قفزت سليلة أشهر العائلات الهندية إلى الساحة السياسية يوم الأربعاء 23 يناير/كانون الثاني، لتهز السباق نحو قيادة أكبر ديمقراطية في العالم قبيل الانتخابات المقرر لها وقت لاحق من ربيع هذا العام.
شغلت بريانكا غاندي، التي تبلغ من العمر 47 عاماً، منصباً قيادياً في حزب المؤتمر الوطني الهندي، الذي قاده من قبل جدها الأكبر، ويقوده حالياً أخوها الأكبر راهول غاندي، وفق ما ذكرت صحيفة The Washington Post الأمريكية.
يحاول حزب المؤتمر حرمان رئيس الوزراء ناريندرا مودي من انتخابه لولايةٍ ثانية، وهي مهمةٌ بدت مستحيلة حتى عدة أشهر مضت. لكنه تمكَّن بالفعل من هزيمة حزب المؤتمر حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي -وهو حزب رئيس الوزراء مودي- في ثلاث انتخاباتٍ في البلاد ديسمبر/كانون الأول الماضي، مما يوحي بأن الكفاح من أجل حكم الهند قد يكون أقرب مما هو متوقع.
كان دخول بريانكا غاندي إلى السياسة موضع تكهنات محمومة لسنوات. حتى الآن، كانت غزواتها السياسية محدودة إلى حد كبير بالظهور في مسيرات الحملات الانتخابية التي يعقدها أفراد عائلتها في الدوائر الانتخابية.
غاندي جديد في المدينة.. من هي؟
هي خطيبة حادة وجذابة، تحمل تشابهاً مميزاً مع جدتها، أنديرا غاندي -رئيسة الوزراء الوحيدة في الهند، التي حكمت البلاد من عام 1966 إلى عام 1977 ومرة أخرى من عام 1980 إلى 1984. (لا علاقة للعائلة بالمهاتما غاندي، الزعيم الموقر لكفاح الهند من أجل الاستقلال).
والآن ستشرف بريانكا غاندي على عمليات حزب المؤتمر في الجزء الشرقي من ولاية أوتار براديش. تضم الولاية أكثر من 200 مليون نسمة، وهي الأكثر ازدحاماً بالسكان في البلاد والمكان الذي يُحسَم فيه الفوز أو الخسارة في الانتخابات الوطنية. في عام 2014، جنى حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي ما يقرب من 80 مقعداً الخاصين بالولاية في البرلمان.
ويقول رشيد كيداي، وهو معلق سياسي ومؤلف كتاب سيرة سونيا غاندي، والدة بريانكا المولودة في إيطاليا، إن تحرك بريانكا غاندي للدخول إلى المعترك السياسي هو "تغييرٌ لقواعد اللعبة". وأضاف: "يعتقد حزب المؤتمر أن الانتخابات الوطنية المقبلة لا تحتمل القسمة على اثنين. بريانكا هي سياسية بطبيعتها وتعرف ما يريده الناس.
قادت سونيا غاندي حزب المؤتمر للانتصار في ولايتين متعاقبتين في عامي 2004 و2009، لكن الحزب حقَّق أسوأ أداءٍ له في انتخابات عام 2014 حين اكتسح السلطة مودي بأفكاره الهندوسية المغالية في التعصب الوطني. وخسر أيضاً سلسلة من انتخابات الولاية المتعاقبة لحزب بهاراتيا جاناتا وتقلَّص نفوذه إلى حكم ثلاث ولايات وإقليم نقابي واحد، حتى انتصاراته في أواخر العام الماضي.
وقد انتقد حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم الحركة على الفور على أنها استمرار للسياسة الحاكمة من قبل أحد الأحزاب التي تحتكرها عائلة واحدة. وقال سامبيت باترا، المتحدث باسم حزب بهاراتيا جاناتا، للصحفيين يوم الأربعاء: "أخفق راهول غاندي لذلك فهو بحاجة الى استخدام بريانكا غاندي التي هي من عائلته كعكاز."
بين بريانكا وشقيقها.. هي الأقوى والأكثر جاذبية
وباعتباره أقدم حزب سياسي في الهند، يعود تاريخ حزب المؤتمر إلى حقبة ما قبل الاستقلال. كان جواهر لال نهرو، أول رئيس وزراء للهند، قائداً لحزب المؤتمر. وصل كلٌّ من ابنته، إنديرا غاندي، وحفيده راجيف غاندي، إلى منصب رئيس الوزراء.
دخل راهول غاندي، حفيد نهرو الكبير، السياسة رسمياً في عام 2004. في ذلك الوقت، تساءل البعض علناً عن السبب في أن أخته الصغرى لم تتناول الوشاح بدلاً منه. قال عالم السياسة براتاب بهانو ميهتا في ذلك الوقت إن الانطباع العام هو أن بريانكا "أوضح وأقوى وأكثر جاذبيةً" من أخيها.
وقال راهول غاندي الذي كان متحمساً بشكل واضح، الأربعاء 23 يناير/كانون الثاني 2019، للمراسلين إنه يتطلع للعمل مع أخته. ولم يتضح بعد ما إذا كانت بريانكا غاندي ستترشح للحصول على مقعد في البرلمان، وقال شقيقها إن القرار يعود لها. في غضون ذلك، قال إن الإعلان قد أصاب حزب بهاراتيا جاناتا "بحالةٍ من الذعر".
تقع دائرة رئيس الوزراء نارندرا مودي الانتخابية الخاصة في المنطقة حيث ستشرف بريانكا غاندي الآن على حزبها. في الماضي، لم تتقاعس بريانكا عن مواجهة مودي مباشرةً. في عام 2009، عندما وصف مودي حزب المؤتمر بأنه "امرأةٌ عجوز"، ردت قائلة، إذا ما كانت تبدو عجوزاً أمامه.
بريانكا متزوجة من رجل الأعمال، روبرت فادرا، ولديها طفلان. ورفض زوجها، الذي يخضع للتحقيق في صفقات الأراضي، اتهامه بالفساد لأنه يراه "ذو دوافع سياسية". نشر فادرا رسالة على موقع فيسبوك، يوم الأربعاء كذلك، تهنئ زوجته علنا على الدور الجديد. كتب إليها: "ابذلي أفضل ما لديك".