولن يترك السلطة قريباً.
هذه الصفقة جاءت برعاية أمريكية، خاصة في الوقت الذي يزور فيه مدير شؤون إفريقيا في مجلس الأمن القومي الأمريكي، سيريل سارتور، الخرطوم، محذراً السودان من استخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين معتبراً أن هذا الشيء قد يهدد المحادثات لشطب السودان من قائمة واشنطن للدول الراعية للإرهاب.
البشر قد يختار التصعيد
ومع غموض موقف البشير من تلك الصفقة، فإن الإجراءات التي اتخذها مؤخراً ترجح التصعيد وعدم قبوله بالعرض، خاصة في ظل عدم وجود ضمانات حقيقية لعدم محاكمة الرجل أمام الجنائية الدولية بعد انتهاء العام، وكذلك الغموض حول مستقبل البلاد عقب رحيله.
ومساء أمس الخميس 21 فبراير/شباط 2019، قالت مصادر إعلامية سوادنية إنه من المتوقع أن يقوم البشير بتغييرات جذرية في هياكل حزب المؤتمر الوطني وتعديل حكومته.
ووفق مصادر خاصة لعربي بوست فقد دعا البشير الوزراء ومسؤولي الأحزاب إلى عقد اجتماع طارئ الجمعة 22 فبراير/شباط 2019 في القصر الجمهوري.
وقد ينتج عن هذه الاجتماعات إعلان البشير عن إعادة هيكلة الحكومة الحالية في أعقاب الاحتجاجات المتواصلة منذ 19 ديسمبر/كانون الأول 2018 والتي تطالب بتنحيه.
وتشير تكهنات إلى أن حزمة القرارات التي قد يتخذها البشير الجمعة ستشمل إعلان حالة الطوارئ في البلاد واستبدال الحكومة بأخرى عسكرية.
ونقلت صحف محلية مقربة من الحزب الحاكم في السودان، تأكيدها أن تعديلات جذرية ستحدث في الحكومة قد تشمل رئاسة الوزراء، بجانب تغيير مماثل في هياكل المؤتمر الوطني الحاكم، لكن دون المساس بمنصبه.
المبادرات مرفوضة
قبل الإعلان شبه الرسمي عن المبادرات المعروضة على البشير استبق مدير جهاز الأمن والمخابرات صلاح عبدالله قوش كل الجهات وأعلن رفضه أي مبادرة حل لأزمة البلاد الحالية تخرج عن "الشرعية" في إشارة إلى دعم الرئيس السوداني عمر البشير.
لكن وبحسب المصادر الخاصة لعربي بوست فإن هناك حديثاً يدور عن لعب قوش دوراً هاماً في الفترة المقبلة، وقد يكون هو خليفة البشير في حال موافقة الرئيس السوداني على هذا الأمر لاسيما في ظل علاقة قوش الجيدة مع دول إقليمية مثل مصر والإمارات والسعودية وكذلك الولايات المتحدة وأوروبا.
هذه التصريحات التي جاءت من قبل قوش تشير إلى استمرار البشير في موقفه دون الموافقة على أي مبادرة، تخرجه من السلطة، لكن في نفس الوقت يجري البشير عدداً من التعديلات في الحكومة لامتصاص غضب الشباب الذي تجاوز الشهرين في تظاهراته ضد النظام الحاكم.
!البشير.. الراقص الجديد في الساحة
عادة ما تنقسم آراء الساسة حول أي قضية.. البشير هو الوحيد الذي أجمع أصدقاؤه وأعداؤه على دعمه، فهل ستنقذه علاقاته من انتفاضة الشعب السوداني؟
Gepostet von عربي بوست am Mittwoch, 30. Januar 2019
ولعل هناك قبولاً لدى المشاركين في الحكومة لتلك التغيرات وهو ما كشفه حزب المؤتمر الشعبي المشارك فيها؛ عن رسالة اسمها "المناصحة والمنافحة" بعثها الأمين العام للحزب؛ علي الحاج محمد؛ إلى الرئيس السوداني؛ عمر البشير؛ قال فيها إن الحكومة القائمة الآن فشلت في معالجة مطالب المواطنين.
وجاء في رسالة الشعبي ضرورة البحث عن حلول تعيد الأمور إلى نصابها عبر التغيير السياسي الشامل وصولاً إلى حلول مستدامة سياسياً واقتصادياً.
وقال علي الحاج إن الذي يجري انتفاضةٌ شعبية قوامها الشباب؛ دوافعها ظروف البلاد المازومة، ودعا إلى ضرورة اتخاذ موقف حاسم بنبذ العنف؛ والتوافق بين الجميع دون قيد أو شرط ودون حجر على أحد إلا من أبى طوعاً واختياراً.
وقال إن الطاقم الحكومي القائم الآن فشل في التوصل إلى حل مستدام لأبسط احتياجات المواطن؛ ما يؤكد ضرورة التغيير السياسي وصولاً إلى حلول مستدامة سياسياً واقتصادياً، لكن دون أن يطالب البشير بالرحيل.
ويشهد السودان احتجاجات شبه يومية منذ 19 ديسمبر/كانون الأول 2019 تفجرت في بادئ الأمر بسبب زيادات في الأسعار ونقص في السيولة، لكن سرعان ما تطورت إلى احتجاجات ضد حكم البشير القائم منذ ثلاثة عقود.
وتقول السلطات إن 31 شخصاً قتلوا منذ اندلاع الاحتجاجات، في حين تتحدث منظمة "هيومن رايتس ووتش" عن 51 قتيلاً، بينهم أطفال وأفراد في طواقم طبية.