التقدم أهم أم التراث؟ عُمان تبني فنادق فاخرة بدلاً من المنازل التقليدية وأهلها يرفضون الرحيل!

عربي بوست
تم النشر: 2019/02/05 الساعة 13:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/03/30 الساعة 18:08 بتوقيت غرينتش

معضلة جديدة يعاني من العُمانيون وهي متعلقة بتراث البلاد، بعدما بدأت الحكومة في إقامة فنادق سياحية فاخرة في المناطق على حساب المنازل التقليدية التي باتت جزءاً من تاريخ السلطنة.

موقع Middle East Eye البريطاني قال إن الحكومة تبني فنادق ومراكز للتراث، لكن سكان المحافظات العمانية شاهدوا منازلهم التقليدية وهي تُهدم. ويرفض بعضهم الرحيل.

مدينة صلالة العمانية/ موقع ميدل إيست آي
مدينة صلالة العمانية/ موقع ميدل إيست آي

وبحسب الموقع البريطاني فإن أصحاب هذه المنازل يقولون إن التقدم أمر حتمي. ولكن ما هو الثمن الذي يأتي به؟ لقد تطورت عُمان بسرعة في العقود الأخيرة، وحاولت الحكومة إيجاد طرق لإقناع هذه الفئات بأن التغيير يصبّ في مصلحتهم.

وقد طال التغيير والهدم الواجهة البحرية القديمة في صلالة جنوب عُمان عام 2015. وكان ذلك كله جزءاً من خطة لإنشاء مركز سياحي جديد على طول الشاطئ الخلاب.

ولكن كان هناك مقابل. إذ تطلب التطوير هدم واجهة "الحافة" البحرية القديمة، حيث عاش التجار والعائلات التي تمتهن الصيد لأجيال، والذين لم يكن الكثير منهم متحمسين للتخلي عن منازلهم.

الواجهة البحرية تغيرت

وشهدت المرحلة الأولى من التطوير هدماً لعدد كبير من المنازل على الواجهة البحرية  عام 2015، ما أثار استياءً كبيراً بين بعض السكان المحليين في صلالة.

وخلال زيارة للمنطقة العام الماضي شاهد Middle East Eye ما تبقى من واجهة "الحافة" البحرية المهدمة، وهو عبارة عن مجموعة من المباني التي تحولت إلى أطلال ومحاطة بسياج يفصلها عن الطريق والشاطئ.

وقال سيد، وهو مرشد سياحي عماني: "حتى الآن، حاولت الحكومة الاستيلاء على منطقة الحافة والشاطئ لإعادة تطويرهما. وسوف يبنون فنادق وفيلات، ويؤجرون المنازل التاريخية".

مدينة صلالة العمانية/ موقع ميدل إيست آي
مدينة صلالة العمانية/ موقع ميدل إيست آي

ومنذ ذلك الحين، بُني عدد من مشاريع التطوير والفنادق الفاخرة، ولكن الأمر لم يمر دون المشاكل، بحسب الموقع البريطاني.

وأضاف سيد أن العديد من العائلات المحلية، بما في ذلك أولئك الذين كانت لديهم أعمال تجارية في سوق الحافة القديم، لم يكونوا مستعدين لبيعها.

وأوضح المرشد السياحي: "اتصلت الحكومة بوالدي وقالت وافنا إلى هنا من فضلك ووقع عقد بيع منزلك". إذ لدى والده ممتلكات في البلدة القديمة.

وكشف أن الحكومة عرضت على السكان الأموال والأراضي في مكان آخر مقابل ممتلكاتهم. إذ إن المدينة القديمة بأكملها مخصصة لتكون جزءاً من المشروع السياحي.

وقال سيد: "إنهم يعتقدون أن المسنين أغبياء".

مدينة صلالة العمانية/ موقع ميدل إيست آي
مدينة صلالة العمانية/ موقع ميدل إيست آي

إذ اتصل مسؤول حكومي بأبيه المسن عام 2016 وطلب منه بيع ممتلكاته في السوق.

وأكد المرشد السياحي أن شقيقه تحدث في الهاتف وقال: "نحن مسؤولون عن والدي، إذا كنت تريد التحدث فتحدث إلينا. وبعد مضي عامين لم يتصلوا بنا ثانية إلى الآن".

وقال: "يعد منزلنا منزلاً تجارياً. ويمكننا تأجيره بمبلغ 5000 أو 6000 ريال (حوالي 12 أو 16 ألف دولار) سنوياً. لقد عرضوا علينا 100 ألف ريا ل(حوالي 260 ألف دولار) لشرائه. يجب أن يعرضوا تعويضاً بمبلغ أكبر بكثير".

هدية السلطان

وقال سيد إن البيت كان هدية خاصة من والدة السلطان قابوس بن سلطان إلى الأسرة، عندما كان يعيش الحاكم المستقبلي في صلالة قبل أن يخلف والده عام 1970. ولا يستطيع Middle East Eye التحقق من ذلك بشكل مستقل.

تبلغ مساحة المحور الرئيسي لمشروع واجهة الحافة البحرية، الذي يفترض أن يمتد على مساحة 4,5 كلم من شاطئ المحيط الهندي، 120 ألف متر مربع "قرية التراث". ومن المفترض أن يبرز هذا التطور "التراث البحري والثقافي الغني في صلالة"، وفقاً لموقع الدعاية للمشروع على الإنترنت.

مدينة صلالة العمانية/ موقع ميدل إيست آي
مدينة صلالة العمانية/ موقع ميدل إيست آي

ومع ذلك، أي ثراث سيبقى إذا كان لا بد من هدم سوق الحافة القديم، الذي كان قائماً منذ قرون؟ بالنسبة لسيد، فإن المشروع لا علاقة له بما يريده السكان المحليون، ولا يمكن التخلص بسهولة من أولئك الذين يعارضون البيع.

وقد عاد مصور عُمان المخضرم جيرزي فيرزبيسكي إلى منطقة الحافة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وقال لموقع Middle East Eye: "لا يزال السوق على ما يرام. لكنني رأيت أن المباني الواقعة على الواجهة البحرية قد سويت بالأرض".

هذه الصور، إذاً، هي كل ما تبقى من الواجهة البحرية القديمة المهدمة في الحافة.

تحميل المزيد