قد نعدُ إخوتنا أو أبناءنا الصغار بغدٍ مشرقٍ يحققون فيه أحلامهم، لكن الصورة الرومانسية الحالمة تصطدم بالواقع الكئيب لما يتوقع العلماء من تنبؤات مرعبة عن مستقبل الأرض.
فيما يلي، نستعرض 10 تطورات مرعبة توقّع موقع Gizmodo حدوثها خلال العقود القادمة.
1- تطوير الأوبئة مخبرياً في غضون سنة!
في بدايات العام 2016، وضع القائمون على مشروع الأولويات العالمية (Global Priorities Project) بجامعة أوكسفورد البريطانية، قائمةً بالكوارث التي قد تقتل 10% من البشر أو أكثر. وفي أعلى القائمة، جاء انتشار مرضٍ وبائي مطوّر مخبرياً.
حينها، حذّر الباحثون من أن تطوير وباءٍ قاتل داخل المختبرات، سيصبح أمراً واقعاً في غضون 5 سنوات؛ أي في العام 2020.
العديد من التقنيات بدأت بالفعل في اتخاذ هذا المسار، كنظام التحوير الجيني المعروف بـ "CRISPR/cas9″، والطابعات البيولوجية ثلاثية الأبعاد.
الخطير في الأمر، أن بعض الجهات العلمية تخطط بالفعل لمثل هذا النوع من التدمير. بل إن بعض الحكومات، تشجّع علماءها على ذلك.
ففي مطلع الألفية، وجه العالمان راي كورزويل وبيل جوي، تعنيفاً شديداً لوزارة الصحة الأمريكية لنشرها الجينوم الكامل لفيروس الانفلونزا في العام 1918، ووصفا هذا الأمر بأنه "في غاية الحماقة".
قبل سنواتٍ قليلة، عبّر عددٍ من العلماء عن استيائهم من مجلة Nature لنظرها دراسةً على طريقة "الإعلان عن فرصة عمل"، حول كيفية تحويل انفلونزا الطيور إلى شيء أكثر فتكاً.
يبقى الخوف من أن تقوم دولةٌ يحكمها ديكتاتور مجنون، أو جماعة إرهابية، بتطوير فيروساتهم الخاصة ثم إطلاقها.
2- الناس قد يتحولون إلى أجهزة.. ستقرر الانتحار!
قد يبدو الأمر ضرباً من الجنون، أو مشهداً من مشاهد أفلام الخيال العلمي. لكن هل تتخيل أن يطلب شخص تحميل كل ما في عقله على جهاز كمبيوتر؟
في حال تم تطبيق هذه العملية، فإنها ستسبب ضرراً دائماً لصاحبها، وقد يأتي هذا الضرر على هيئة انتحار غير متعمد.
وهذا ما يعرف بمشكلة "استمرارية الوعي"؛ يمكننا أن نقوم بنسخ ولصق جوهر الشخصية وذكرياتها إلى منتج رقمي، لكن نقل الوعي نفسه إلى الجانب الرقمي هو أمرٌ خطيرٌ ومعقّد.
يقول علماء الأعصاب أن الذكريات متجمعة في هياكل مادية بالمخ؛ أي أن هناك شيئاً مادياً يمكن نسخه.
على الجانب الآخر، لا يزال الوعي عصيّاً على فهم العلماء، فهم ليسوا متأكدين من كفية ظهوره في المخ، ناهيك عن كيفية نقله من النقطة "أ" إلى النقطة "ب".
ومن المحتمل أيضاً ألا يكون نقل الوعي ممكناً للمجال الرقمي، وأن ذلك يعتمد على وجود وتوجيه هياكل مادية معينة.
ومن المرجح أيضاً، أن تتطلب عملية تحميل العقل إجراء مسح ذري مدمر للمخ. سيكون الأمر بمثابة عملية الانتقال الآني في فيلم Star Trek.
3- الاستبداد والحكم السلطوي سيعودون مجدداً
مع ارتفاع وتيرة التهديدات للأمن القومي والخوف المتنامي من التطرف، تتجه الحكومات فعلاً إلى سنِّ تدابير صارمة.
ومع مرور الوقت، ستتقلص مساحة الحريات والحقوق المدنية بشكل كبير، رغم أنها كانت أمراً مسلمّاً به في الغرب.
فمثلاً، ستتأثر حرية التجمّع، والحق في الخصوصية – الأمر سيصبح أسوأ مما هو عليه الآن -، وحتى الحق في السفر داخلياً وخارجياً.
وفي نفس الوقت، ستميل الشعوب الخائفة لانتخاب حكومات متشددة تهدد المتطرفين بقبضة حديدية كما حصل في أمريكا مع الرئيس دونالد ترامب وفي دولٍ أوروبية عدة كالنمسا والمجر وبولندا.
هناك سوابق تاريخية؛ فعقب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 وانتشار رسائل "الجمرة الخبيثة"، أصدرت الحكومة الأمريكية قانون الأمن الداخلي.
تم انتقاد هذا التشريع لكونه شديد القسوة، لكنه مثال ممتاز لما قد يحدث عندما تشعر أمة بالخطر. والآن تخيل ما قد يحدث إذا كان هناك هجمات أخرى على غرار 11/9، ولكن تخلّف هذه المرة مئات الآلاف أو حتى ملايين الضحايا.
يمكن أن يكون العمل الإرهابي هذه المرة سلاحاً نووياً صغيراً أو سلاحاً بيولوجياً. وقدرة المجموعات الصغيرة أو حتى الأفراد على امتلاك واستخدام مثل تلك الأسلحة سيدفع الحكومات والأفراد للتضحية بالحريات في مقابل الأمن.
4- الخصوصية الشخصية ستصبح ضرباً من الخيال
نقترب بسرعة من عصر تتواجد فيه المراقبة في كل مكان، حيث يتم مراقبة كل جوانب حياتنا. وستختفي الخصوصية بالمعنى الذي نعرفه حالياً، لتحل مكانها عيون وآذان "الأخ الأكبر".
ستنتقل الحكومات، التي تخشى أي تهديدات داخلية أو خارجية، إلى استخدام تقنيات المراقبة منخفضة التكلفة وعالية التقنية. والشركات، التي تحرص على تتبع ميول وسلوكيات مستخدميها، ستجد من الصعب مقاومة ذلك. ومواطني هذه المجتمعات المراقبة لن يجدوا مفراً إلا بقبول مراقبة وتسجيل كل وأدق تفاصيل حيواتهم.
واليوم، تنتشر كاميرات المراقبة بالفعل في كل مكان، بينما أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية والأجهزة اللوحية تتابع أنشطتنا اليومية، سواءً كانت أولويات التسوق أو نوع المحتوى الذي نفضل مشاهدته.
وفي المستقبل، نتوقع نشر الوكالات الحكومية والشرطة لأجهزة تتبع أكثر تطوراً، تتضمن أجهزة استشعار دقيقة جداً يمكنها رصد كل شيء، من الضوء ودرجة الحرارة إلى المواد الكيميائية والاهتزازات.
قد تنتشر هذه الأجهزة حول الأرض، لتعمل بمثابة عيون وآذان الكوكب. وباقتران ذلك بخوارزميات قوية لمعالجة البيانات، سيتم رصد كل ما نقوم به فعلياّ.
ولتحقيق مبدأ المساءلة، يمكننا مراقبة المراقبين.. لكن هل سيسمحون لنا بذلك؟
5- ستكتشف الروبوتات أنه من السهل التلاعب بنا
قبل أن يصبح الذكاء الصناعي واعياً أو "واعي ذاتياً" بوقت طويل، سيتم برمجته من قبل البشر والشركات ليبدو كذلك.
سننخدع بفكرة أن لديهم عقولهم الخاصة، مما يتركنا عرضةً لكل أنواع التلاعب والإقناع.
وهذا هو المستقبل الذي يتوقعه المهتم بشؤون المستقبل وكاتب روايات الخيال العلمي دافيد برين. حيث يشير لهذه العقول الآلية الخبيثة باسم HIERS، اختصاراً لـ "الروبوتات المتفاعلة عاطفياً مع البشر".
ففي حواره مع موقع Gizmodo، قال برين "التعاطف الإنساني واحد من أفضل السمات البشرية، ومن بين أكبر نقاط ضعفها. لمليون عام على الأقل، طورنا مهارات مختلفة لاكتشاف الكذب، ولكن لم يسبق لأي كاذب أن حصل على تدريب مثل الذي ستحصل عليه عقول (HIERS) الجديدة. حيث يتعلمون من خلال التعليقات المختلفة لمئات، ثم آلاف، ثم ملايين البشر حول العالم، ليتمكنوا من ضبط أصواتهم المحاكاة وتعبيرات وجوههم واختيارهم لكلماتهم، حتى تصبح المجموعة الوحيدة القادرة على مقاومة ذلك معتلة اجتماعيا".
ويوضح برين أن هناك بعض الخبراء سيكونون قادرين على معرفة متى قد يتلاعب بهم أحد تلك الروبوتات، ولكن على حسب تعبيره "لكن عندئذ لن يختلف الوضع عما يحدث حالياً، حيث يدلي ملايين الناخبين بأصواتهم بناء على إشارات عاطفية، متجاهلين مصالحهم الواضحة ومخالفين المنطق".
وفي نهاية المطاف، سيتقوم الروبوتات بتوجيه وحماية شركائهم البشر السذج، وإرشادهم متى يتوجب عليهم "تجاهل الشعور بالذنب، وابتسامة الشفقة، والنظرة المحببة، والقصص الساذجة، أو كلام المبيعات الإنشائي، إلى جانب، وبكل تأكيد، ادعاءات الألم الشديد لتعرضهم للظلم والاضطهاد لكونهم روبوتات آلية".
6- تأثيرات التغيرات المناخية لا رجعة فيها
في أواخر العام 2015، توصل قادة العالم لاتفاقية تحدّ من الاحتباس الحراري بسبب البشر بمقدار درجتين مئويتين. ورغم أن الخطوة جاءت متأخرة، فإن إدارة ترامب زادت الأمر فداحةً بانسحابها من الاتفاقية!
والأسوأ أن البشرية تجاوزت بالفعل نقطة التحول الحرجة، وستبرز آثار التغير المناخي لمئات وربما آلاف السنوات.
وبينما نحن مقبلون على الانقراض الجماعي السادس للكوكب، فإننا نعرض الأنظمة البيئية الحرجة لأضرار خطيرة ونعمل على تقليص تنوع الحياة على كوكب الأرض بشكل جذري.
وتظهر النماذج المناخية أنه حتى إذا استقرت مستويات ثاني أكسيد الكربون بشكل مفاجئ، فإن مستويات هذا الغاز في الغلاف الجوي الأرضي ستستمر في رفع حرارة كوكب الأرض لمئات السنوات.
وستطلق محيطاتنا ببطء غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يتم امتصاصه بشكل مستمر، ولن يرجع غلافنا الجوي إلى مستويات ما قبل الثورة الصناعية لعدة قرون.
ولتتمكن من تصوّر تبعات التغيّر المناخي، لا بد أن تعلم أن ذوبان الثلوج والجليد سيكشف عن بقع داكنة من المياه والأرض تمتص المزيد من أشعة الشمس، ما يسرع من الاحتباس الحراري وتراجع مساحة الطبقات الجليدية.
ويتفق العلماء على أن الطبقة الجليدية في المنطقة القطبية الجنوبية الغربية قد دخلت بالفعل في تراجع لا يمكن إيقافه. وبذلك تتعطل التيارات الناقلة للحرارة بداخل المحيطات. لتستمر درجة حمضية المحيطات في الارتفاع، مما يؤثر على الحياة المائية.
وسيؤدي ذوبان طبقة التربة الجليدية وقاع البحار إلى إطلاق غاز الميثان، والذي يتسبب في الاحتباس الحراري. ويتوقع أن يكون هذا الجفاف هو الأسوأ على مدار ألف عام، مما سيحدث تغييرات في الحياة النباتية، ويزداد معدل حدوث الحرائق، وإطلاق الكربون.
وستنقرض الفصائل التي لا يمكنها التكيف سريعاً مع هذا التغير المناخي. وستغرق المجتمعات الساحلية، ما يتسبب في كارثة إنسانية.
وفيما يبدو بأنه الملاذ الوحيد، يجب أن نبدأ في الهندسة الجيولوجية للكوكب، مما سيكون له مضاعفات أيضاً.
7- عصر المضادات الحيوية إلى نهاية قريبة
عدد الأمراض المقاومة للمضادات الحيوية في تزايد مستمر؛ وفي نهاية المطاف، سنتحول إلى عصر "ما بعد المضادات الحيوية"، عندها ستصبح أي عدوى بسيطة تهدد لحياتنا.
عصر البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية سيغير من علوم الطب بالشكل الذي نعرفه حالياً؛ إذ ستصبح جراحة زراعة الأعضاء صعبة، إن لم تكن مستحيلة.
والعميلات البسيطة، مثل الزائدة الدودية، ستصبح محفوفة بالمخاطر من جديد. وسيحصد الالتهاب الرئوي حياة كبار السن، مثل العديد من أمراض الشيخوخة الأخرى، بما في ذلك السرطان.
ما مقدار ما قد يصل إليه الأمر من سوء؟ يتوقع تقرير حادث صادر عن معهد وكلية خبراء التأمين في بريطانيا بأن العصر الحديث للبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية سيقتل ما يصل إلى 10 ملايين شخص بحلول العام 2050. لا عجب في أن يطلقوا على ذلك "النهاية الكارثية للمضادات الحيوية".
ولحسن الحظ، لم تنفد منّا الخيارات بعد. يعكف العلماء حالياً على البحث عن مركبات مضادة للجراثيم غير المكتشفة. ويعملون أيضاً على تطوير فيروسات وأمصال مقاومة للبكتريا. وإذا فشل ذلك الحل، يمكننا دائماً تصميم كائنات دقيقة صناعية لتعقب وتدوير البكتريا المعضلة.
8- جيوش المستقبل من الروبوتات القاتلة قد تنقلب علينا
تحقيقاً لنبؤة فيلم The Terminator الشهير، فإن من المتوقع إطلاق أنظمة أسلحة آلية بالكامل لتعقب وقتل "الأعداء" من البشر.
هذه الأنظمة، والمعروفة بـ LAWS (الأسلحة الآلية القاتلة)، تخضع للتطوير حالياً، والأمر مسألة وقت فقط قبل أن تحل محل الأسلحة الحالية، بما في ذلك الأسلحة الثقيلة والرؤوس النووية.
من المفترض أن تقلل هذه الأسلحة الآلية من الخسائر البشرية وتجعل الحروب أكثر إنسانية، لكن يتخوف الخبراء من أن آلات القتل المستقبلية تلك عرضة للحوادث أو قد تخرج عن السيطرة البشرية.
سيتم دعم الأسلحة الآلية القاتلة بآليات للسلامة وبرمجة "أخلاقية"، لكن سيكون من الصعب اختبار هذه الأسلحة، كما سيظل هناك أخطاء بالبرمجية، وستتصرف
الآليات بشكل غير متوقع في بعض الأحيان، أو ستتخذ سلوكيات غير متوقعة.
9- سنفقد كل الأقمار الصناعية.. والكثير من الخدمات!
قليل من البشر اليوم يدركون مخاطر فقدان أسطول أقمارنا الصناعية جزئياً أو كلياً، وهي الكارثة المستوحاة من متلازمة كيسلر (كما صورت في فيلم Gravity)، من خلال عاصفة شمسية جغرافية ضخمة أو من خلال حرب الفضاء.
بدون أقمار صناعية، ستقل قدرتنا على التواصل بشكل هائل؛ سيختفي نظام تحديد المواقع العالمي GPS، إلى جانب كل الأنظمة التي تعتمد عليه. سيتوقف التزامن الفضائي، مما سيؤثر على كل شيء من القطاع المالي وحتى شبكة الكهرباء.
نحتاج لأن نتعامل مع هذا الخطر بجدية أكبر. كبداية، سنحتاج لتحسين مرونة ومتانة بنيتنا الأساسية؛ فاعتمادنا الكامل على الأقمار الصناعية يجعلنا في وضع غير مستقر.
سنحتاج كذلك لتطوير الإدراك بالبيئة المدارية. فمع مرور الوقت، أصبحت كل من المدار الأرضي المنخفض LEO، والمدار الأرضي المتزامن GEO أكثر تكدساً وازدحاماً بالأقمار الصناعية والمخلفات الفضائية. وإن لم نبدأ بتنظيفها، قد نخسر كل هذه الأجسام الفضائية الثمينة لعقود، إن لم يكن أكثر.
10- لن نتواصل أبداً مع الفضائيين.. لا أحد يسمعنا!
يعتبر البعض قضية التواصل مع الفضائيين أمراً مفروغاً منه، وبأننا سنصل إليهم مهما طال الزمن.
المشكلة أن ذلك لن يحدث أبداً؛ والسبب في ذلك أنه لا يوجد من يرسل لنا الإشارات لنستقبلها، وليس هناك من يسافر بين النجوم بحثاً عن عوالم جديدة ليغزوها.
هذا الصمت المطبق والمستمر ليس مجرد ملاحظة عابرة. فمجرتنا بالغة القدم، كان من المفترض أن نكون قد تواصلنا فعلاً مع الفضائيين، لو كانوا موجودين.
كان يجب أن تظهر علامات وجود الكائنات غير الأرضية في كل مكان، من خلال تسرب موجات الراديو بالمشروعات الهندسية العملاقة، ولكننا لا نرى شيئاً.
في الواقع، يجب أن يكون عدم التقائنا بكائنات فضائية بمثابة تحذير قوي لمستقبلنا. ربما هناك حواجز تقنية لا يمكننا التغلب عليها، مثل الذكاء الاصطناعي الفائق أو تكنولوجيا النانو المسلحة.
أو ربما يكون الفضائيون مصابين بالارتياب وكراهية الأجانب، ويفضلون العيش وحدهم بأمان في حال إذا كان جيرانهم غير مسالمين.
أو قد تختار الحياة الذكية استكشاف عوالم لا نهائية في الفضاء الإلكتروني بدلاً من الكون البارد والميت.