فيما تهم دول عربية عدة لعودة علاقتها مع النظام السوري، وافق مجلس النواب الأمريكي على قانون بالإجماع، على قانون "سيزر" أو القيصر لفرض عقوبات على أي دولة تتعامل مع بشار الأسد.
قبل نهاية عام 2018، بقليل كانت الدول العربية تهرول نحو عودة علاقاتها مع النظام السوري، بعدما أحكم الأسد، بدعم روسي وإيراني، سيطرته على أغلب المدن، عدا إدلب التي مازال يتمترس فيها المعارضون بشقيهما المدني والعسكري.
لكن في حال إذا ما وافق مجلس الشيوخ الأمريكي على القانون الذي أقره "النواب"، بنسخته المعدلة الأسبوع الماضي بموافقة 55 نائباً فيما عارضه 43 آخرون، وامتنع البقية عن التصويت، قد يهدد بالأساس حلفاء النظام السوري روسيا وإيران، لكن في الوقت ذاته قد يكون إنذاراً لدول عربية مثل الإمارات التي أعادت فتح سفارتها في دمشق هي والبحرين، والسعودية، التي تحاول لعب دور جديد في سوريا بعدما فات الأوان.
ما هي تفاصيل هذا القانون؟
إن القانون الذي ينتظر موافقة مجلس الشيوخ حتى يصبح سارياً ليس بجديد، فقد تم تقديمه أول مرة عام 2014، وأثناء حكم الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، لكن الجديد في هذه المرة هو ما يتعلق بالفترة الزمنية التي وصلت إلى 10 سنوات من العقوبات على المتعاونين مع النظام السوري بدلاً من عامين.
وتمت تسمية القانون بهذا الأسم نظراً للمعارض الذي انشق عن نظام الأسد، وقام بتهريب عشرات الآلاف من صور الأشخاص الذي تعرضوا للتعذيب حتى الموت في سجون النظام.
أولاً: فرض عقوبات أمريكية على النظام السوري والدول التي تدعمها مثل إيران وروسيا لمدة 10 سنوات، في مجالات الطاقة والأعمال والنقل الجوي. أو قطع غيار الطائرات التي تمد بها الشركات مؤسسة الطيران التابعة للنظام، أو من يشارك في مشاريع البناء والهندسة التي يقوم بتنفيذها النظام، أو التي تدعم صناعة الطاقة في سوريا.
ثانياً: فرض عقوبات جديدة على أي شخص أو جهة يتعامل مع الحكومة السورية، أو يوفر لها التمويل، أو يتعامل مع المصارف الحكومية، بما فيها المصرف المركزي السوري.
ثالثاً: يستثني هذا القانون المنظمات غير الحكومية العاملة في سوريا، ويمنح ترامب دوراً في وضع خطة فيما يتعلق بتسليم المساعدات الإنسانية للسوريين المحتاجين.
رابعاً: ويسمح القانون بتعليق العقوبات في ظل عدد من الشروط، بما في ذلك إذا ما توقف النظام السوري وحلفاؤه عن قصف المراكز المدنية، أو إطلاق سراح السجناء السياسيين. كما يمكن تعليق العقوبات إذا اتخذ النظام السوري "خطوات قد تحقق محاسبة مرتكبي جرائم الحرب في سوريا وتحقيق العدالة لضحاياه، بما في ذلك المشاركة في عملية مصالحة مستقلة وذات مصداقية".
-
القانون يهدد مشروعات الإعمار
القانون جاء في الوقت الذي يسعى فيه النظام السوري إلى فتح أبواب بلاده إلى المستثمرين بغرض إعادة الإعمار، وركزت الخطط التي وضعها للإعمار بشكل كبير على المناطق التي دمرتها القنابل السورية والروسية، مثل أجزاء من دمشق وحمص، وليست مدناً مثل الرقة، التي قام التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بالارتباك في قتالها ضد الدولة الإسلامية، كما يذكر موقع theintercept الأمريكي.
وقالت الحكومات الغربية إنها لن تساهم في جهود إعادة الاعمار إلى أن يتم إحراز تقدم نحو تسوية سياسية للحرب. فرض الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع جولة جديدة من العقوبات على رجال الأعمال والكيانات الذين يتعاملون مع نظام الأسد.
-
البيت الأبيض يدعم القانون
في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أصدر البيت الأبيض بيان تأييد لمشروع القانون في هذا الوقت قائلاً: "سيساعد مشروع القانون هذا على توفير المزيد من النفوذ لتحقيق أهداف حكومة الولايات المتحدة لتهدئة الحرب في سوريا ودعم عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة، والانتقال إلى حكومة في سوريا تحترم إرادة الشعب السوري.
-
كيف سيؤثر على روسيا؟
الوقت الذي أصدر فيه مشروع القانون يثير الانتباه بشأن الموقف الروسي من هذا القانون، حيث كانت تخطط موسكو إلى إعادة تأهيل نظام بشار الأسد ضمن ما يسمى بإطار المجتمع الدولي ومحاولة إعادته إلى سلطة يمكن التعاون معها، خرج مشروع هذا القانون، مما يعني توجيه ضربة كبيرة إلى موسكو وحلفائها وإفشال هذه الخطة.
أيضا في حال إقراره فإن الموقف الروسي والإيراني في دعم النظام السوري على الأرض قد يتأثر بشكل كبير، مما قد يتسبب في فرض عقوبات أمريكية علي طهران وموسكو إذا ما استمر ما يقدمانه إلى النظام السوري.
وحصل مشروع القانون على أول إقرار بمجلس النواب الأمريكي، في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وينص على معاقبة كل من يقدم الدعم لنظام، ويلزم رئيس الولايات المتحدة بفرض عقوبات على الدول الحليفة للنظام.
-
كيف سيؤثر القانون على دول عربية!
خلال الأسابيع الماضية تكرر الحديث عن رغبة عربية في عودة سوريا إلى "الحضن العربي"، بعدما تمكن النظام السوري من إعادة السيطرة على أغلب المدن، ما عدا إدلب والمنطقة التي يسيطر عليها الأكراد شمالي البلاد، هذه الرغبة العربية عبرت عنها بعض دول الخليج مثل الإمارات والبحرين بعودة عمل سفاراتها في دمشق مرة أخرى.
أما بالنسبة للمملكة العربية السعودية فكانت حذرة في تصريحاتها حيال عودة العلاقات بشكل مباشر مع النظام السوري، لكن اشترطت الرياض تقويض النفوذ الإيراني في سوريا مقابل عودة العلاقات والمشاركة في إعادة الإعمار، لكن في حال صار هذا القانون سارياً فإن على كل من الإمارات التي كانت تخطط هي الأخرى للاستفادة من الإعمار في سوريا، والسعودية أيضاً، إعادة حساباتها خوفاً من إغضاب الحليف الأمريكي الهام.
أيضا فإن مصر هي الأخرى قد تتأثر إذا ما أصبح هذا القانون سارياً، خاصة في ظل الحديث المتكرر عن مساعدة مصر للنظام السوري بتقديم أسلحة وذخيرة ومشاركة جنود أيضاً في المعارك التي كانت مشتعلة في سوريا، لكن الآن قد يكون موقف القاهرة مختلفاً.
أيضاً التنسيقات الأمنية بين مصر والنظام السوري تحت ذريعة "الإرهاب الأسود" الذي يواجه البلدين، والمحادثات المتكررة بينهما وآخرها تلك التي دارت في القاهرة بين علي مملوك رئيس جهاز الأمن القومي السوري وخالد فوزي نائب رئيس جهاز الأمن الوطني في مصر، بعد دعوة الجانب المصري لتلك المحادثات، قد تندرج في إطار التعاون مع النظام السوري مما يهدد العلاقات بين واشنطن والقاهرة وقد يتسبب في سقوط مصر في فخ العقوبات الأمريكية.