قال المبعوث الأمريكي بأفغانستان، المسؤول عن المحادثات مع حركة طالبان الأفغانية، إنه تم إحراز "تقدم كبير" في المفاوضات الهادفة إلى إنهاء الحرب المستمرة بأفغانستان.
يأتي هذا بعد إعلان مسؤولين في حركة طالبان، أن مفاوضين أمريكيين وافقوا، السبت 26 يناير/كانون الثاني 2019، على مسودة اتفاق سلام ينص على انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان في غضون 18 شهراً، لينهي -على الأرجح- أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة.
المبعوث الأمريكي في أفغانستان يتحدث عن التقدم بالمحادثات
كتب زلماي خليل زاد، على "تويتر"، بعد 6 أيام من المحادثات مع "طالبان" في قطر: "الاجتماعات التي جرت هنا كانت مثمرة أكثر مما كانت في السابق. لقد أحرزنا تقدماً كبيراً بشأن قضايا حيوية".
وعلى مدى 6 أيام، عقد خليل زاد لقاءات مع مسؤولي "طالبان" في قطر. وقال إنه سيعود إلى أفغانستان، لبحث نتائج المحادثات.
وكتب على "تويتر": "سنبني على الزخم، ونستأنف المحادثات قريباً. لا يزال لدينا عدد من القضايا التي يجب أن نعمل عليها".
وأضاف: "لن يتم الاتفاق على شيء إلا إذا تم الاتفاق على كل شيء. ويجب أن يشتمل على حوار بين الأفغان ووقف إطلاق نار شامل".
3/3. Thanks to the Government of #Qatar for their constructive engagement and their facilitation of this round of talks. Particularly the Deputy PM and FM @MBA_AlThani_ for his personal involvement.
— U.S. Special Representative Zalmay Khalilzad (@US4AfghanPeace) January 26, 2019
ولم يكشف خليل زاد مزيداً من التفاصيل. إلا أن من بين المقترحات التي تم طرحها، سحب الولايات المتحدة قواتها مقابل ضمانات من "طالبان" بعدم إيواء أي متطرفين أجانب، وهو السبب الأول للغزو الأمريكي لأفغانستان.
وزير الخارجية الأمريكي: سمعنا أخباراً مشجعة
لاحقاً، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، في تغريدة، إنّه سمع "أخباراً مشجّعة" من خليل زاد.
وكتب بومبيو على "تويتر"، أنّ "الولايات المتّحدة جادّة في السعي إلى السلام، ومنع أفغانستان من الاستمرار في أن تكون مساحة للإرهاب الدولي وفي إعادة القوات إلى الوطن".
وأضاف أنّ "الولايات المتّحدة تعمل مع الحكومة الأفغانية وجميع الأطراف المعنيّة في سبيل تعزيز سيادة أفغانستان واستقلالها وازدهارها".
The U.S. is serious about pursuing peace, preventing #Afghanistan from continuing to be a space for international terrorism & bringing forces home. Working with the Afghan gov't & all interested parties, the U.S. seeks to strengthen Afghan sovereignty, independence & prosperity.
— Secretary Pompeo (@SecPompeo) January 26, 2019
ويسعى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى إنهاء أطول حرب أمريكية شنتها واشنطن عقب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، إذ أعلن أنه سيسحب نصف القوات الأمريكية في أفغانستان وقوامها 14 ألف جندي.
"طالبان" تتحدث عن تقدم
قال المتحدث باسم "طالبان"، ذبيح الله مجاهد، أنه رغم حدوث "تقدم" في أثناء اللقاءات، فإن التقارير عن التوصل الى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار وإجراء محادثات مع الحكومة الأفغانية "ليست صحيحة".
وأضاف أنه "نظراً إلى أن القضايا ذات طبيعة حساسة وتحتاج مناقشات شاملة، فقد تقرر استئناف المحادثات حول القضايا التي لم تُحَل في لقاءات مستقبلية مماثلة".
إلا أن قائداً بارزاً في "طالبان" أعرب عن تفاؤله بعد المحادثات مع خليل زاي، المولود في أفغانستان والذي أدى أدواراً دبلوماسية مهمة في أثناء إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش.
وصرح لوكالة الأنباء الفرنسية عبر الهاتف من باكستان، شرط عدم الكشف عن هويته: "لقد قبلت الولايات المتحدة العديد من مطالبنا، والطرفان متفقان بشكل كبير على نقاط أساسية، ولكن بعض النقاط لا تزال خاضعة للنقاش".
وأضاف: "نحن نتقدم إلى الأمام، وقد تحقق الكثير من التقدم حتى الآن… كما يتم بذل الجهود للتوصل إلى أرضية مشتركة لحل القضايا الخلافية المتبقية، ومن بينها الحكومة الأفغانية".
ورفضت حركة طالبان في السابق التعامل مع حكومة الرئيس أشرف غني المعترف بها دولياً.
ومؤخراً، أعرب عبد الله عبد الله، رئيس الوزراء الفعلي لأفغانستان، عن خيبة أمله بسبب استبعاد "طالبان" حكومة كابول، محذراً من أن عملية السلام "لا يمكن أن تتم عبر أطراف أخرى".
"طالبان" مسؤولة عن 28 قتيلاً في اليوم
كان غني صرح الخميس 24 يناير/كانون الثاني 2019، بأن 45 ألفاً من عناصر قوات الأمن الأفغانية قُتلوا منذ سبتمبر/أيلول 2014، أي ما يعادل أكثر من 28 قتيلاً في اليوم. ويقول محللون إن ذلك أسهم في انخفاض معنويات الجيش.
ويخوض غني، الانتخابات لإعادة انتخابه في يوليو/تموز 2019. ويتزامن موعد الانتخابات مع الفترة التي تكثف فيها "طالبان" هجماتها عادة بعد انتهاء فصل الشتاء.
ويعتبر طول المحادثات مع "طالبان" أمراً غير مسبوق، وهو ما يشير إلى أن الولايات المتحدة و"طالبان" تريان ضوءاً في آخر النفق.
وفي مؤشر على جدية المفاوضات، عيّنت "طالبان" أحد مؤسسيها، وهو الملا عبد الغني برادر، مديراً لمكتبها السياسي في الدوحة حيث تجري المحادثات.
وكان عبد الغني برادر الرجل الثاني في حركة التمرد الإسلامية، إذ ساعد الملا محمد عمر الذي توفي في 2013، في تأسيس "طالبان".
وتم توقيفه بباكستان في 2010، في عملية شكلت ضربة قوية للحركة كما رأى محللون حينذاك، وأفرج عنه في أكتوبر/تشرين الأول 2018، بعد لقاء أول في الدوحة مع خليل زاد، لم تؤكده واشنطن.
ورأى جو كيرنشيون، رئيس صندوق بلاوشيرز الأمريكي الذي يروج للسلام، أن عودة برادر مثال على نتائج الغطرسة خلال الحرب، مذكراً بأن برادر عرض تسليم نفسه عقب هجمات 11 سبتمبر/أيلول.
وكتب على "تويتر": "حينها رفضت إدارة بوش، وأرادت هزيمة طالبان وليس التفاوض معها. الآن عاد (برادر) ليبرم اتفاقاً وسيحصل على أكثر مما أراد بكثير".