هل أتعاطف مع الرئيس الفنزويلي مادورو في ظل الأحداث الراهنة أم لا؟ ولماذا انقلب عليه غوايدو؟

هل أتعاطف مع الرئيس الفنزويلي الحالي مادورو أم لا؟ هل بلاده في حالة اقتصادية جيدة؟ هل الديمقراطية الفنزويلية في حالة جيدة؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/01/25 الساعة 08:20 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/01/25 الساعة 15:03 بتوقيت غرينتش
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو ونظيره الأمريكي دونالد ترامب/Business Insider

لم يمر أكثر من يوم على الاضطرابات التي تشهدها فنزويلا إثر إعلان رئيس البرلمان الفنزويلي "خوان غوايدو" نفسه رئيساً للبلاد بديلاً عن الرئيس الحالي مادورو، وبمباركة قوى المعارضة ومساعدة عسكرية محدودة، وتأييد مجموعة من الدول على رأسهم أمريكا وكندا ومجموعة من الدول اللاتينية.

تدفق مؤيدو الرئيس الفنزويلي "نيكولاس مادورو" إلى شوارع العاصمة كاراكاس للتعبير عن غضبهم إثر تلك الانقضاضة على السلطة، والتي أتت بعدما  أدّى "مادورو" اليمين الدستوري للفترة الثانية بالانتخابات الرئاسية التي أعلنت مايو/أيار الماضي 2018 بفوزه.

ولكن الكثيرين اليوم يتساءلون عن الوضع في فنزويلا الآن. هل التطور الأخير هو تدمير للعملية السياسية في فنزويلا التي تعاني بالفعل منذ سنوات، وهل هو انقلاب على رئيس شرعي مُنتخب؟

فلنلق نظرة شاملة من كل الجوانب للخروج بالرأي المناسب.

 رئيس البرلمان الفنزويلي خوان غوايدو
رئيس البرلمان الفنزويلي خوان غوايدو

ما هي أسباب الأزمة الفنزويلية؟

تشهد فنزويلا منذ عام 2014 أزمة اقتصادية حادة، وانهياراً كبيراً في قيمة عُملتها متأثرة بانخفاض أسعار البترول الذي يعد مصدراً أساسياً للاقتصاد؛ بنسبة 95%.

أثر الأمر على توافر العديد من السِلع والبَضائع الأساسية، ما أدى إلى فقدان العُملة الرسمية "البوليفار الفنزويلي" لقيمتها بشكل غير عادي، وزادت معدلات التضخم بشكل كبير.

التراجع الاقتصادي أسفر عن موجات عارمة، ومتتالية من الغضب الشعبي والاحتجاجات من قبل أغلب أطياف الشعب.

ألقوا باللوم على الحكومة ورأسها الرئيس "نيكولاس مادورو"، الذي تولى السلطة في 2012 بعد وفاة الرئيس الفنزويلي الشهير "هوغو شافيز".

ولكن نظراً لوجود قوى معارضة للحكم المحسوب على اليسار الاشتراكي الفنزويلي، ألقى مؤيدو "مادورو" باللوم على ما أسموه التآمر الإمبريالي لإضعاف الدولة، والتدخل الأجنبي في شؤونها.

هاجرت أعداد كبيرة من الفنزويليين إلى بلاد أخرى هرباً من جحيم الاضطرابات والتظاهرات التي ارتفعت حدتها بشدة في 2017، عندما نزلت حشود كبيرة من المواطنين والطلبة والعمال إلى الشوارع مُطالبين بحياة أفضل.

هل تريد أن تعرف لماذا أيَّد ترامب الانقلاب في فنزويلا؟ 20 عاماً من العداء بين واشنطن وكراكاس تمنحك الإجابة

هل تحركت حكومة "مادورو" لمواجهة الأزمة؟

بحسب ما نشرته BBC البريطانية عن ملف الأزمة، فإن حكومة "مادورو" قامت على إثر الغضب الشعبي وتردي الأوضاع بحركات اقتصادية مثل إلغاء العُملة، وطرح عُملة "بوليفار" جديدة تتناسب مع معدلات التضخم.

كما قامت الحكومة برفع الحد الأدنى للأجور 34 ضعفاً، ورفعت ضرائب القيمة المضافة من نسبة 4 إلى 16 %.

ولكن رغم هذا لم تُصلح تلك الإجراءات الأمور بشكل كبير، واستمر الاقتصاد في التدنّي، مما أشعل الأمور على أكثر من صعيد بخلاف السياسي، ووصل معدل التضخم إلى مليون في المئة (1000000%).

السلطة والمعارضة.. صِدام سياسي

بحسب تقرير معهد Brookings للدراسات حول الوضع في فنزويلا؛ المعارضة الفنزويلية -التي اكتسحت أغلبية مقاعد البرلمان الفنزويلي- كانت دائماً ما تُشير إلى تحجيم صلاحياتها التشريعية.

تتهم المعارضة المحكمة العُليا واللجنة الوطنية للانتخابات بالفساد والموالاة للحاكم وحده وإصدار تشريعات وقرارات تعرقل العملية الديمقراطية في البلاد.

خاصة بعدما دعا البرلمان من قبل في عام 2017 إلى عزل الرئيس "مادورو"، ولكن رُفض اقتراح العزل، وأعلنت الاستيلاء على البرلمان، والإقرار بعدم شرعيته.

وعلى إثر ذلك قامت المعارضة بالحشد لتظاهرات سلمية، واحتجاجات شعبية واسعة استخدمت الحكومة أجهزة الأمن لقمعها، وذهب ضحيتها المئات من المتظاهرين.

اتهمت الدولة ورأسها "مادورو" المعارضة بالتآمر عليها والعمالة لصالح "قوى الإمبريالية الغربية".

في مايو/أيار 2018، انتهت الانتخابات الرئاسية للمدة الثانية في فنزويلا لصالح "مادورو" بنسبة 67.7 %، ولمدة 6 سنوات قادمة هي مدة الفترة الرئاسية؛ وسط إدانة دولية ورفض للاعتراف بشرعية الانتخابات من قِبل أمريكا وكندا والعديد من الدول اللاتينية.

كانت بمثابة رد على "قمع المعارضة" وترسيخ دولة الحزب الواحد.

بدورها دعت حكومة الولايات المتحدة في 12 يناير/كانون الثاني 2019، وبشكل مُباشر، إلى تغيير النظام الحاكم في فنزويلا.

أعلنت دعمها "خوان جواديو" أبرز أقطاب المعارضة ورئيس البرلمان، والذي اعترفت بشرعيته الولايات المتحدة فور إعلانه نفسَه رئيساً للبلاد.

ماذا قال الشاب الذي عيّن نفسه رئيساً لـ فنزويلا في أوّل مقابلة له وماذا عرض على الرئيس؟

مجرمون في مقاعد السُلطة

من بين أبرز القضايا التي تناولتها التحقيقات الصحفية في فنزويلا هي ارتباط العديد من الأفراد في مؤسسات حكومة "مادورو" بالأنشطة الإجرامية، وعصابات الجريمة المنظمة.

وبحسب تحقيق شامل لموقع Insight Crime، فإن هناك أكثر من 100 مسؤول فنزويلي تتباين مناصبهم في الوزارات ما بين الدفاع والخارجية والاستخبارات والحرس الوطني وانتهاءً بـ"طارق العيصامي" النائب السابق للرئيس "مادورو".

هؤلاء المسؤولون على علاقة بالجريمة المنظمة، وتحديداً المُسماة بـ"كارتل الشمس" والتي سُميت كذلك نسبة إلى لَمعة النجوم الذهبية المعدنية على أكتاف الجنرالات المتورطين في أنشطتها.

كما اتهم كُل من ابن أخت ونجل "سيليا فلورس" زوجة "مادورو" في قضية تهريب مخدر الكوكايين إلى الولايات المتحدة.

بخلاف اتهام أحد حراس الرئيس الفنزويلي السابق "هوغو شافيز"، والذي شَغل لاحقاً منصب أمين صندوق المالية الفنزويلي بتلقيّ رشاوى وصل مجموعها إلى مليار دولار أمريكي، وفق WSJ.

المؤيدون بالآلاف.. والجيش يرفض إعلان غوايدو

رغم مسارعة العديد من الدول الغربية بالاعتراف بـ"خوان غوايدو" رئيساً للبلاد؛ وعلى رأسها أمريكا وكندا وبيرو وكولومبيا والبرازيل والأرجنتين وتشيلي وباراغواي، إلا أن دولاً أخرى أعلنت موقفها المؤيد للرئيس "مادورو" وعلى رأسها روسيا وتركيا والمكسيك وبوليفيا.

وبينما غصت شوارع فنزويلا بالآلاف من مؤيدي الرئيس "مادورو" مرتدين الملابس الحمراء، ومعلنين تَمسّكهم برئاسته الشرعية، احتشدت أعداد كبيرة من مُعارضيه بالأزياء البيضاء معلنين تأييدهم للانقلاب الذي قاده رئيس البرلمان.

وكان الجيش الفنزويلي قد أعلن موقفه الرسمي بالفعل عبر تصريح وزير الدفاع فلاديمير بادرينو؛ الذي رفض إعلان "غوادينو" وأن جيش بلاده كذلك لن يعترف بإعلان غوايدو نفسه رئيساً للبلاد.

وبينما قد يرى البعض أن فساد الدولة ورجالها كافٍ للثورة على الأوضاع وحتمية تغيير السلطة؛ إلا أن هناك أصواتاً أخرى تؤيد الإصلاح وتعديل المسار عبر عملية دستورية منظمة بدلاً من إلقاء البلاد في غياهب صراع سياسي كبير.

تحميل المزيد