يبدو أن الدبلوماسية المصرية قد اقتربت من حل أكبر العقبات أمام القمة العربية الأوروبية الأولى التي ستعقد في شرم الشيخ في 24 و25 فبراير/شباط 2019.
وخلال فترة التحضير ظهرت عدد من العقبات أمام القمة العربية الأوروبية الأولى، أبرزها مسألة حضور الأمير السعودي محمد بن سلمان والرئيس السوداني عمر البشير، إضافة إلى الخلاف على مشروع البيان المشترك الذي سيصدر عن القمة، بسبب عدم الاتفاق على قضايا رئيسية مطروحة أمام القمة.
الهجرة السلاح الوحيد في يد العرب أمام الأوروبيين
ويأمل الاتحاد الأوروبي أن يساعد تحسين العلاقات مع جيرانه العرب على تعزيز سياساته، ولا سيما مكافحة الهجرة غير المشروعة من الشرق الأوسط والمغرب العربي.
ويريد الاتحاد الأوروبي التركيز خلال القمة على الهجرة، لكن هذا مجال محفوف بالمخاطر نظراً للخلاف الشديد بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي نفسها في هذا الشأن.
وقال مسؤول آخر بالاتحاد الأوروبي عن المحادثات رفيعة المستوى التي تجرى هذا الشهر: "بالنسبة للاتحاد الأوروبي، الأمر كله يتعلق بالهجرة، ولكن هناك الكثير من الموضوعات الحساسة التي لا يفضل الناس تناولها".
ووصف الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الجوار العربي الأوروبي بالتاريخي وأن العالم العربي يعد الشريك الأول لأوروبا، ما يتطلب مزيداً من الحوار ليس فقط في الجانب الاقتصادي وإنما أيضاً النواحي الأخرى.
وقال إن القمة العربية الأوروبية المقرر عقدها يومي 24 و25 من شهر فبراير/شباط الجاري بشرم الشيخ خطوة مهمة لتطوير العلاقات بين الجانبين.
وأضاف السيسي، في رده على أسئلة المشاركين عقب إلقائه كلمته أمام مؤتمر ميونخ للأمن، إن الاستقرار والأمن في المنطقة العربية يتأثر بالاستقرار والأمن في أوروبا والعكس، وبالتالي فإن عدم الاستقرار في بعض الدول العربية كان له أثر كبير على أوروبا، ومن ظواهر ذلك حركة الهجرة غير الشرعية ونزوح مواطنين هرباً من النزاعات في المنطقة نحو أوروبا.
وأردف قائلاً" وبالتالي نحتاج المزيد من الحوار والتنسيق لإيجاد أرضية لمعالجة الموضوعات المختلفة، لذا فإن مؤتمر شرم الشيخ فرصة وخطوة أساسية ستعقبها خطوات أخرى".
أولى العقبات أمام القمة العربية الأوروبية لم تحل بعد
وأولى العقبات أمام القمة العربية الأوروبية لم تحل بعد، وهي الاتفاق على مشروع البيان المشترك الذي سيصدر عن القادة المشاركين في القمة.
وانتهى اجتماع على مستوى وزراء خارجية الدول العربية والاتحاد الأوروبي يهدف إلى وضع جدول أعمال للقمة في بروكسل دون التوصل إلى اتفاق بشأن بيان مشترك.
وعندما كانت فيدريكا موغيريني، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، تشرح في مؤتمر صحفي سبب عدم التوصل لاتفاق، قاطعها الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط.
وقال أبوالغيط إن ثمة تعقيدات على الجانب الأوروبي أكثر من الجانب العربي.
وفي مؤشر على الخلاف الودي لكن العلني حسب وصف رويترز، ردت موغيريني قائلة: "سوف أقول عكس ذلك".
وقال أحد الدبلوماسيين الأوروبيين: "كانت الفكرة هي منح الجانب العربي معاملة تفضيلية والبدء في التعامل معهم بشكل أكبر، ومعرفة ما يمكننا فعله بشأن الهجرة".
لكنه استدرك قائلاً: "الآن في وضع غير مناسب لأن بعض قادة الدول الأعضاء بالجامعة العربية ليسوا مفضلين لدينا".
هؤلاء القادة غير مرغوب بهم
وتظل أكبر العقبات أمام القمة العربية الأوروبية الأولى، هي مسألة حضور بعض القادة العرب الذين سيشكل وجودهم إحراجاً للجانب الأوروبي، مثل الأمير السعودي محمد بن سلمان، والرئيس السوداني عمر البشير.
كما يتخذ القادة الأوروبيون موقفاً أكثر حزماً من الرئيس السوري بشار الأسد، في وقت ترددت فيه أنباء عن إمكانية عودة سوريا للجامعة العربية، ولكن الجامعة العربية أكدت مراراً أنه ليس هناك توافق عربي على عودة نشاط سوريا للجامعة العربية.
دبلوماسي: حضور ابن سلمان والبشير قد يعرقل القمة العربية الأوروبية
مسؤول أوروبي أشار إلى أنه "قبل ثلاثة أسابيع فقط على انعقاد القمة لم يؤكد قادة #الاتحاد_الأوروبي بعد مشاركتهم"#السعودية #السودانhttps://t.co/HOHSNqLk2R— ANADOLU AGENCY (AR) (@aa_arabic) February 5, 2019
من زعيمهم المفضل إلى مصدر الإحراج الأول
كان التغيير الرئيسي في العلاقة الأوروبية العربية في الأشهر الأخيرة يتمثل في انهيار الموقف العالمي من الزعيم العربي الثري والمؤثر، الأمير السعودي الأمير محمد بن سلمان.
فبعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول أوائل أكتوبر/تشرين الأول 2019، يقول المسؤولون الأوروبيون الذين يساعدون في الإعداد للقمة التي تعقد في يومي 24 و25 فبراير/شباط في مصر إنهم يركزون الآن بشكل أساسي على الحد من الحرج في القمة.
وكانت علاقة الغرب بالسعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم وثاني أكبر مستورد للأسلحة، حجر الأساس لعلاقاته بالعالم العربي منذ عشرات السنين.
لكن الحاكم الفعلي للمملكة جرى تجنبه منذ مقتل الصحفي السعودي الذي كان يقيم في الولايات المتحدة جمال خاشقجي.
ونفت الرياض في البداية مقتله ثم قدمت روايات متضاربة. وتقبل الآن أن عناصرها قتلوه، لكنها تقول إن قيادتها لا علاقة لها بالأمر.
لا نريد التقاط الصور معه
إن حضور حدث مع الأمير السعودي أمر صعب بالنسبة لبعض الزعماء الأوروبيين، حسبما قالت مصادر أوروبية لوكالة رويترز.
وسبق أن اتهمت جماعات معنية بحقوق الإنسان القادة الأوروبيين بالتعامل مع الأمير محمد في قمة دول مجموعة العشرين في نوفمبر/تشرين الثاني 2019.
وسبق أن كشفت مصادر دبلوماسية لصحيفة "العربي الجديد" أن حرج الأوروبيين من الجلوس إلى طاولة واحدة مع الأمير السعودي، محمد بن سلمان، قد يعرقل القمة العربية الأوروبية.
وأكدت المصادر أن "القاهرة تلقت في هذا الشأن رسائل ذات محتوى سلبي، حول رفْض العديد من الدول الأوروبية لوجود محمد بن سلمان خلال القمة في ظل الاتهامات التي تلاحقه، وكذلك في ظل ضغوط الرأي العام الأوروبي بشأن حادث مقتل الصحفي السعودي".
ولكن يجب تذكر أن القادة الأوروبيين حضروا قمة العشرين في الأرجنتين في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، بجانب الأمير محمد بن سلمان، حتى لو بدا أنهم يحاولون تجنبه.
والبشير يمثل مصدر إحراج أكبر
وليس الأمير السعودي الأمير محمد هو الضيف الوحيد غير المناسب بالنسبة للاتحاد الأوروبي، حسب رويترز.
ففي الأسابيع الأخيرة، أبدت دول عربية تضامنها مع الرئيس السوداني عمر البشير، الذي يواجه أقوى مظاهرات مناهضة للحكومة منذ أن وصل إلى السلطة قبل 30 عاماً.
وكشفت مصادر دبلوماسية أن على رأس العقبات أمام القمة العربية الأوروبية هي مسألة حضور البشير، المُلاحق من جانب المحكمة الجنائية الدولية، بسبب اتهامه بارتكاب جرائم حرب، ورفض الاتحاد الأوروبي لتلك المشاركة".
وقالوا إن "الجانب المصري في مأزق بالغ بسبب تلك القضية، فهو لن يستطيع عدم توجيه الدعوة للبشير، وفي الوقت ذاته يعلم جيداً رفْضَ الدول الأوروبية للمشاركة إلى جانب شخصية سياسية ملاحَقة دولياً".
ولكن يبدو أن القاهرة توصلت إلى حل لمسألة حضور البشير
غير أنه يبدو أن الدبلوماسية المصرية قد توصلت إلى حل بشأن مسألة حضور البشير التي تعد كبرى العقبات أمام القمة العربية الأوروبية.
إذ يتوقع أن يترأس بكري حسن صالح النائب الأول للرئيس السوداني عمر البشير وفد السودان المشارك في أعمال القمة العربية الأوروبية، حسبما ذكرت مصادر لصحيفة الانتباهة السودانية، وفقاً لما نقله عنها موقع أخبار السودان.
وبالفعل، أعلنت وزارة الخارجية، عن مشاركة السودان في القمة العربية الأوروبية المقرر عقدها نهاية فبراير/شباط الجاري بمدينة شرم الشيخ المصرية، دون أن تحدد مستوى الحضور.
المفاجأة أن السودان سيترأس الجانب العربي في الاجتماع الوزاري
في مقابل الغياب المحتمل للبشير، فإن السودان سيترأس الجانب العربي في الاجتماع الوزاري للقمة.
وقال وزير الخارجية السوداني الدرديري محمد أحمد، في تصريح لـ"المركز السوداني للخدمات الصحفية" إن القمة ستناقش مجمل العلاقات العربية والأوروبية.
وأوضح أن مشاركة السودان في الاجتماع الوزاري لوزراء الخارجية العرب والأوروبيين الذي عقد مؤخراً، تأتي باعتباره رئيساً للجانب العربي في دورته الحالية.
ودعا وزير الخارجية إلى دعم الجهود المشتركة بين الدول العربية وأوروبا لمحاربة الإرهاب ومكافحة الهجرة غير الشرعية، ومواجهة التحديات المشتركة.
وبعد حل هذه المعضلة، يبدو أن قطار القمة سوف ينطلق، ولكن يظل شاغل مصر مضيف اللقاء، هو تأمين أكبر مستوى حضور وحل الخلافات حول الموضوعات الرئيسية بالقمة.