نشرت مجلة Forbes الأمريكية تقريراً استعرضت فيه الشكوك التي تثار حول حجم احتياطيات النفط السعودي، وحاولت المجله الإجابة على سؤال: هل البيانات الرسمية التي تعلنها المملكة صحيحة؟
يشير التقرير إلى أن السعودية قد سجلت 264 مليار برميل من الاحتياطيات المؤكدة عام 2005، و267 مليار برميل عام 2014. وقد اعتبر إنتاج النفط السعودي أمراً اقتصادياً حتى قبل ارتفاع أسعار النفط. ولهذا السبب، تعد احتياطيات السعودية المؤكدة -التي تشكل 16٪ من الإجمالي العالمي- الأكثر أهمية بالنسبة إلى سوق النفط العالمي، بحسب المجلة الأمريكية.
الشكوك في بيانات احتياطي النفط السعودي استمرت لسنوات
ويشير التقرير إلى أن الشكوك حول حجم احتياطيات النفط السعودية قد استمرت لسنوات؛ إذ توقفت السعودية، عام 1982، عن السماح بفحص بيانات النفط والغاز الخاصة بها. وقبل ذلك، كان للأجانب بعض الوصول إلى معلومات تخص الاحتياطيات السعودية. وعندما منع هذا الوصول، كانت الاحتياطيات السعودية المؤكدة تقدر بـ166 مليار برميل.
ومع ذلك، ففي حوالي العام 1988، رفعت السعودية تقديراتها من الاحتياطيات المؤكدة بمقدار 90 مليار برميل. أشار الكثير من الخبراء إلى أنَّ هذا التعديل التصاعدي مستند إلى سياسات داخلية لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك). ولما لم تعد الاحتياطيات خاضعة للتدقيق الخارجي، فقد كان هناك قدر كبير من الشكوك حول الأرقام الرسمية التي أعلنها السعوديون.
وتزداد الشكوك عمقاً عندما يتأمل المرء في حقيقة أنَّ الاحتياطيات السعودية عام 1990 كانت 260 مليار برميل، بينما تبلغ اليوم -بعد ثلاثين سنة تقريباً- 266 مليار برميل. وفي غضون ذلك، أنتجت السعودة أكثر من 100 مليار برميل بين عامي 1990 و2017. فكيف يمكن أن تظل احتياطياتها دون تغيير؟
وفي الآونة الأخيرة، كلفت شركة أرامكو، شركة النفط الوطنية السعودية، جهة خارجية للتدقيق في احتياطياتها المؤكدة، وذلك في إطار تحضيرها للاكتتاب العام المحتمل. ووجد التدقيق الخارجي المستقل أنَّ الاحتياطيات السعودية المؤكدة من النفط لا تقل عن 270 مليار برميل.
الشكوك لا تزال قائمة
لكنَّ الشكوك لا تزال قائمة. فعلى سبيل المثال، كتب عالم الاقتصاد النفطي، الدكتور ممدوح سلامة، الذي يعمل أستاذاً زائراً في علم اقتصاد الطاقة، في مدرسة الأعمال الأوروبية التابعة للكلية العليا للتجارة في باريس، من فرعها في لندن، مؤخراً:
ويشير التقرير إلى أن الإنتاج السعودي منذ اكتشاف النفط عام 1938 حتى الآن واقتطاع معدل الاستنفاد السنوي للحقول السعودية المتقدمة في العمر والذي يتراوح بين 5٪ و7٪ للفترة ذاتها، يعطي رقماً يتراوح بين 70 و74 مليار برميل من الاحتياطيات المتبقية.
ويقول كاتب التقرير روبرت رابير، وهو خبير في صناعة النفط والغاز وتكرير البترول في الطاقة في الواقع، فإنني أجريت ذات مرة حساباً مشابهاً. بدأت بافتراض أنَّ تقديرات عام 1982 التي تقدر بـ166 مليار برميل كانت صحيحة، ثم طرحت منها الإنتاج السعودي منذ ذلك الوقت. وحسبت إنتاجهم الإجمالي منذ عام 1982 والذي يقدَّر بحوالي 100 مليار برميل، ما يخلف احتياطيات تقدر بـ66 مليار برميل.
ومع ذلك، فقد أجريت فحصاً للسلامة أثار شكوكاً حول ذلك الحساب. وأجريت الحساب ذاته للاحتياطيات الأمريكية المؤكدة خلال الإطار الزمني نفسه.
ففي عام 1982، بلغت احتياطيات النفط الأمريكية المؤكدة 35 مليار برميل. وبحلول عام 2005، وقبل أن تبدأ طفرة النفط الصخري، انخفضت احتياطيات النفط الأمريكية إلى 30 مليار برميل فحسب. لكنَّ إجمالي الإنتاج الأمريكي بين عامي 1982و2005 كان 77 مليار برميل.
لو مددنا هذا الحساب إلى نهاية عام 2017، فإنَّ الاحتياطيات الأمريكية المؤكدة قد قفزت، في واقع الأمر، إلى 50 مليار برميل، وقد كان هناك 117 مليار برميل من الإنتاج الأمريكي منذ عام 1982 (أكثر حتى من السعودية).
وللتكرار أقول إنَّ الاحتياطيات النفطية الأمريكية المؤكدة عام 1982، وقفت عند 35 مليار برميل. وبين ذلك العام وعام 2017، أنتجت الولايات المتحدة 117 مليار برميل من النفط، ومع ذلك فقد نمت احتياطياتها إلى 50 مليار برميل.
كيف حدث ذلك؟
يري رابير أن ثمة اكتشافات جديدة، وتحسينات تكنولوجية سمحت باستخلاص المزيد من البراميل من الحقول القائمة، وسمحت ارتفاع الأسعار بجعل استخلاص المزيد من الموارد أمراً ذا وجاهة اقتصادية.
وقال أعتقد أنَّه من المعقول أن نفترض أنَّ السعودية قد وجدت هي الأخرى براميل إضافية منذ عام 1982. كما أنَّ لديهم إمكانية الوصول إلى أنواع التكنولوجيا ذاتها التي حسنت من التحصيل في الحقول الأمريكية. ولذلك، فإنني لا أعتقد أنَّ من السائغ احتساب الاستنفاد من رقم الاحتياطيات التاريخية لتقدير الاحتياطيات الحالية. إنَّ من شأن هذه الممارسة أن تشير إلى أنَّ إنتاج النفط الأمريكي كان لينخفض إلى الصفر بحلول عام 1991.
ويخلص رابير في تقريره إلى أنه لا يجد أساساً معقولاً للخلوص إلى أنَّ احتياطيات النفط السعودية أقل بكثير من الأرقام الرسمية.
إذ تتوافق احتياطياتهم المنشورة مع التدقيق المستقل، وهي متسقة مع تجربة الولايات المتحدة من زيادة الاحتياطيات على الرغم من الزيادة الكبيرة في إنتاج النفط.