كما كان متوقعاً، أدى الإعلامي السعودي تركي الدخيل اليمين أمام الملك سلمان بن عبدالعزيز لتولي منصبه الجديد في عالم السياسة عبر تقلده منصب سفير المملكة الجديد في الإمارات التي تربطه علاقات وثيقة بولي عهد أبوظبي والحاكم الفعلي للبلاد الشيخ محمد بن زايد.
المنصب الجديد للدخيل يراه البعض تكريماً لدوره في الدفاع عن وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عقب اغتيال الصحفي البارز جمال خاشقجي في مقر القنصلية السعودية بإسطنبول، من خلال مقالاته وتغريداته التي تجاهلت الجريمة النكراء التي وقعت بحق "الصديق"، كما كان يقول في إشارة إلى خاشقجي، وأيضاً الدفاع المستميت عن محمد بن سلمان.
من هو تركي الدخيل؟
كان الدخيل كاتباً في صحيفة "الوطن" السعودية التي ترأسها صديقه الصحفي الإصلاحي جمال خاشقجي لفترة وجيزة منذ سنوات، قبل أن يشحذ قلمه ضمن كتيبة المدافعين عن المملكة قبل أشهر، إبان إنكارها مسؤولية ولي عهدها محمد بن سلمان عن مقتل صديق الأمس في مقر دبلوماسي سعودي.
الدخيل يعد أحد المقربين من ولي العهد، والذي لم يكن له علاقة من قبل بالدبلوماسية السعودية وسُلّمها، غير أنه صعد الأحد الماضي في مفارقة تأتي بعد أيام من اتهامات نفاها بشدة لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تتحدث عن معلومات استخباراتية عن وجود مكالمة له مع محمد بن سلمان في 2017 يخبره وليّ العهد فيها بأن سيناريو نهاية خاشقجي بـ"رصاصة" وارد إن لم تتوقف انتقاداته.
تشرفت بأداء القسم أمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله قبل قليل، سفيرا لبلادي العظيمة المملكة العربية السعودية في دولة الإمارات الشقيقة. اسأل الله أن يجعلني عند حسن ظن قيادتنا وأن يوفقني لخدمة ديني ومليكي ووطني والشعب السعودي العظيم. pic.twitter.com/u3sC7ZEb9B
— #تركي_الدخيل (@TurkiAldakhil) February 10, 2019
وتزداد المفارقة إذ يأتي الدخيل (45 عاماً) سفيراً للإمارات التي أشاد بسماحتها، قبل أيام، بعد نحو 4 أشهر من أنباء عن لوم سعودي له لعدم قدرة قناة "العربية" السعودية التي يترأسها أن تكون على مستوى تغطية حدث مقتل صديقه خاشقجي، الذي أوقع المملكة في فخ أزمة دولية.
ورغم مفارقة صعود الدخيل لسلم الدبلوماسية عبر بوابة مقتل الصديق خاشقجي، فإنه لم يعلق -وفق مطالعة حسابه عبر "تويتر"- عما أثير من أنباء عن اختفاء صديقه في قنصلية المملكة في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018، وبدأ يشير بعد نحو أسبوع لتغطية قناة العربية لعلاقة قطر بحادث اختفاء صديقه، وهي تغريدة حازت انتقادات آنذاك لبطء الدفاع عن المملكة في هذا الملف.
ولفظ "الصديق"، بإقرار من الدخيل نفسه، إذ ذكر في مقال له في 10 يوليو/تموز 2013، في صحيفة "الرياض" السعودية مشيداً بالصديق وطرحه الداعم للمملكة، قائلاً: "الصديق أبوصلاح جمال خاشقجي صدر له هذا الشهر كتابه المهم (احتلال السوق السعودي) قال فيه خاشقجي كلاماً مهماً عن السوق السعودي الكبير الواسع، وناقش فيه مشكلات كبيرة ومعقدة ومتشابكة".
الدخيل يدافع عن المملكة
هذه الصداقة أو الإشادة أجلت الترحم عبر تويتر على خاشقجي قليلاً، إذ خرج الدخيل في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2018، بمقال نشر آنذاك في عدة مواقع وصحف سعودية متوعّداً واشنطن بـ 30 إجراء يمسّ اقتصادها وسياساتها إن فرضت عقوبات على الرياض، على خلفية مسؤوليتها عن مقتل الصديق خاشقجي، الذي لم يذكره لمرة في هذا المقال.
قبل أن يتذكر الدخيل "الصديق" خاشقجي، بالترحم بمقال "جمال أبناء جمال"، في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، في سياق الاستدلال بتصريحات نجلي الراحل عن والدهما وثقتهما بالمملكة، مشيداً بالملك سلمان وولي عهده، وقدرة بلاده على تجاوز الخصوم والشائعات.
ولم تمر أشهر قليلة حتى ودّع الشهر الماضي رئاسة قناة العربية دون أن تتركه سيرة خاشقجي، إذ راجت تقارير إعلامية حول أنها إقالة بسبب إدارة ملف خاشقجي بالقناة، في مقابل رأي أنها تكريم ومعرفة بقدرات الرجل الإعلامي الموهوب، ولقربه من البلاط الملكي.
وقال الدخيل عبر تويتر الأحد الماضي: "تشرفت بأداء القسم أمام الملك سلمان، سفيراً لبلادي العظيمة السعودية في دولة الإمارات الشقيقة، أسأل الله أن يجعلني عند حُسن ظن قيادتنا وأن يوفقني لخدمة ديني ومليكي ووطني والشعب السعودي العظيم".
يذهب الدخيل إلى الإمارات المقربة إليه والذي يشيد بها كثيراً، بعد أشهر من انتقاده قطر أحد أطراف الأزمة الخليجية، ومحاولة ربط اسمها بقضية خاشقجي، قبل أن تعترف المملكة بتفاصيل مقتل خاشقجي، دون أن تعلن مكان جثته للآن.
في هذه الأجواء التي تحيط بالدخيل، نعته مؤيدون له بصفات أوردها موقعه الإلكتروني بينها: "الصحفي الأنيق والمهني الإنسان، والرجل الواقف في كل المراحل، وسيد الحوار السفير القادم من بوابة صاحبة الجلالة مرتدياً مشلح الدبلوماسي، وخلطة فريدة، ومعرفة تثريك، ولا يستكين ولا يهدأ حتى يصل، ونسخة لا تتكرر، ورجل أخطبوط يملك أكثر من ذراع لبلوغ المراد".
خصوماته السياسية
والدخيل ذو خلفية دينية، حيث درس في جامعة الإمام محمد بن سعود، كلية أصول الدين، قسم السنة، وحاصل على درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية عام 2011، وله خصومة مع تيار الإسلام السياسي، وسط اعتراف كرره مراراً بأنه بدأ حياته متشدداً في الدين.
وله ميراث إعلامي ثقيل، إذ عمل في الصحافة منذ عام 1989، واحترفها عام 1994، وبعد 4 سنوات زار كابول، في رحلة صحفية، وأصدر بعدها بسنوات كتابه "كنت في أفغانستان" عام 2008، مستعرضاً تفاصيل النزاع بين الفرقاء الأفغان، بخلاف عمله وتأسيسه لمواقع إلكترونية، وعمله كمدير عام قناتي العربية والحدث منذ يناير/كانون الثاني 2015 حتى يناير/ كانون الثاني 2019
ويكتب مقالات بشكل مستمر في كبرى الصحف السعودية، وأفاد موقعه الإلكتروني بأنه في اعام 2007، و2010، و2011، و2012 اختارته مجلة "آريبيان بزنس" ضمن أقوى 100 شخصية عربية مؤثرة.