مر أكثر من عام منذ أن وافق كبار المسؤولين الفلسطينيين على اللقاء بممثل لإدارة ترامب أو حتى الحديث معه، لكن يبدو أنَّ المبعوث الخاص لترامب للمفاوضات الدولية، جيسون غرينبلات، قد تبنى قناة دبلوماسية جديدة ألا وهي تويتر.
وبحسب ما نقلت صحيفة The Washington Post الأمريكية فإنَّ غرينبلات، على مدار الأسابيع القليلة الماضية، كان يغرد أفكاره، وطلباته وانتقاداته لأولئك الدبلوماسيين الفلسطينيين النشطين على منصات مواقع التواصل الاجتماعي.
وبدا غرينبلات، خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، مصمماً على تأكيد قناته الدبلوماسية الجديدة، إذ كتب: "من قال إنَّ الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية لا تتكلمان؟ إنَّ الفارق الوحيد الآن أننا نتحدث عن هذه الموضوعات في العلن من خلال تويتر لكي يتسنى للعامة فهم مواقف الجميع، إنَّ الشفافية أفضل للجميع".
And who says the U.S. and the P.A. aren't talking? The only difference now is that we are speaking about these matters in public via twitter so the public can understand everyone's positions. Transparency is better for all.
— Jason D. Greenblatt (@jdgreenblatt45) February 1, 2019
منذ شهر ديسمبر/كانون الأول من العام 2017، عندما أعلن ترامب أنه سوف يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب -وهي خطوة مثيرة للجدل إلى حد كبير واعتبرها الفلسطينيون جائرة- رفض القادة ومفاوضو السلام من الجانب الفلسطيني جميع التحركات الدبلوماسية الأمريكية.
دبلوماسية التغريد
تقول الولايات المتحدة إنها قد حققت تقدماً فيما وصفه ترامب ذات يوم بأنه "صفقة القرن" لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود. وخلال الأسابيع الأخيرة، كان ثمة تكهنات بأنَّ خطة السلام بعيدة الاحتمال هذه سوف يُكشف النقاب عنها في أعقاب الانتخابات العامة في إسرائيل، التي سوف تنظم في التاسع من شهر أبريل/نيسان. ومع ذلك، فلم يكن ثمة أي إشارة رسمية لذلك.
في الواقع، لم يكن ثمة الكثير من المؤشرات حول أي مظهر من مظاهر هذه الخطة الغامضة، وقد نفى غرينبلات فوراً أي إشارة لما يمكن أن تشتمل عليه هذه الخطة.
وقد كان مثل هذا الإنكار هو ما أدى إلى إطلاق هذه الجولة الأخيرة من "دبلوماسية تويتر" في الـ17 من شهر يناير/كانون الثاني.
وقال الصحفي الإسرائيلي، باراك رافيد، في تقرير وتغريدة إنَّ لديه بعض التفاصيل حول خطة السلام الغامضة هذه. لم يقل شيئاً غير متوقع، وإنما بعض المبادئ الأساسية فحسب.. لكنَّ تقرير رافيد أثار رداً فورياً من غرينبلات، الذي قال:
"مع أنني أحترم باراك رافيد، فإنَّ تقريره للقناة الـ13 الإسرائيلية ليس دقيقاً. إنَّ التكهنات حول محتوى الخطة ليست مما يفيد، عدد قليل للغاية من الناس على سطح الكوكب يعرفون ما تحتوي عليه هذه الخطة.. حتى الآن".
"المصداقية الأمريكية تساوي صفراً"
بعد ذلك ببضعة أيام، بينما ناقش مستخدمو تويتر ما قد يكون دقيقاً في النقاط التي أثارها رافيد، وما قد لا يكون كذلك -وناقشوا كذلك رفض غرينبلات- غردت حنان عشراوي، أحد أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، قائلة:
"تحتاج إلى الكثير من الحذر لكي نصدق أي تسريب من مصادر إسرائيلية، لا سيما في سياق الخطابات الانتخابية. وعلى أي حال، فقد نفى غرينبلات هذا الأمر بشدة. الأمر مجرد افتراضات ورنجة حمراء للتشتيت والإلهاء، إنَّ مصداقية الإدارة الأمريكية تساوي صفراً".
ويبدو أنَّ "تعليق المصداقية" هذا قد أغضب واشنطن، إذ رد غرينبلات على الفور: "حنان عشراوي، ربما تكرهين سياساتنا وقراراتنا، لكن أن تقولي إنَّ مصداقيتنا تساوي صفراً، فهذا ببساطة ليس أمراً حقيقياً. لقد حافظ رئيس الولايات المتحدة الأمريكية على التزاماته، مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إلى القدس".
وتبع هذه الرسالة خيط طويل بدا أنه يسلط الضوء على "خيبة أمل إدارة ترامب في القيادة الفلسطينية" لرفضها المستمر لقاء مسؤولين أمريكيين أو التحدث معهم.
هل تعادي واشنطن السلطة الفلسطينية؟
منذ نقل السفارة الأمريكية إلى القدس أواخر شهر مايو/أيار، زادت الإدارة من استعداء الفلسطينيين من خلال قطع جميع سبل المساعدة والتمويل تقريباً، حتى إلى درجة يبدو معها شريان الحياة المالي الذي يدعم قوات الأمن الفلسطينية -التي تساعد الإسرائيليين في ضبط الحالة الأمنية بالضفة الغربية- على وشك الانتهاء هو أيضاً.
وقد سلط نبيل أبو ردينة، المتحدث الرسمي باسم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الضوء على هذه المسألة الخلافية يوم الجمعة الأول من فبراير/شباط. إذ قال إنَّ هذا القطع للتمويل سوف يكون ذا أثر سلبي على الجميع ومن شأنه أن يزيد من عدم الاستقرار.
Disingenuous quote from Nabil Abu Rudeineh, spokesman for Palestinian President Abbas: "The suspension of aid to our people, which included critical sectors such as health and education, will have a negative impact on all, create a negative atmosphere, and increase instability."
— Jason D. Greenblatt (@jdgreenblatt45) February 1, 2019
ورد غرينبلات بشكل شبه فوري.. لكن على تويتر: "اقتباس ماكر من طرف أبو ردينة، المتحدث الرسمي للسلطة الفلسطينية: "إنَّ تعليق المساعدة لشعبنا، التي تتضمن قطاعات حرجة مثل الصحة والتعليم، سوف يكون ذا أثر سلبي على الجميع، ويخلق مناخاً سلبياً ويزيد من عدم الاستقرار".
وتبعت ذلك سلسلة طويلة من التغريدات التي تشرح سبب قطع المعونات من وجهة النظر الأمريكية، وقال غرينبلات إنَّ ذلك يعود في أغلبه إلى رفض الفلسطينيين تحمل المسؤولية والانخراط في التغيير. قائلاً: "يا سيد أبو ردينية: لقد حان وقت الجدية، إما أن تعمل من أجل السلام أو تساعد الفلسطينيين. إنَّ الرسائل والوسائل القديمة لم تعد ذات نفع. لن تنفع مع الولايات المتحدة، ولا مع الكثير من الدول الأخرى. إنها مسألة وقت قبل أن تقول دول أخرى الأمر ذاته بصوت عال".
السجال "الدبلوماسي" على تويتر يروق لمستشار ترامب
وسلط غرينبلات الضوء على تعليقات أدلى بها مؤخراً قادة فلسطينيون بارزون كانوا شديدي الانتقاد للولايات المتحدة، انتهاءً بحنان عشراوي، التي يبدو أنها انتقدت المستشار الأمريكي بسبب هذا النمط الجديد من الدبلوماسية على الإنترنت، إذ قالت:
"إنَّ دبلوماسية/سياسة تويتر هي انتصار العقول الضيقة، والعقول الضعيفة، ومدى الانتباه الضئيل، وهو ما يمنع التفاعلات التحليلية/النقدية العميقة والمسؤولة، التي تكون نزيهة وملتزمة بالسياق وذات بصيرة. إننا نشهد التداعيات العالمية لهذا الفشل".
The instant gratification of a tweet can never be a substitute for a serious engagement in search of genuine solutions. Those who think they're transmitting knowledge, political solutions or negotiating positions via Twitter are "engaged" only in self deception.
— Hanan Ashrawi (@DrHananAshrawi) February 2, 2019
ورد غرينبلات على ذلك بالقول:
"د.عشراوي، إنَّ بابي مفتوح دوماً للحديث مع السلطة الفلسطينية والفلسطينيين. في الواقع، لقد التقيت بالكثير من الفلسطينيين على مدار الشهور الـ14 الماضية، وما زلت أفعل ذلك. يسعدني أن ألتقي بكم في أي وقت. أنت وصائب وجميع زملائك مرحب بكم دائماً لزيارتي في البيت الأبيض للحديث بشكل شخصي".