يوم الجمعة الماضي 25 يناير/كانون الثاني اتهم شاب "بتسهيل القيام بنشاطٍ إرهابي" في شرق أونتاريو بكندا، ومحاولة إقناع صديقٍ له، وهو لاجئٌ سوري، بزرع قنبلة في مكانٍ عام. أُطلقَ سراح اللاجئ رُغم احتمالية وجود تُهمٍ مُوجَّهةٍ ضدَّه.
لم تُحدَّد هوية الشاب المُتهم في القضية، لكنَّ هيئة الإذاعة الكندية ووكالة أنباء Canadian Press عرَّفت صديقه بكونه حسام الدين الذهبي (20 عاماً)، وهو واحد من 52 ألف لاجئ سوري ممَّن قدموا إلى كندا.
لكن بحسب تقرير لصحيفة The New York Times الأمريكية، فإن هذه الاعتقالات إثارة موجة من التساؤلات حول موقف كندا من احتضان اللاجئين السوريين، مما تسبب في حدة انتقاد المعارضة للموقف الحكومي من الأوضاع في سوريا.
واجَهَ رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، الذي جعل إعادة توطين السوريين على رأس قائمة أولويات حكومته، أسئلةً يوم الجمعة الماضي حول انفتاح كندا تجاه اللاجئين.
احتمالية وقوع ردود فعل عنيفة ضد اللاجئين
ورُغم أنَّه ليس معروفاً سوى القليل بشأن مُخطط التفجير، فرُبما يُفضي هذا إلى إثارة ردود فعلٍ عنيفة ضد اللاجئين على غرار ما حدث في ألمانيا، التي قبلت كذلك أعداداً كبيرة من طالبي اللجوء.
ويأمل زعماء حزب المُحافظين الكندي في جعل سياسات ترودو المُتعلِّقة بالهجرة قضيةً تُطرح في الانتخابات البرلمانية لهذا العام 2019، ورُبما يُشكِّل هذا الحدث انطلاقةً لهم.
ورُغم أنَّ أندرو شير، زعيم حزب المحافظين، لم يذكر اسم الذهبي صراحةً وكذلك لم يبحث خلفيته، لكنَّه قال في بيانٍ له إنَّ الاعتقالات تُظهر بوضوحٍ أنَّ "عملية فحص اللاجئين في كندا تستلزم ضروة النظر إليها بجدية".
وأضاف: "علِمنا في الآونة الآخيرة بعدة أمثلة لأفراد خطرين يدخلون البلاد لأسبابٍ من بينها إجراءات الفحص المُتراخية".
ومن جانبه رفضَ رالف غوديل، وزير السلامة العامة في حكومة ترودو، تصريحات زعيم المُعارضة، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وقال غوديل للصحفيين: "بطريقةٍ ما هو يعرف بالفعل أو يفترض نتيجة تحقيق الشرطة. دعنا نتقصَّى الحقائق أولاً ثم سُنحدد الإجراء المناسب".
وحتى في ظل المعايير الصارمة التي فرضتها شرطة الخيالة الكندية الملكية، لم يُعلن في يوم الجمعة الماضي سوى عن عددٍ قليل من الحقائق بشأن المؤامرة والأشخاص الذين أعلنت الشرطة تورطهم فيها.
وفي مؤتمرٍ صحفي، قال مسؤول من الشرطة الكندية، وهو كبير مُراقبي الشرطة مايكل ليساج، إنَّ قوات الشرطة تلقت معلومة سرية من مكتب التحقيقات الفيدرالي في أواخر ديسمبر/كانون الأول تُفيد بأنَّ مُخططاً إرهابياً يحدث في مدينة كينغستون. واستُقدم حوالي 300 شخص وطائرة استطلاعٍ خاصة تُحلق على ارتفاعٍ مُنخفض للمساعدة في التحقيق، وأثارت الطائرة الفضول والانزعاج بين العديد من الناس في المدينة.
مؤامرة محتملة!
فيما قال المُشرف بيتر لامبرتوتشي من الشرطة الكندية، والذي يرأس إحدى وحدات مكافحة الإرهاب في أوتاوا، إنَّه على الرغم من أنَّ الذهبي وصديقه طوَّرا "خطة هجوم"، لم يكن لديهما هدفٌ أو موعدٌ مُحدد. وفي حين صادرت الشرطة مُعدات يُمكن أن تكون عناصر مكوِّنة للقنبلة، قالوا إنَّ المُتهمينِ لم يصنعا واحدة. وكذلك لن تجيب الشرطة عن أسئلةٍ حول وجود دافع أو أيديولوجية مُحتملة تدعم المؤامرة.
أصبح موقف كندا الترحيبي إزاء اللاجئين من الحرب الأهلية الدائرة في سوريا، التي تقترب من عامها الثامن، رمزاً قوياً على انفتاحها كدولة.
وفي عام 2017، كتب ترودو تغريدةً شهيرة قال فيها إنَّ كندا مُستعدة للترحيب "بأولئلك الفارِّين من الاضطهاد والإرهاب والحرب". جاء هذا التصريح بعد اتجاه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى حظر المسافرين القادمين من الدول ذات الأغلبية المُسلمة، وبدا مُتعمِّداً عرض احتضان كندا للاجئين كنقطةٍ مُقابلة لموقف حكومة ترامب.
ومن جانبه، قال أليكس بيرسون، المدير التنفيذي لكنيسة كندا الأنجليكانية في أونتاريو، إنَّ مجموعة مكونة من أربع كنائس في كينغستون رَعت عائلة الذهبي. ولأسبابٍ تتعلَّق بالخصوصية، رفض بيرسون الإفصاح عن موعد وصول عائلته إلى كندا، غير أنَّه كان منذ أكثر من عامٍ.
ويُشير تقريرٌ سنوي صادرٌ من إحدى الكنائس إلى أنَّ الذهبي وصل من الكويت مع والده أمين الذهبي ووالدته وثلاثة من إخوته بعد أن دُمِّر منزلهم في دمشق بسوريا. وذُكِرَ في التقرير أنَّ أمين الذهبي سُجِنَ لأسبابٍ سياسية، و"سيكون مُعرضاً للاعتقال واتخاذ "التدابير القُصوى" في حال عاد وعائلته إلى موطنه".
وجاء في بيانٍ مُشترك صادر عن الكنائس الأنجليكانية والكاثوليكية أنَّها تدعم الشرطة في التحقيق، وأنَّ "شواغلنا وأفكارنا وصلواتنا كلها من أجل كينغستون والمنطقة المحيطة، والمجتمعات الدينية المعنية، والعائلة، وكافة المُتضررين من هذا الوضع المؤسف".
والده يرفض فكرة الهجوم الإرهابي
وعلى الجانب الآخر، صرَّح أمين الذهبي لهيئة الإذاعة الكندية بأنَّ ابنه أحبَّ كندا والأمان الذي منحته لعائلته، ورفض فكرة أنَّه كان يُخطط لهجومٍ إرهابي.
وقال للإذاعة: "أنا أثق في ولدي. وأعرف أنَّه لا يمكنه فعل أي شيءٍ يسيء لأي إنسان".
ذكر تقريرٌ حكومي صدر في العام الماضي 2018 بشأن التهديدات الإرهابية لكندا أنَّ التهديد الرئيسي ينبع من الأفراد أو الجماعات المتأثرة بتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) أو تنظيم القاعدة. وكانت الدولة قلقة أيضاً من التهديدات التي يُشكلها المتطرفون اليمينيون.
ومنذ أكتوبر/تشرين الأول عام 2014، ظلَّ مستوى الإرهاب الوطني في كندا "متوسطاً"، بما يعني احتمالية حدوث هجماتٍ إرهابية عنيفة. ومن جانبه قال غوديل، وزير السلامة العامة، يوم الخميس الماضي 24 يناير/كانون الأول، إنَّ الاعتقالات التي حدثت مؤخراً لم تُغير الكثير، بحسب الصحيفة الأمريكية.