التعبير عن المشاعر صحي جداً للعلاقات.. لكن، هل سألت نفسك: متى يجب أن تشاركها؟ ومتى يجب أن تمنعها؟

هل مشاركة مشاعرنا لأصدقائنا وشركاء حياتنا أمر إيجابي أم سلبي؟ ربما ليس هناك شيء إيجابي أو سلبي في حد ذاته، يمكن أن نضيف أنّ "السياق" الذي نبوح فيه بمشاعرنا له تأثير كبير.

عربي بوست
تم النشر: 2019/02/18 الساعة 11:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/02/18 الساعة 11:17 بتوقيت غرينتش
Aggressive couple arguing about their problems at home.

كثيراًَ ما نتساءل هل مشاركة المشاعر لأصدقائنا وشركاء حياتنا أمر إيجابي أم سلبي؟ في الحقيقة ليس هناك شيء إيجابي أو سلبي في حد ذاته، يمكننا فقط أن نضيف أنّ عامل "السياق" الذي نبوح فيه بمشاعرنا له تأثير كبير.

فمتى نشارك مشاعرنا ومتى نخفيها كي لا نتأثر سلباً؟ يجيبك عن ذلك مقال نُشر على موقع Medium الأمريكي.

كبت المشاعر يرفع معدلات القلق!

في دراسة فعالة، طلبت مجموعة من الباحثين في جامعة ستانفورد من ثنائيات من الأشخاص غير الملمين بموضوع قصف هيروشيما وناغازاكي خلال الحرب العالمية الثانية، مشاهدة فيلم وثائقي حوله.

وكان من بين أجزاء الدراسة أن يُطلب من بعض المشاركين أن "يتصرَّف كلٌّ منهم بحيث لا تنكشف مشاعره لشريكه على الإطلاق".

بمقارنتهم مع مشاركين آخرين تُرِكَت لهم حرية التعبير عن مشاعرهم، لوحظ ارتفاع ضغط دم من يكتمون مشاعرهم وازدياد ارتباكهم. كذلك عند مقارنتهم بمن سُمِحَ لهم بالتعبير عن أنفسهم بشكل طبيعي، مالت أزواج المجموعات التي "كبتت" عاطفتها إلى الشعور بتواصل وإيجابية أقل تجاه بعضهما البعض.

تعتبر هذه الدراسة واحدة من الكثير من الدراسات التي تشير إلى أنّ كتم العواطف قد يحمل تداعيات سلبية، سواء بالنسبة لمن يكتمها، أو لمن حوله. كما ربطت المزيد من الأبحاث كبت المشاعر بارتفاع معدلات القلق، والأرق، وغيرهما من الانعكاسات غير الصحية.

وفي حين أنّ كبت المشاعر غالباً ما يحمل آثاراً سيئة، يقول الخبراء إنه أحياناً قد يؤدي إلى نتائج أفضل.

تعيشان صداقة رائعة تشكّ بأنها تحوّلت إلى حب؟ هكذا تواجه "شريكك"

مشاركة بعض المشاعر قد تؤثر سلباً على علاقاتك

يقول عالم النفس والباحث المنتسب لمركز يالي للذكاء العاطفي ديفيد كاروسو: "بالطبع، هناك مواقف اجتماعية واضحة -يواجهها الكثير منا يومياً- يكون التعبير عن مشاعرك فيها غير مريح، أو محرجاً"، مضيفاً: "إذا كنت في اجتماع مع رئيسك أو عميلك، وقال أحدهم شيئاً تجده "سخيفاً تماماً"، فإن إخبارهم بما تشعر به على الأرجح سيضر أكثر مما ينفع".

لكن حتى عندما تتعامل مع أشخاص قريبين منك، مثل أفراد العائلة، والأصدقاء، هناك مواقف يؤدي التعبير فيها عما تُكنه نفسك إلى تفاقم المشاعر السلبية؛ لا تهدئتها.

يعلل كاروسو ذلك بقوله: "إن المشاعر معدية، ويمكنك التأثير في مشاعر الآخرين عن طريق مشاركة شعورك"، مشيراً إلى أن المشاعر غالباً ما تظهر فجأة، وقد تكون عابرة، ومعتمدة على الكثير من العوامل المرتبطة بالسياق والتي تتنوع من جودة نومك إلى وقت آخر وجبة تناولتها.

يقول كاروسو: "شعورك في هذه اللحظة يمكن أن يكون نتاجاً لهذه الأشياء التي لا صلة لها ببعضها البعض". وبالتعبير عما تشعر به فإنك لا تُمرر بعضاً من مشاعرك إلى الشخص الآخر وحسب؛ بل سيتوجب عليك أيضاً أن تتعامل مع عواقب هذا الإفصاح.

على سبيل المثال: في حالة الغضب أو الإحباط، فإنّك تشارك شريك حياتك أو صديقك بمشاعرك السلبية بطريقة تجعله يشعر بالمسؤولية.

بحسب كاروسو، قد يكون الإفصاح مُرضياً في لحظته، لكنه قد يكون مدمراً لعلاقتك على المدى الطويل، مشيراً إلى أنه في كثير من الأحيان، قد يكون من الأفضل لجميع الأطراف أن تُمضي بعض الوقت وحيداً، لتتمالك شعورك.

فهناك مواقف يؤدي التعبير فيها عن خلجات نفسك إلى تفاقم المشاعر السلبية؛ لا تهدئتها. كما أنّ هناك بعض أنواع العواقب المرتبطة بكبت المشاعر. فإلى جانب العبء النفسي للاحتفاظ بالمشاعر السلبية لنفسك، قد تتأثر علاقتك سلباً.

فعندما تعبِّر عن مشاعرك إلى شخصٍ ما، فإنّك ترسل إليه ببياناتٍ عن الطريقة التي تفكر وتعمل بها، وهذه طريقة جيدة للحصول على دعم ذلك الشخص، لكن هذا لا يحدث عند كبتك لمشاعرك.

كذلك فمحاولاتك إخفاء مشاعرك والتعامل معها بنفسك له كُلفة. يقول كاروسو: "يحد استخدام مواردنا الإدراكية في الكبت أو التدقيق العاطفي من قدرات عقلنا على التركيز ومعالجة البيانات".

فقمع العواطف قد يكون مشتتاً. ويضيف كاروسو: "لكن عندما نكتفي بطريقة خرقاء وقول ما نشعر به أياً كان؛ فقد نقع في ورطة".

يتّفق بعض الخبراء الآخرين مع ذلك، إذ يقول الأستاذ جيمس بينباكر، أستاذ علم النفس بجامعة تكساس: "بطبيعتنا، نرغب بشكل فطري في وصف مشاعرنا للآخرين؛ لكن الحقيقة هي أنه في بعض الأحيان قد يجرح ذلك أشخاصاً آخرين أو يحرجنا".

عندما تشارك مشاعرك مع شخصٍ آخر، فإنك تخاطر بدحض ما قلته لهم أو رفض صلاحيته، وهو أمر قد يحمل أثراً مدمراً. يقول بينباكر: "في هذه الحالة قد تصل إلى حالة أسوأ مما لو احتفظت بمشاعرك لنفسك".

عليك أن تفكّر قبل أن تعبر: ما مصدر مشاعري؟

فالتفكير الدقيق في مشاعرك والتقييم الصادق لمصدرها قد يكون مفيداً أكثر من إعلان ما تشعر به وحسب، فـ "إذا كنت تركز على مشاعرك فقط، فستفوت في الغالب الأمر الأهم"، ويتابع: "التفكير (في مشاعرك) هو الجزء المفيد".

يضيف جيمس: "بالتأكيد يساعد وصف مشاعرك بالكلمات على فهمها". ولهذا السبب يساعد التحليل النفسي والأشكال الأخرى للعلاج بالحديث -والتي تسمح بالتعبير عن مشاعرك دون خوف من ردة فعل شخصية أو اجتماعية- بشكلٍ كبير.

ويضيف جيمس: "لكن أبحاثي أظهرت أن تحويل المشاعر إلى كلمات بطريق الكتابة قد يحقق فوائد التحدث ذاتها".

وقد أظهرت بعض أعمال بينباكر أنّ الكتابة عن الخبرات الشعورية قد تقلِّل من حجم الحزن والاكتئاب، وقد تحسِّن حتى من أداء المناعة. وحسبما يقول، فإن كتابة ما تشعر به تقدم فيما يبدو فوائد بدنية ومزاجية وإدراكية بقدر ما يوفره التحدث عنه؛ لكن دون المخاطرة بإغضاب شخص ما أو بالشعور بالسخافة والرفض.

فلا توجد طريقة صحيحة للكتابة عن مشاعرك، فقط جد مكاناً هادئاً، وافعل ذلك لمدة 15 دقيقة لثلاث مرات أو أربع أسبوعياً، وينصح بالتفكير فيما يشعر المرء به، وسبب شعوره به. ويضيف أنه يمكنك كتابة أفكارك يدوياً أو على الحاسوب، أو حتى بالرسم على الهواء باستخدام أصابعك.

يشير بعض من نصائح بينباكر إلى استراتيجية تنظيم المشاعر المعروفة باسم "إعادة التقييم". بشكل بسيط، تعتبر "إعادة التقييم" طريقة لتحديد وإعادة صياغة الأسباب الكامنة خلف المشاعر بطريقة قد تسمح لك بالتخلي عنها.

على سبيل المثال: إذا كنت تشعر بالغضب تجاه شريكك، فإدراك أنك جائع أو مضغوط وأن هذه العوامل لا ما فعله شريكك هي الأسباب الحقيقية لغضبك قد يساعدك في تخطي مشاعرك السلبية.

وفي حين أن "إعادة تقييم المشاعر" قد تشبه في ظاهرها كبت المشاعر، فإن البحث يشير إلى أن محاولة تجاهل أو إخفاء المشاعر تتسبب في القليل من الأضرار الجانبية.

إن الإفصاح عن مشاعرك قد يكون طريقة رائعة لفهمها وإدارتها؛ لكن منهج مشاركة المشاعر عن طريق "الإفصاح الكامل" قد لا يؤدي دائماً إلى أفضل النتائج.

تحميل المزيد